Loading...



  • إذا كنت حزيناً...
    تأكد انك لست لوحدك و أن الرب يسوع يعرف ما تمر به و يشعر معك لأنه هو نفسه اختبر كل مشاعر الحزن و الألم و الرفض قبلك.
    فهو:  " الخبير في الاحزان "
    رجل اوجاع ومختبر الحزن (اش3:53)

     



    هكذا يصف إشعياء ربنا وحبيبنا يسوع في حياته على الأرض. فكم سمعنا عن شخص وُصف أنه رجل حرب أو رجل فن أو رجل علم أو رجل سياسة، أما "رجل أوجاع" فلم نسمع عنها ابدا. إنها صفة "رب المجد" في حياته على الأرض.

    "أوجاع" تعني أحزان عميقة، فهي ليست نوعاً واحداً من الحزن، بل أشكال متعددة وقد اختبرها الرب كلها وضغطت بكل ثقلها على نفسه الرقيقة الحساسة، فصار "مُختبر الحَزَن" بمعنى مَنْ له دراية كُلية بالحزن.

    دعونا نلقي نظرة على بعض من هذه الأوجاع والآلام (مرقس14: 27-45).

    - "وقال لهم يسوع إن كلكم تشكُّون فيَّ في هذه الليلة" (ع27).

    كان الرب يعلم أن تلاميذه جميعهم سيشكّون فيه. وكيف كان وقعْ هذا عليه!

    - "وجاءوا إلى ضيعة اسمها جثسيماني.. وابتدأ يدهش ويكتئب" (ع32،33).

    ارتسم أمام الرب في ذلك الوقت العار المُشين الذي سيكسر قلبه والتعييرات المُهينة التي ستقع عليه، فأحس بالضيق الشديد يضغط على نفسه. وتزايد الضيق حتى وصل إلى الاكتئاب، وكان الاكتئاب شديداً للحد الذي فيه قال: "نفسي حزينة جداً حتى الموت". يا له من مشهد عجيب!

    فذاك الذي "يشفي المنكسري القلوب ويجبر كسرهم" ها هو يعاني من الحزن الرهيب!

    - "ثم جاء ووجدهم نياماً فقال لبطرس يا سمعان أنت نائم. أما قدرت أن تسهر ساعة واحدة" (ع37).


    كان يسوع منفرداً في تلك الساعة ولم يجد مَنْ يقترب منه ويرثي له. كان يصلي بمفرده بينما أحباءه ينامون "سهدت وصرت كعصفور منفرد على السطح" ( مز 102: 7 ) فلم يجد مَنْ يشاركه آلامه ويخفف عنه أحزانه، وتمت فيه كلمات النبوة "انتظرت رقة فلم تكن ومُعزين فلم أجد" ( مز 69: 20 ).

    - "فجاء (يهوذا) للوقت وتقدم إليه قائلاً يا سيدي يا سيدي وقبَّله" (ع45).

    كانت هذه القُبلة كالطعنة التي نفذت إلى قلبه الرقيق، حتى أن الرب بادر يهوذا قائلاً "يا يهوذا أبقبلة تسلّم ابن الإنسان؟"

    بلا شك أن وقعها على نفسه كان أشد ألماً من وقع البصق على وجهه أو اللطم على خده، فهي لم تكن قُبلة الشركة والمحبة، بل قُبلة الغدر والخيانة.

    عندما تمر بظروف صعبة أو تتعرض للإهانة و الغدر و الرفض من أعز أصدقاءك تذكر أن الرب يسوع يحس بك و يعرف جيداً بما تشعر و أنه معك ولن يتركك كما تركه تلاميذه... فهو حمل أحزاننا و أوجاعنا كلها على الصليب.

    ارفع رأسك و انظر إليه و ثق بأن روحه المعزي سوف يأتي و يرفعك وسط ضيقك.

    .




  •   

     

     

    ورد هذا التعبير في الكتاب المقدس في قصة لقاء نقوديموس مع الرب يسوع ( يوحنا 1:3-21) 

    عندما تكلم يسوع مع نقوديموس قال " الحق الحق أقول لك أن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله. قال له نقديموس كيف يمكن الانسان أن يولد وهو شيخ ألعله يقدر أن يدخل بطن أمه ثانيه ويولد فأجاب يسوع الحق الحق أقوال لك أن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدرأن يدخل ملكوت الله. المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح . لا تتعجب أنى قلت لك أنه ينبغى أن تولدوا من فوق".

    التعبير " الميلاد الثانى" معناه الحرفي " مولود من فوق". 
    كان لدى نقديموس احتياج حقيقى. كان محتاجا لتغيير فى قلبه وتغيير روحى شامل. ميلاد جديد، ميلاد ثانى هذا هو عمل الله حيث أنه من خلال ذلك تُعطى الحياة الابدية لمن يؤمن. 

    ( كورونثوس الثانيه 17:5) ( تيطس 5:3) (بطرس الاولى 1: 3) ( يوحنا الاولى 26:2 ، 9:3 ، 7:4 ، 1:5-4 ، 18) ( يوحنا 12:1-13).

    الميلاد الثانى يعني" أن نصبح أولاد الله" من خلال الثقة فى اسم يسوع المسيح .

    السؤال المنطقي هنا هو " لماذا يحتاج الشخص أن يولد ثانية؟ 

    كتب الرسول الى أهل روميه في 23:3 " إذ الجميع أخطاؤا وأعوزهم مجد الله". لذلك يجب على الشخص أن يولد ثانيه حتى تغفر خطاياه ويكون له علاقة مع الله. 

    كيف يتم ذلك؟ 

    (أفسس 8:2-9) يقول " لأنكم بالنعمه مخلصون بالايمان وذلك ليس منكم هو عطية الله . ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد .

    عندما يخلص الشخص فإنه قد ولد ثانيه، وقد تجدد روحيا وأصبح ابن الله حسب حقه فى الميلاد الثانى. الثقه فى يسوع المسيح الذى دفع ثمن خطايانا عندما مات على الصليب هو معنى الميلاد الثانى روحيا . " إذا كان أحد فى المسيح فهو خليقه جديدة" (كورونثوس الثانيه 17:5).


     لقد شدّد الرب يسوع على وجوب حصول الولادة الثانية لنوال الحياة الأبديّة، إذ قال:"ينبغي أن تُولَدوا من فوق" (يوحنّا 3: 7). مَن يهتمّ بمصيره الأبديّ لا يهمل الموضوع، بل يبحث فيه ليعرف ما هي الولادة الثّانية، وكيف تتمّ. 

    فالولادة الثّانية هي أوّلاً عمليّة خلق جديد، حيث يتجدّد الإنسان روحيًّا ويلبس الإنسان الجديد "المخلوق بحسب الله في البِرّ وقداسة الحقّ" (أفسس 4: 23-24). في الولادة الثّانية يصير الإنسان في المسيح "خليقة جديدة" مُتحرّرة من الخطايا الّتي لوّثت حياته (2كورنثوس 5: 17). يعجز الإنسان بطبيعته البشريّة الخاطئة الّتي حصل عليها بالولادة الجسديّة، أي الولادة الأولى، أن يعيش حياة البِرّ والقداسة. ويحتاج إلى أن يُولَد ثانية ليصير خليقة جديدة طاهرة ومنتصرة على الخطيّة في المسيح يسوع.

    الولادة الثّانية هي أيضًا إحياء روحيّ جديد. فنحن البشر أموات بسبب خطايانا، وفي الولادة الثّانية يُحيينا الله مع المسيح (أفسس 2: 5). فطالما أنّ الإنسان يُمارس الخطيّة، فهذا يعني أنّه ما زال تحت حكم الموت، والمسيح خارج أسوار حياته. يحتاج الإنسان إلى أن يولَد ثانية من الله لكي لا يعود يخطئ. يؤكّد الرّسول يوحنّا أنّ المولود من الله لا يستطيع أن يُخطئ (1يوحنّا 3: 9). فبالولادة الثّانية ينال حياة جديدة ومقدّسة وأبديّة في المسيح (1يوحنّا 5: 11-12). 

    وفي الولادة الثّانية يصير الإنسان المخلوق من الله ابنًا له، ومن دونها لا يمكنه أن ينال هذا التّبنّي. ليصير ابنًا عليه أن "يُولَد من الله"، وذلك بقبوله المسيح مُخلّصًا وربًّا، بالإيمان، عندها يأتي الرّوح القدس ويُجدّد روحه. وهذا عمل روحيّ لا دخل فيه لولادة جسديّة أو لانتماء عائليّ أو طائفيّ (يوحنّا 1: 12-13). إذًا، يستطيع أيّ إنسان أن يطلب الحياة مع المسيح وفيه، وينالها بالولادة الثّانية. فمَن يولد ثانية يصير ابنًا لله، وابنًا للملكوت ويحيا الحياة المقدَّسة.

    إذا كنت لم تقبل يسوع المسيح كمخلص من قبل هلى يمكنك الاصغاء لصوت الروح القدس وهو يكلم قلبك؟ أنت تحتاج للميلاد الثانى. هلى ستصلي صلاة التوبه وتصبح خليقه جديده فى المسيح اليوم؟ 

    إذا أردت أن تقبل يسوع المسيح كمخلصك وتريد أن تختبر الولادة الثانية إليك هذه الصلاة البسيطة. تذكر أن ترديد هذه الصلاه أو أيه صلاه أخرى لن يخلصك. الثقه فى المسيح هى الشىء الوحيد الذى يخلصك من الخطية. هذه الصلاة هى ببساطة تعبير لله عن إيمانك به وشكرك له على الخلاص.

    يا رب. أنا أعلم أننى أخطأت أمامك وانى أستحق العقاب ولكن يسوع المسيح تحمل عنى خطيتى ومن خلال أيمانى به يتم الغفران. أننى أبتعد عن خطاياى وأضع ثقتى فيك للخلاص. أشكرك على نعمتك الغنيه وعلى غفرانك وعلى هبة الحياة الابدية. آمين.

    يقول الكتاب المقدس "وأما الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أى المؤمنون بأسمه الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئه جسد ولا من مشيئه رجل بل من الله" (يوحنا 12:1-13).

    هل اتخذت قراراً بأن تتبع يسوع بسبب ما قرأته هنا؟
    إن كان كذلك، من فضلك اقرأ " لقد آمنت بالمسيح.. ماذا الآن ؟ " لكي تتعرف على الخطوة التالية.

    .

     

     

      




  • هل أصاب كلمة الله التحريف أو التزوير؟
    هناك من يقول إن الكتاب المقدس بوضعه الذي بين أيدينا، ليس هو الكتاب الأصلي الموحي به، بل قد عبثت به الأيدي، وأجرت فيه التزوير والتبديل. لكن اتهاماً خطيراً كهذا، في أمر خطير وجوهري كهذا، لا يجوز أن يُلقى هكذا جزافاً، إذ أنه يتضمن هجوماً على الله العظيم، وقدرته وحكمته وإن من يريد أن يوجه للكتاب ولصاحب الكتاب هذا الاتهام الخطير، عليه تحرى منتهى الدقة فيما هو فاعله. ويجب أن يكون قادراً على معرفة:

    متى؟ ومن؟ وماذا؟ ولماذا؟
    • متى تم التزوير؟
    • من الذي قام بالتزوير؟
    • ماذا كان قبل أن يتم تزويره؟
    • ولماذا قام المزور بالتزوير؟
     
    أولاً: متى تم التزوير؟
    إنها معضلة! لأن الكتاب المقدس كان قد تُرجم من بداية العصر المسيحي إلى لغات عديدة، وانتشر ابتداء من القرن الثاني الميلادي بكثير من اللغات في ربوع الأرض كلها، هذا بخلاف ترجمة العهد القديم إلى اليونانية المعروفة بالترجمة السبعينية التي تمت قبل الميلاد بنحو 280 سنة. فهل كان هناك من يستطيع أن يصل إلى كل النسخ الموجودة في كل العالم، بكل تلك اللغات ليُحرفها جميعاً.
    ثم يصل أيضاً إلى المؤلفات والكتابات العديدة التي اقتبست من الكتاب المقدس ليُجرى فيها نفس التحريف أليس هذا عين المستحيل؟!
     
    ثانياً: من الذي قام بالتزوير؟
    بالنسبة لأسفار العهد القديم لا يُعقل أن يكون اليهود هم الذين زوروها. فبالإضافة إلى شهادة المؤرخين على غيرة اليهود الشديدة في الاحتفاظ بالأسفار التي عندهم وهو نفس ما تقوله عنهم كلمة الله رومية 3: 2، فإنهم لو كان التحريف أمراً وارداًعندهم لحذفوا من التوراة الويلات الموجهة إليهم باعتبارهم شعب صلب الرقبة. ولبدلوا الأحداث التي تسيء إلى أنبيائهم، بل ولكانوا استأصلوا من التوراة الآيات والنبوات التي تتحدث صراحة عن صلب المسيح وموته وقيامته، وما أكثرها مثل مزمور 22، إشعياء 53 لأن هذه الأقوال تسبب لهم مشاكل هم في غنى عنها طالما كان مبدأ التحريف وارداً.
    كما لا يُعقل أن يكون المسيحيون هم الذين زوروها، لأنهم في هذه الحالة كانوا سيصطدمون مع أعدائهم التقليديين اليهود، فالتوراة التي عندهم هي نفسها التي عند اليهود.
    أما بالنسبة لأسفار العهد الجديد، نقول إن الخلافات العقائدية والمذهبية بين الكنائس من أول عهدها كانت تقف مانعاً هائلاً إزاء محاولة أي فريق منهم القيام بهذه الفعلة الآثمة.
     
    ثالثاً: ماذا كان قبل أن تُجرى فيه عملية التزوير المزعومة؟
    لقد اكتُشف عشرات الآلاف من المخطوطات القديمة للكتاب المقدس كما سنوضح بعد قليل، ولم يعثر أحد على نسخة واحدة مخالفة لما بين أيدينا. أليس هذا يدحض تماماً الزعم بتزوير الكتاب؟!
    ما قيمة تهمة واضح كذبها ولا يسندها دليل واحد؟!
     
    رابعاً: لماذا يحدث التزوير؟
    إنه أمر معقول أن يزور الإنسان ليجنى من تزويره هذا مغنماً معيناً، أو لينجوا بواسطته من خطر معين. أما أن يكذب الإنسان وهو عالم أن كذبه وتزويره لن يعطياه تاجاً بل صليباً، لا نعيماً بل اضطهاداً، فهذا ما لا يقبله العقل.إن التاريخ يشهد أنه طوال القرون الثلاثة الأولى للمسيحية لم يكن نصيب من يتبع المسيح سوى الاضطهاد والموت. وهذا يبعد تماماً شبهة التزوير عن الرسل أو من عاصروهم من المسيحيين الأوائل.
    ثم إن الإنسان قد يكون مستعداً أن يموت دفاعاً عما يتوهم هو أنه حق، وليس دفاعاً عما يوقن أنه كذب.. قطعاً ما كان المسيحيون الأوائل سيضحون بحياتهم أو راحة بالهم في سبيل هذا الكتاب، لو كان هذا الكتاب مجرد أكذوبة!
     هذا يأتي بنا إلى مسألة هامة أعني بها:
    المخطوطات القديمة
    دع الأرقام تتكلم:
    لا يوجد في كل العالم كتاب يضارع الكتاب المقدس من حيث عدد المخطوطات القديمة المُكتشَفة له:
    فهناك نحو 5300 مخطوط يوناني قديم للعهد الجديد.
    بالإضافة إلى 10000 نسخة من الفولجاتا الترجمة اللاتينية للكتاب المقدس.
    وما لا يقل عن 9300 من المخطوطات القديمة بخمس عشرة لغة مختلفة.
    أما الكتاب الذي يلي الكتاب المقدس من حيث عدد المخطوطات القديمة فهو إلالياذة للشاعر الإغريقي هوميروس. واكتشف لها فقط 643. فتصور الفارق الهائل بين 24600 وبين 643 وهو الفارق بين مخطوطات الكتاب المقدس ومخطوطات الكتاب التالي له مباشرة!!
    ولهذا فقد قال أحد العلماء إننا لو اعتبرنا الكتاب المقدس مجرد عمل أدبي قديم وأخضعنا مخطوطاته القديمة للبحث النقدي، في باستخدام اختبارات ومعايير دقيقة متنوعة سيتضح لنا أن الكتاب المقدس هو أكثر الكتب في العالم على الإطلاق مدعاة للثقة بنصوصه، بحيث أن الناقد الذي يطعن في صحة الكتاب الذي بين أيدينا لتشككه في مخطوطاته، فإنه سيتحتم عليه، بناء على نفس المعايير التي استخدمها، أن يرفض كل الأعمال الأدبية القديمة الأخرى!.
    إن المخطوطات العبرية المكتشفة للعهد القديم تعد بالمئات. والعجيب أن هذه النسخ اكتشفت في أماكن متفرقة في العالم، كما اكتشفت على فترات زمنية متباعدة، ويرجع تاريخها إلى أزمنة مختلفة، إلا أنه عند مقابلتها معاً وجدت متطابقة. ولقد قام بعض العلماء بفحص ما يزيد عن خمسمائة من هذه النسخ فوجدت في تمام المطابقة رغم تباعد البلدان التي اكتشفت فيها، وتباعد الأزمنة التي ترجع إليها مما يثبت صحتها جميعاً.
    أما بالنسبة لأسفار العهد الجديد، فبالإِضافة إلى المخطوطات القديمة جداً والتي يرجع تاريخها إلى ما بعد أيام الرسل مباشرة، فإنه لدينا ما اقتبسه الآباء من الكتاب المقدس الذي وُجد أنه يغطى تماما كل آيات العهد الجديد باستثناء 11 آية فقط!!
    وأهم المخطوطات اليونانية للعهد الجديد هي النسخة السكندرية التي عثر عليها في الإِسكندرية عام 1624 وهي موجودة حالياً في المتحف البريطاني. والنسخة الفاتيكانية، وهي موجودة الآن في الفاتيكان. والنسخة السينائية التي اكتشفت في دير سانت كاترين نحو عام 1850م، وهي موجودة أيضاً في المتحف البريطاني. والنسختان الأخيرتان يُقال إنهما كتبتا بناء على أمر الامبراطور قسطنطين نحو عام 330م.
    أعظم الاكتشافات – اكتشاف قمران
    قمران هذه بقعة تقع في الشمال الغربي للبحر الميت. وحدث في ربيع عام 1947 أن اكتشف أحد الرعاة، عن طريق المصادفة، كهفاً به إناءان من الفخار يحتويان على 11 من المخطوطات القديمة. بيعت هذه المخطوطات، ووصل ستة منها لأستاذ في الجامعة العبرية، والخمسة الباقية وصلت إلى رئيس أساقفة دير مرقس السريانى الذي أرسل تلك المخطوطات إلى المعهد الأمريكي للدراسات الشرقية بالقدس فتبين أنه نسخة كاملة من سفر إشعياء. كما أرسل الكتان الذي كان يغلف المخطوطات إلى معهد الدراسات النووية بشيكاجو بأمريكا، فتبين أنه يرجع إلى ما بين 167 ق.م إلى 233م.
    كان لهذه النتيجة دوى عظيم في كل العالم الديني، فتوجهت بعثة للتنقيب في خرائب قمران، فتوالت اكتشافات مزيد من هذه الكهوف. وفي عام 1957 اكتشف 11 كهفاً تحوى 400 مخطوط. وفي أحد الكهوف وجد أكثر من عشرة آلاف قصاصة من مخطوطات متعددة غطت أجزاء من كل أسفار العهد القديم تقريباً.
    واتضح بالبحث أن هذه الكهوف كانت ملجأ للمؤمنين من اليهود نحو عام 125 ق.م إذ عثر على عملات من هذا التاريخ في الكهوف المكتشفة!
    ولكن الشيء المعزي حقاً، أنه لما قورنت المخطوطات المكتشفة والكاملة لسفر إشعياء، هي تعود إلى القرن الثاني قبل المسيح مع السفر الذي بين أيدينا كلمة بكلمة، وجد أنه لا اختلاف فيها على الإطلاق!!
     
    أبعد هذا تلزم مناقشة أو مجادلة؟
     

     

     

     


    إلى الأبد يا رب كلمتك مثبتة في السموات. إلى دور فدور أمانتك  ( مزمور 119: 89، 90 )

    .




  • أولا : قوة سلطانه و تأثيره في الإنسان 
    لا يوجد كتاب أثٌر ففي تاريخ البشرية بعمق مثل ما فعل الكتاب المقدس. ولا يوجد شيء ففي الوجود كُتبت عنه المؤلفات التالي يستحيل حصرها مثل ما حدث مع الكتاب المقدس.
    ولا عجب، فهو بخلاف الكتب البشرية، يناسب كل شعوب العالم، متخطياً حدود القومية، مما يبرهن أن مصدره سماوي. وهو كتاب كل العصور إذ لا يوجد كتاب قديم مثله لازال البشر يقرأونه بشغف ولذة وخشوع، مما يدل على أن صاحبه هو الله الأزلي ألهى. وهو كتاب الأجيال كلها، إذ لا توجد قصص ملذة للصغار مثل قصص الكتاب المقدس، ولا نصائح أكثر نفعاً للشباب من نصائح الكتاب المقدس، ولا رفيق للرجال أو أنيس للشيوخ أعظم أو ألذ من الكتاب المقدس.
    قال هيجل فيلسوف الألمان إن الكتاب المقدس كان لي وقت مرضى خير معز.
    وقال المخترع الأصلي جورج سلدن وهو على حافة الموت : ليس هناك كتاب ففي الوجود ترتاح إليه نفوسنا عند الموت إلا الكتاب المقدس
    إن من يقرأ الكتاب المقدس فإنه سينحني بخشوع أمام سلطانه غير المحدود، وإلا فإنه سيقاومه.

    لماذا يحبه المؤمنون؟
    لأنه : أحلى من العسل وقطر الشهاد مزمور 19: 10.

    ولماذا يكرهه الناس؟
    لأنه : الحق الذي يصل إلى الضمائر فيبكتها.

    ولماذا يقاومونه؟
    لأنه سيف الروح أفسس 6: 17. والناس لا يتسلحون في مواجهة القش، بل في مواجهة السيف الذي يرتعبون من مضاء حديه!!
    مرة وقف أحد المبشرين يعظ، فقاطعه فيلسوف كان حاضراً الاجتماع بالقول: من قال إن الكتاب الذي تعظ منه هو كتاب الله؟ فرد المبشر عليه بهدوء طالباً منه إن كان بوسعه أن يحضر إلى الاجتماع في اليوم التالي ومعه شخص واحد كان معروفاً في المدينة بفساده وشره، ولما قرأ فلسفاته أو أية فلسفة أخرى تغيرت حياته إلى حياة جديدة فاضلة. وفي المقابل لذلك فإنه أي المبشر مستعد أن يحضر معه عشرات ممن كانوا أشراراً وسكيرين وتعساء، لكن الكتاب المقدس بدّل حياتهم إلى حياة التقوى والسعادة!
    عندما كان الشاعر والقصصي الإنجليزي الشهير والتر سكوت على فراش الموت، قال لصديقه وصهره لوكهارت أن يقرأ له في الكتاب. ولما نظر ذاك إلى المكتبة الضخمة، وما فيها من آلاف الكتب، سأله أي كتاب تقصد؟ أجاب السير والتر: لا يوجد سوى كتاب واحد يجب أن ندعوه الكتاب، وهو الكتاب المقدس!
    نعم، صدقت يا والتر، فإن كتاب الكتب هذا هو وحده الكتاب لأنه هو كتاب الله.

    ثانيا : وحدة موضوعه وعدم مناقضة أجزائه بعضها لبعض
     إنك إذا قرأت الكتاب المقدس بإخلاص سوف تُقِر بالوحدة العجيبة التي تجمعه. وكم يبدو هذا غريباً إذا عرفت أنه كتب بواسطة كُتّاب مختلفين، عاشوا في أزمنة متباعدة، وظروف اجتماعية متباينة؛ مبتدأ بموسى الذي تهذب بكل حكمة المصريين، منتهياً بيوحنا صياد السمك الذي هو عديم العلم وعامي. الأول كتب أسفاراً خمسة في أولى أسفار الكتاب، والأخير كتب أيضاً أسفاراً خمسة في آخر أسفار الكتاب. موسى كتب أسفاره الخمسة في التيه في سيناء، وهو محاط برمال البرية، والأخير كتب آخر أسفاره الخمسة سفر الرؤيا في النفي في جزيرة بطمس، وهو محاط بمياه البحر. وبين أول وآخر من كتب مرت 1600 سنة، أي نحو أربعين جيلاً فيها قام نحو أربعين كاتباً مختلفاً بكتابة أسفار الكتاب المقدس.
    كان بين من استخدمهم الروح القدس لكتابة أسفار الكتاب المتعلم كلوقا الطبيب والأمي كعاموس جاني الجميز، الفيلسوف كبولس والشاعر كداود، القائد العسكري كيشوع والكاتب الذي كعزرا، كان فيهم العظماء: ملك ورئيس وزراء، كسليمان ودانيال، وكان فيهم البسطاء: عشار ونجار، كمتى ويعقوب. لكن على الرغم من ذلك التنوع والتباين في الكُتَّاب خرج في النهاية كتاب واحد، فكر متجانس يربط صفحاته معاً من الأول إلى الآخر. مما يؤكد أن الكُتّاب البشريين كتبوا واحداً تلو الآخر وماتوا، لكن الكاتب الحقيقي، استمر من الأول للآخر، وهو الروح القدس.
    ثم إنك لتلحظ تقدماً في الإعلان. فالقضاة عرفوا أكثر من الآباء، والأنبياء أكثر من القضاة، والرسل أكثر من الأنبياء، دون أن يكون هناك أدنى تعارض بين ما أعلنوه جميعاً بالوحي. أليس هذا عجيباً؟!
    ثم ما أروع تكامله التاريخي! فالكتاب المقدس يغطى تاريخ البشرية من البداية إلى النهاية دون فجوات تاريخية. فسفر ينتهي ليبدأ سفر آخر من حيث انتهى سابقه تماماً، كأن الكاتب الأول سلم الراية لمن تلاه. مع أنهما قد لا يكونان التقيا على الأرض إطلاقاً!
    هذا التكامل التاريخي لم يكن من عمل إنسان، لكنه نما شيئاً فشيئاً عبر الأجيال حتى برز إلى الوجود بهذا الكمال المعجزي. والواقع أنه بدون الكتاب المقدس لظلت صفحات كثيرة في التاريخ لا نعلم شيئاً عنها. الكتاب المقدس هو أعظم كتاب تاريخي على الإطلاق!!
    ثم تأمل معي موضوع الكتاب المقدس. إن موضوعه من الأول للآخر هو المسيح. ومن لا يفهم هذه الحقيقة سيتعذر عليه فهم الكتاب المقدس، وتختلط الأمور في ذهنه كما حدث مع تلميذي عمواس انظر لوقا 24: 27. وبالإجمال نقول إن العهد القديم كله يشير متقدماً إلى الشخص الذي سيأتي، والعهد الجديد يشير راجعاً إلى الشخص الذي أتى:
    في أسفار موسى نرى صوراً ورموزاً عن المسيح.
    وفي كتاب الأنبياء نجد النبوات عن المسيح.
    وفي المزامير نستمع إلى مشاعر المسيح وهو على الأرض.
    ثم في الأناجيل إذ نلتقي بشخصه فعلاً فان لنا الحقائق الخاصة بالمسيح.
    وفي الرسائل نجد ثمار المسيح التي ينبغي أن تظهر في تابعيه.
    لكأننا في العهد القديم نرى المسيح مُظلَلاً، وفي العهد الجديد نراه مُعلَناً. وكما أن المساء والصباح يوم واحد، هكذا العهد القديم والعهد الجديد كتاب واحد. أليس هذا كله عجيباً!!
     
    ثالثا : صدق  نبواته
    إن نبوات الكتاب المقدس هي واحد من أقوى الأدلة على وحيه. لأن من يستطيع أن يخبرنا عما سيحدث بعد مئات وآلاف السنين سوى الله؟  فإذا كان هذا الكتاب يحتوى على نبوات قيلت قبل حدوثها بأجيال وقرون وتمت بكل دقة، فهذا دليل لا يُنقَض على أنه فعلاً كلمة الله.

    لقد حسب أحد الدارسين عدد نبوات الكتاب المقدس فوجدها 10385 نبوة. ولهذا فقد أطلق الرسول بطرس على هذا الكتاب الكلمة النبوية وقال إننا نفعل حسناً إن انتبهنا إليها 2بطرس 1: 19.
    إن نبوات عديدة في العهد القديم تثير الدهشة ليس لمجرد كونها نبوات، و لكن لكونها تحدثت عن مجيء شخص معين لخلاص البشرية . و أعجب من ذلك هو أن تتم هذه النبوات بحذافيرها في الوقت المعين لها . وعد الله منذ ستة آلاف سنة بمن يسحق رأس الحية ,  و بعد أربعة آلاف سنة تمت النبوة , وولد المسيح الموعود بولادته في بلدة بيت لحم حسب نبوة ميخا النبى ( ميخا 5:22) ولد حسب النبوات ( إشعياء 7:14و 9 :6) و عاش حسب النبوات ,  ورفع الى الصليب حسب النبوات ,ودفن حسب النبوات و قام بموجبها أيضا , ظافرا منتصرا على الموت و هو جالس في يمين العظمة منتظرا الوقت المعين ليتم ما لم يتم منها .  

    لقد وردت في العهد القديم نحو 333 نبوة عن المسيح. ومن أبرزها:
    إنه سيولد من عذراء إشعياء 7: 14 انظر متى 1: 22, 23
    وإنه سيولد في بيت لحم ميخا 5: 2 انظر متى 2: 5, 6
    وعن إلتجائه إلى مصر هوشع 11: 1 انظر متى 2: 15
    وعن حياته الكاملة الفريدة إشعياء42: 14 انظر متى 12: 14 21
    وعن دخوله إلى أورشليم في موكب راكباً على جحش زكريا 9: 9 انظر متى 21: 4,5
    وأن أحد تلاميذه سيخونه مزمور41: 9 انظر يوحنا 13: 18
    وعن موته على الصليب مزمور22: 6 انظر متى 27: 35
    وعن دفنه في قبر رجل غنى إشعياء53: 9 انظر متى 27: 5760
    وعن قيامته مزمور16: 10 انظر أعمال 2: 31
    هذه النبوات وكثير غيرها يتضمنها الكتاب العظيم، كتاب الله وهي موجودة في توراة اليهود الذين يكرهون يسوع وينكرون أنه المسيح.
    فهل تمت هذه النبوات كلها في الرب يسوع مصادفة أم أن وجودها في التوراة يؤكد أن هذه التوراة في جزء من كتاب الله العظيم، الكتاب المقدس؟!
    للإجابة على هذا الاستفسار اختار أحد علماء الرياضيات بأمريكا، واسمه بيتر ستونر، أوضح 48 نبوة من هذه النبوات التي تزيد على الثلاثمائة. ثم طبق نظرية الاحتمالات في أن تتحقق تلك النبوات عن طريق المصادفة في شخص واحد. فماذا كانت النتيجة؟
    لو كان الأمر مجرد صدفة ولم تكن هذه النبوات جزءاً من كلمة الله الذي يعرف النهاية من البداية فإن احتمال حدوث هذه النبوات الثماني والأربعين فقط في شخص واحد هو فرصة واحدة أمام رقم هائل يكتب هكذا:
    واحد وأمامه 181 صفراً!!!
    ملاحظة بسيطة لتصوير مقدار عظمة هذا الرقم فإننا سوف نأخذ الرقم
    100,000,000,000,000,000
    أي واحد وأمامه 17 صفر
    فلو أحضرنا عدد من الليرات  تساوي هذا الرقم وفرشناها على أرضية مصر لغطيناها بعمق 60 سنتيمتر، والآن خذ احدى هذه الليرات وضع عليها علامة واخلطها مع بقية الليرات وانثرها على ارض مصر، ثم غطّ عيني شخص واطلب منه أن يسافر حيثما يشاء ليستخرج هذه الليرة. أي فرصة تكون أمامه ليجد هذه الليرة؟؟؟؟
    فكيف إذا أتينا إلى الرقم واحد وأمامه 181 صفراً
    إن عدد الالكترونات في كل الكون قد لا تساويه؟؟
     
    ألا يكون رفض الكتاب المقدس والحال هكذا هو كمن يرفض الاعتراف بنور الشمس؟!
     
    رابعاً : دقته العلمية
    مع أن الكتاب المقدس ليس كتاباً علمياً بل هو كتاب روحي، يكلمنا عن الخالق لا الخليقة، وعن الخلاص ألهي لا نظريات العلم المرتبطة بالعالم الذي يزول. ومع أنه لم يُصغ في أسلوب علمي وإلا استحال على البشر البسطاء أن يفهموه، ومع أنه لم يركز على الحقائق العلمية وإلا لتعارض مع أفكار البشر في فترات كثيرة كانت العلوم فيها لازالت في بدايتها، لكنه مع كل هذا كتاب دقيق جداً من الناحية العلمية إذا أشار عرضاً لأي من حقائق العلم.
    في سنة 1861 أعلنت الأكاديمية الفرنسية للعلوم عن اكتشافها 51 غلطة في الكتاب المقدس. لكن مع تقدم العلم صحح العلم نفسه، وقلٌت هذه الغلطات المنسوبة للكتاب. ثم مع مرور الأعوام، إتضح أن الأخطاء الواحد والخمسين كانت كلها أخطاء الأكاديمية لا أخطاء الكتاب المقدس!!
    وسنذكر القليل جداً من الحقائق العلمية المذهلة التي في الكتاب المقدس:
    1 كروية الأرض:
    التي كان أول من اكتشفها كولومبس عام 1492. لكن إشعياء، قبل الميلاد بنحو سبعمائة عام، قال عن الله
    الجالس على كرة الأرض وسكانها كالجندب إشعياء 40: 22.
    2 الفضاء السابح فيه الكون:
    قبل كتابات اسحق نيوتن عام 1687 لم يكن الناس يعرفون ذلك. لكن أقدم سفر في الكتاب المقدس سفر أيوب سجل هذه الحقيقة بكل وضوح
    يمد الشمال على الخلاء ويُعلٌق الأرض على لا شيء أيوب 26: 7.
    3 إستهلاك كتلة الأجرام السماوية:
    أوضح العلم الحديث أنه نتيجة ما تشعه الأجرام السماوية من طاقة حرارية وضوء فإنها تفقد مقداراً معيناً من كتلتها باستمرار. ولقد أشار الكتاب المقدس من نحو ثلاثة آلاف سنة لهذه الحقيقة في أسلوب رائع لما قال عن هذه الأجسام
    هي تبيد.. وكلها كثوب تبلى مزمور 102: 26، عبرانيين 1: 11.
    ونحن نعرف أن الثوب لا يبلى دفعة واحدة، بل تتناقص جدته شيئاً فشيئاً، ويأخذ في القدم يوماً بعد يوم. هكذا الأجرام السماوية!!
    4 تحلل العناصر:
    لم يكن أحد يتحدث عن تحلل العناصر قبل القرن العشرين عندما جاء البرت إينشتين بتفجيره النووي، التفجير الذي يصاحبه ضجيج رهيب وحرارة هائلة. لكن الرسول بطرس، صياد السمك، كان قد سبق وتحدث عن هذا الأمر إذ قال:
    يوم الرب الذي فيه تزول السموات بضجيج وتنحل العناصر محترقة..
    .. تنحل السموات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب
    2بطرس 3: 10 12.
    وهناك قصتان طريفتان عن الدقة العلمية للكتاب.
    القصة الأولى: عن العالم متى موري، الذين يسمونه أبا المسالك البحرية، إذ كان أول من رسم الخرائط لطرق البحار وأسٌس علم جغرافية المحيطات. فلقد حدث أثناء مرض ذلك العالم أن دعا ابنه ليقرأ له في الكتاب المقدس فقرأ له في سفر المزامير، ولفت نظره قول داود في مزمور 8: 8 إن الرب مسيطر على سمك البحر السالك في سبل المياه
    أستوقف الأب ابنه وطلب منه إعادة قراءة الآية مرة ثانية. ولما سمعها ثانية قال هذا يكفى، طالما أن كلمة الله قالت إن هناك سبلاً في المياه، فلابد أنها هناك، وسأكتشفها. وبعد سنوات قليلة كانت أول خريطة عن هذا العلم الكبير قد رسمها ذلك العالم!
    القصة الثانية: حدثت إذ كان أحد ضباط الجيش الأبدي يلقى على زملائه محاضرة عن الكهرباء، وأخذ يوضح الإكتشاف العظيم للورد كلفن، الذي كان من شأنه أن يلمع اسمه، وهو أن المطر يحدث دائماً بسبب تفريغ شحنة كهربائية. وكان هذا الضابط مؤمناً، فاشار إلى كتاب قديم كان معه وقال: لكن أيها السادة أنا أملك كتاباً أقدم من جون كلفن، سبق اللورد في هذا الإكتشاف.. هذه المفاجأة أثارت شغف الضباط، مما جعلهم بعد المحاضرة يلتفون حول الضابط ليسألوه عن هذا الكتاب القديم الذي أشار إلى اكتشاف كلفن. فأخرج لهم كتابه المقدس وقرأ لهم مزمور 135: 7، إرميا 10: 13.

    خامساً: حفظه و بقاءه رغم التحديات و الاضطهادات 

    لقد واجه الكتاب المقدس تحديات ثلاثية رهيبة، في حقب متعاقبة ثلاث:
    أولاً: من السلطة السياسية الحاكمة، تمثلت ذروتها في اضطهاد الإمبراطورية الرومانية الوثنية له، في القرون الثلاثة الأولى للمسيحية.
    ثانياً: من السلطة الدينية ذاتها في العصور الوسطى المظلمة، إذ حجبته الكنيسة عن الناس ومنعت تداوله، بل واضطهدت حتى الموت من تجاسروا على ترجمته أو نشره.
    ثالثاً: من الهيئات الفكرية، عن طريق الملحدين من الفلاسفة ابتداء من عصر النهضة وحتى اليوم.

    وبالرغم من هذه الإضطهادات الوحشية التي هدفت إستئصال كتابنا المقدس  و بالرغم من إحراق آلاف النسخ منه،  ما يزال يزداد إنتشارا في عالمنا هذا أكثر من أي كتاب آخر. نعم إبليس أفرغ عليه جعبة أسلحته النارية، و لكن كتاب الله ما يزال منتصرا , لان الله الكلي القدرة هو الذي يحفظ كلمته و هو يعلن لنا " بأن الجبال ستزول والآكام ستتزعزع و لكن كلمة واحدة من كتابه لن تزول " ( إشعياء 54: 10 و متى 24 : 35 ) إنه حصن إيمان المسيحية واسم الرب فيه البرج الحصين الذي يركض إليه الصديق و يتمنع .
     
    ولضيق المقام، أكتفي بالإشارة إلى التحدي الثالث المستمر حتى اليوم، وأذكر هنا حادثة لها مدلولها البليغ عن الملحد الفرنسي الشهير فولتير، الذي قال متهكماً على الكتاب المقدس إنه في خلال مائة عام سيختفي الكتاب المقدس من الأرض ويدخل التاريخ ومرت المائة عام فيها دخل فولتير التاريخ، وأما الكتاب المقدس فلازال حياً، ويهب الحياة لكل من يقرأه ويطيعه. ومن سخريات التاريخ أن مطبعة فولتير القديمة، وبيته نفسه، عرضا للبيع بعد موته، واشترتهما جمعية الكتاب المقدس واستخدمتهما في طبع وتخزين الكتاب المقدس!!
    وحدث عندما أرادت الحكومة الشيوعية في روسيا التخلص من كل ما هو مسيحي لديها أن عرضت للبيع النسخة السينائية للكتاب المقدس التي أشرنا إليها فيما سبق فاشترتها الحكومة البريطانية منها نظير مبلغ نصف مليون دولار. وفي نفس ذلك اليوم بيعت الطبعة الأولى لأعمال فولتير من مكتبات باريس بمبلغ 11 سنتاً!!!
    أجل إنه كتاب الله؛ لأنه الكتاب الذي صمد رغم كل المقاومات والتحديات، كما برهن على ألوهية مصدره بكل المعايير وأمام كل الامتحانات. إنه الكتاب الذي كتبه بالوحي العشرات، واشترك في ترجمته الآلاف، ويقوم بطبعه وتوزيعه الربوات، ويحبه ويقرأه الملايين.
     
    والآن بعد أن عرفت أن هذا الكتاب الفريد الذي ليس له نظير هو كلمة الله، فماذا أنت فاعل بهذه الكلمة؟
    عندما يتكلم الله أليس من الواجب أن نسمع؟
    أسمعي أيتها السموات وأصغي أيتها الأرض لأن الرب يتكلم
    إشعياء 1: 2.
    وعندما يتنازل الله ليعطينا كتاباً، ألسنا مسئولين أن نقرأه ونفهم ما فيه؟
    فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية وهي التي تشهد لي يوحنا 5: 39
    أما من يرفض هذا الكتاب ويحتقره، أو من يحاول النيل من محتوياته، أو أن يحرفه عن قصده، فإنه على نفسه وحده سيجني. وما أمّر ما سوف يجني!!
    قال الحكيم: من ازدرى بالكلمة يخرب نفسه أمثال 13: 13.
    وقال يوحنا الحبيب عن هذا الكتاب
    إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات.. وإن كان أحد يحذف.. يحذف الله نصيبه من سفر الحياة
    رؤيا 22: 18, 19
    وقال الرسول بطرس عن الكتب فيها أشياء.. يحرفها غير العلماء.. لهلاك أنفسهم 2بطرس 3: 16.


    وأما إذا كنت مؤمناً بهذا الكتاب فطوبى لك. 

    .




  •  

    المسيحي الحقيقي ليس هو الذي يذهب إلى الكنيسة أو يكون مسجلاً في الهوية بأنه مسيحي .. ولكن الشخص المسيحي هو الذي لديه علاقة شخصية ولصيقة مع الله وليس مجرد معرفة عنه ، وهذا يحصل من خلال دم السيد المسيح الذي سفك على الصليب فداءً عن خطية الإنسان.. وبذلك تمت المصالحة بين الله و الإنسان بعد أن سببت الخطية انفصالهما . ولكي تصبح مسيحياً يجب أن تفهم هذه الحقيقة و تؤمن بها ... لقد خلقك الله لأنه يريد أن تكون له علاقة معك. إنه يحبك و يريدك أن تعرفه معرفة شخصية ولصيقة ليس فقط أن تعرف عنه. 

    يُعلن الله على صفحات الكتاب المقدس كلمته المكتوبة وفي يسوع المسيح كلمته الحية أنه يريدك أن تستمتع بحياة تتوافق مع قصده ومشيئته من نحوك. يريد أن يكون له حضور قوي و مغذي في حياتك وليس فقط فكرة في ذهنك. معرفة الرب تعني قبول محبته، و إتباعه يعني السير وراء قيادته.
    دعنا نصيغ الأمر كما يلي: إن قبول قيادة الله لك سيؤثر على الأسلوب الذي تعيش به حياتك. وبينما تأتي إلى معرفة الله فإنه لا يصبح بعد مفهوماً تؤمن به أو تنكره و إنما يصبح حقيقة حية معروفة تقودك إلى الحرية. 

    حسب ما جاء في الكتاب المقدس فإنك لن تقترب مع أهم القضايا المتعلقة بمعرفة الله إلا حينما تبدأ في معرفة الرب يسوع. في ( إنجيل يوحنا 14 : 6 ) يقول الرب يسوع: " أنا هو الطريق والحق والحياة. لا يأتي أحد إلى الآب إلا بي " .. به جاء إلى معرفة الآب ملايين لا حصر لها فتغيرت حياتهم الشخصية وكذلك مجرى التاريخ البشري. ويواصل الرب يسوع تغيير وجه التاريخ – شخص تلو الآخر. والرب يسوع يريد أن يغير حياتك أنت أيضاً فينقلك من الموت إلى الحياة، غير أنه لن يفعل ذلك ما لم تدعه أنت. إن اختيار قبول المسيح قرار يؤخذ مرة واحدة في الحياة تتبعه " عملية " التعرف بالله. غير أنه لا بد أن تبدأ بأن تدعوه ليأتي إلى حياتك.
    ربما يبدو هذا القرار سهلاً إلا أنه يحتوي على عواقب أبدية هائلة. ربما لا تفطن إلى هذه العواقب، غير أن اختياراتك الأخلاقية الخاطئة ( التي نسميها الخطية ) قد حكمت عليك بالموت الروحي ( الانفصال الأبدي عن الإله القدوس ). أما الرب يسوع الذي بلا خطية فقد اختار أن يموت دافعاً ثمن خطاياك. عندما تعرف طبيعتك الخاطئة وتقبل بالإيمان موت يسوع تكفيراً عن خطاياك، فإنك تنال حياته التي هي أبدية. 
    إن قبول هذه العطية المجانية أمر سهل سيحدث حينما تقول "يا رب يسوع إني اعترف بخطيتي والثمن الذي دفعته عني على الصليب. والآن إني أطلب غفرانك ومستعد لأن أسلمك حياتي" . في تلك اللحظة نفسها سيدخل المسيح إلى كيانك بالروح القدس ويبدأ بك رحلة رائعة نحو العلاقة اللصيقة مع الله... 
    وعندها تصبح المسيحي الحقيقي .. ربما تتساءل عن الخطوات العملية التي يمكنك اتخاذها لترشدك في رحلة اكتشاف طريقك الشخصي نحو معرفة الله. أدعوك أن تتأمل الأفكار التالية : 
    - اطلب من الله أن يعلن عن نفسه لك إذا كان لديك شكوك في حضوره . 
    - اقرأ الكتاب المقدس باستمرار. 
    - تحدث مع أشخاص ترى أن لهم علاقة قوية مع الله، أولئك الذين يحبونه بوضوح ويعيشون بمبادئ مختلفة ... ( بإمكانك الإرسال لنا و سنقوم بالإجابة عليك .. إن لم تجد أصدقاء مسيحيين حولك يساعدونك ). 
    - امض بعض الوقت في الاستمتاع بخليقة الله. 
    - استمع إلى اختبارات أشخاص أكبر ساروا مع الله لوقت طويل. 
    - لا تتردد في طرح أسئلة عن أمور قد تبدو للآخرين و كأنها مسلمات. 
    - اتبع قيادة الروح القدس، بإمكانك أن تثق في سماع " صوت الله الهامس" ليرشدك. إذا كان يعوزك الفهم، اطلب منه أن يمنحك.

    يمكن لأي شخص أن يصبح مسيحياً وذلك بالإيمان بالمسيح وتسليم حياته إليه . 

    .




  • إعجاب فانجذاب فتحكّم

    انتبه! هكذا تقع في فخّ التّلفزيون!‏


    إنّه ينقل إليك العالم إلى بيتك، فترى بعينيك وتسمع بأذنيك، وتتلذّذ بقضاء وقت ممتع معه. إنّه جذّاب ‏من الطّراز الأوّل، وصُورة حيّة متحرّكة، وألوان وصوت. تجلس أمامه فيمتلكك، والموعد معه لا يُؤجّل. حديث ‏العهد، وغنيّ عن التّعريف، إذ له مكانة محفوظة في كلّ بيت. إنّهاختراع ناجح من دون منازع، ومميّز وذكيّ بقدر ‏ذكاء مُخترعه. ولكن انتبه! إ نّه مرض فتّاك وخطر!‏

    لا شكّ في أنّ التّلفزيون من أنجح وسائل الإعلام وأجذبها؛ فالتّقنية الّتي يعمل على أساسها تجعل منه وسيلة إعلاميّة مميَّزة عن سائر الوسائل الأخرى المعروفة، بخاصّة الرّاديو والصّحيفة، إذ إنّ الصّورة الّتي يبثّها مرفقة بالصّوت هي سرّه أوّلاً وأخيرًا. ومنذ ولادة هذا الاختراع إلى يومنا هذا، ازدادت وظائفه وتنوّعت: فهو وسيلة إعلام وأخبار، وتثقيف وتنشئة، وتسلية وترفيه، وإعلان وتسويق... وعلى الرّغم من وظائفه البنّاءة، للتّلفزيون آفتان رئيستان: الأولى، برامجه الّتي يمكن أن تكون فاسدة ومُفسِدة؛ والثّانية، كثرة مشاهدته الّتي يمكن أن تؤثّر سلبًا في الإنسان.

    وتحت هذين العنوانين العريضين، تندرج مساوئ كثيرة، أهمّها أنّه:

    -  يتحكّم في وقتك، فيُبرمِج حياتك على أساس شبكة برامجه.
    -  يقتل وقتك، ويشلّك عن الحركة والقيام بواجباتك أو ممارسة مواهب تحبّها، ويتحوّل بذلك إلى وسيلة تسلية رئيسة، على الرّغم من وجود وسائل تسلية أخرى أكثر نفعًا وتشغيلاً للفكر.
    -  يعلّم الكسل واللاّمبالاة والإهمال، فتُبَدّي برامجه على ما هو أهمّ وأوّلي، وهذا يمنعك بالتّالي من تحقيق أهدافك، ويجعل منك إنسانًا سطحيًّا يتجنّب الغوص في التّفاصيل والتّعمّق في الدّرس.
    -  يحدّ من اتّصال أفراد العائلة الواحدة بعضهم ببعض، إذ يكون الكلّ مأخوذًا بالمشهد؛ فالصّمت تامّ والكلام ممنوع. كما يخلق نوعًا من الوحدة والانعزال مع شاشة التّلفزيون، بخاصّة في البيوت الّتي تملك أكثر من جهاز واحد.
    - يُصبح مصدر إزعاج لأهل البيت، وللزّائرين والجيران.
    - يُضعف النّظر، ويشدّ أعصابك نحوه، ويمنعك من النّوم، ويُعوِّد جسدك على الكسل.
    - يُصيِّر المسلسلات والبرامج حديث النّاس، فيلهجون بها في الصّالونات أو على الهاتف.
    - يقود المُشاهِد، بخاصّة الأولاد والمراهقين، إلى تقليد أبطال المسلسلات؛ فيحاولون تقليدهم في التّصرّف والكلام، ويتّخذونهم مثالاً أعلى لهم.
    - يُشجّع المراهقين، في بعض أفلامه، على العنف والإجرام والفساد الأخلاقيّ، فيتصرّف المشاهِد متأثّرًا بما يسمع ويرى.
    - يبثّ المبادئ المغلوطة وغير الأخلاقيّة ، ويفرضها على مجتمعنا الشّرقيّ، ضاربًا بذلك قِيَمنا، وقالِبًا المقاييس الّتي نتربّى عليها.

     

    هذا، وتؤثّر هذه السّيّئات روحيًّا في المؤمن الّذي يجلس أمام شاشة التّلفزيون متابعًا برامجه، فينتج من ذلك:

    -  تحكّم التّلفزيون فيه وقتل إرادته.
    -  شلّه عن القيام بالخدمات الرّوحيّة، كالصّلاة وقراءة الكتاب المقدّس، أو أيّ موهبة روحيّة.
    -  منعه من التّقدّم في النّموّ الرّوحيّ.
    -  جعله إنسانًا غير اجتماعيّ، فيفقد بالتّالي محبّته للخطاة والإخوة.
    -  الحدّ من صدى شهادته للجيران والزّائرين عندما يرونه مُسمّرًا أمام شاشته.
    -  إرهاقه جسديًّا بالسّهر أمامه.
    -  عمله على تحطيم مبادئه الرّوحيّة والأخلاقيّة، وبثّه فيه مبادئ سامّة ومغلوطة تتضارب مع إيمانه الكتابيّ.
    -   حلول مشاهده ومؤثّراته الصّوتيّة، في ذهنه وذاكرته وفكره، مكان كلمة الرّبّ.
    -   تحوّل مسلسلاته وبرامجه محطّ أحاديثه، فيلهج بها بدلاً من كلمة الرّبّ.
    -   قيادته المؤمن إلى التّمثّل بأبطال الأفلام وبمواقفهم وتصاميمهم، ناسيًا مثاله الأعلى الرّبّ يسوع المسيح.

    قد تتفاوت هذه الظّواهر بين مؤمن وآخر. فإذا كنتَ من مُشاهدي التّلفزيون، فسوف تلاحظ جميع هذه الظّواهر فيك، أو ربّما بعضها. وممّا لا شكّ فيه، أنّ للتّلفزيون جاذبيّة كبيرة. لاحظ نفسك عندما تنجذب إلى أحد برامجه، فتتابعه حتّى النّهاية ولا تفوِّت عليك فرصة مشاهدة أيّ حلقة من حلقاته. وبعد انتهائه، تبدأ بالبحث عن محطّة أخرى؛ فتُصبح أسيرها، وتحفظ شبكة برامجها وأوقاتها، وتتابعها جميعها. وهكذا، يتحكّم بك تحكّمًا تامًّا، كما إحدى السّيّدات الّتي تستيقظ عند بدء البثّ التّلفزيونيّ، وتنام عند انتهائه.

    ما هو الحلّ؟
    التّلفزيون في بيتك، هذا واقع لا مفرّ منه. ولكنّ الحلّ يبقى بين يدَيك ورهن إرادتك؛ فلَمْ ولَنْ يُجبرك أحد على مشاهدته أو عدم المشاهدة. ابحث بإخلاص في المنافع والأضرار التي تُسبّبها مشاهدة الشّاشة فيك، وقرّر لنفسك كيفيّة استخدامها. ولا تنسَ، أنّ انشغالك بالأمور الرّوحيّة والخدمة سوف يوجّه أنظارك عن التّلفزيون نحو شخص الرّبّ. وبالتّالي، تصير إنسانًا حرًّا من قيوده، ومنتصرًا على شروره، ونافعًا للآخرين، ومُثمِرًا في الحياة الرّوحيّة.

    .




  • كان هناك صبى صغير يعانى من مرض عضال وظلت أمه تعتنى به بحنو الشهر وراء الآخر لكن بمرور الوقت بدأ الصغير يدرك تدريجياً أنه لن يظل على قيد الحياة!

    وذات يوم سأل أمه " ماما ماذا يعنى أن أموت ؟ وهل هذا مؤلم؟ "

    أمتلأت عينا الأم بالدموع وأسرعت نحو المطبخ لتعتنى بشىء كانت قد وضعتة على الموقد .
    كانت الأم تعرف أن السؤال لابد من الأجابة عليه فتلت صلاة قصيرة سريعة وقالت "عرفنى يارب كيف أجيب صغيرى ؟"
    وبالفعل أخبرها الرب وأدركت على الفور ما يجب عليها أن تقوله ...
    عادت الأم لغرفة الصغير وقالت له : "بيتر هل تذكر عندما كنت ولداً صغيراً وكنت معتاد على اللعب بنشاط حتى تشعر فى المساء أنك مرهق جداً وغير قادر حتى على خلع ملابسك ‘ فكنت تلقى بنفسك على سرير ماما وكنت على الفور تغوص فى نوم عميق هل كان هذا سريرك ؟ هل كان يخصك؟
    ماذا كان يحدث عندما تستيقظ فى الصباح؟
    كنت تجد نفسك على سريرك فى غرفتك وقد تبدلت ملابسك بثياب النوم .
    لقد جاء ابوك بذراعية القويتين والكبيرتين ... وأبدل ملابسك وحملك إلى غرفتك .

    حبيبى بيتر هكذا الموت ..
    نحن ننام رغماً عنا فيأتى أبونا السماوى ليرفعنا بيدية القويتين ويحملنا نحو السماء بعد ذلك عندما يأتى الصباح نجد أنفسنا ليس فى مكان غريب لكن فى مكاننا الطبيعى فى المكان الذى يخصنا والمعد لنا "

    .




  • ذهب أستاذ مسيحى لبعثة تعليمية للتدريس فى اليابان وأشترط عليه المسئولون هناك أن لا يتكلم عن المسيح لأن اليابانيين إما وثنيين أو ملحدين فوافق الأستاذ .
    وبعد انقضاء عام على عمله هناك فوجئ المسئولون بتحول معظم طلبته إلى المسيحية وتعليقهم صلبان على صدورهم ولكنه قال أنه لم يتكلم عن المسيح , وعندما استدعوا الطلبة قالوا أنة فعلاً لم يتكلم عن المسيح ولكن محبتة وأتضاعة ورفقة مع الجميع لم يشاهدوا له من قبلاً ولما علما أنه مسيحي عرفوا سر تميزه بهذه الصفات فلذا أحبوا المسيح وبحثوا عن الكتاب المقدس وسألوا عن المسيحية حتى أمنوا بها وصاروا مسيحين من أجل معاشرتهم لهذا الأستاذ الذى وإن كان حقاً لم يتكلم ولكن حياته كانت نوراً لم يتعودوه أضاء أمامهم ورفعهم لحياة جديدة أسمى من حياتهم .

    أقوى شئ فى الحياة هو الحب , فأن أظهرت محبتك لمن حولك فهى تأسر قلوب الكثيرين دون أن تتكلم سواء فى تسامحك أو بشاشتك أو أهتمامك بخدمة المحتاجين وكل من يسألونك.

    إن حفظك لوصايا الله وأمانتك وتدقيقك بسلوكك سيظهر حتماً عليك لأنك تعامل الله قبل الناس وحينئذ تظهر نقاوة قلبك وبرك فيشتهى كل أنسان أن يقم علاقة معك والذى يقاومك لا يستطيع أن يرفض النور الذى فيك خاصة وأن أحتمالك له يخجله.
    ومن كانت صفاته شرسة وعنيفة سيحبك أكثر من الكل لأن جميع من حوله يتضايقون منه إلا أنت لأجل أمتلاء قلبك بالمسيح.

    " أنتم نور العالم . لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل " - متى 14:5

    " فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذي في السموات" - متى 5: 16

    " وان تكون سيرتكم بين الامم حسنة لكي يكونوا في ما يفترون عليكم كفاعلي شر يمجدون الله في يوم الافتقاد من اجل اعمالكم الحسنة التي يلاحظونها." - رسالة بطرس الاولى 2: 12

    " ولكن شكرا للّه الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان.لاننا رائحة المسيح الذكية للّه في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون. لهؤلاء رائحة موت لموت ولاولئك رائحة حياة لحياة.ومن هو كفؤ لهذه الامور. لاننا لسنا كالكثيرين غاشين كلمة الله لكن كما من اخلاص بل كما من الله نتكلم امام الله في المسيح" - 2 كو 2: 14-17

    .




  • كثيرة هي الافكار التي تراود الناس عن ماذا ينفعني لو تبعت الايمان المسيحي بيسوع المسيح. اول ما يفتكر به الفرد هو انه لا يريد الالتزام بحياة الايمان لأنها تتطلب منه ما لا يستطيع ان يقدمه، او انه يفتكر بماذا ينتفع ماديا في حياته من كل هذا..

    هذا التفكير يمكن تطبيقه عند بعض الفئات الدينية والاديان الاخرى التي تسود على بعض الناس، لأن ايمانهم مؤسس على امور تتلائم والعقلية البشرية المادية، وايمان الاعمال.

    الايمان المسيحي الحق من جهة اخرى لا يعتمد على عقيدة الاعمال لكسب رضى الله، بل الايمان بالذي عمل كل شيء دافعا عنا ديننا الذي علينا، وذلك بسبب الخطية التي ورثناها من آدم.

    عندما تؤمن بما عمله المسييح من اجلك فانت تتمتع بمكاسب تفوق كل تصورات وتوقعات الانسان. إن أول ما يحدث لمَن يؤمن بالمسيح ويقبل عمل الفداء الذي نفذه بموته على الصليب انه يكون بذلك قد وُلد ثانية لأنه تحقق من كونه خاطئ هالك يستحق قضاء الأبدية في جهنم. (والروح القدس وحده الذي يستطيع أن يجعل الخاطئ يدرك هذا الأمر)، فيتوب عن خطاياه، معترفاً لله أنه خاطئ ويحتاج إلى مخلّص، فيقبل يسوع المسيح رباً ومخلّصاً لحياته. في تلك اللحظة يكون الشخص الذي آمن قد ولد ثانية إذ تُغفر خطاياه وينال الحياة الأبدية من الله.

    هذا ليس إلا جزءاً صغيراً ممّا يحدث له. إنها البداية فقط. لأننا نتعلم من الكتاب المقدس أن أموراً كثيرة أخرى مدهشة تحدث عندما يخلِّص الله إنساناً. وفيما يلي تجد عشرة إمتيازات مدهشة:

    1. ينال المؤمن نعمة القبول عند الله في شخص ابنه المحبوب يسوع (أفسس6:1). وهذا يعني أن المؤمن ينال الرضى من الله الآب نظير رضاه عن ابنه المحبوب يسوع المسيح، أي أن الله يرى المؤمن في المسيح (2كورنثوس17:5) وهذا يعني أيضاً أن المؤمن ينال الترحيب والقبول عند الآب إلى الأبد كترحيبه بالمسيح نفسه (أفسس7،6:2).

    2. يصير المؤمن إبناً لله (يوحنا1: 12). تصور مقدار الفخر الذي تشعر به لو كنت ابناً لحاكم عظيم شهير في العالم، فكم يكون الإكرام أعظم عندما تكون إبناً لصانع الكون القديرالذي تنحني أمامه الملائكة (غلاطية26:3).

    3. يحصل المؤمن على التبرير (رومية1:5، 33،30:8). حيث يعلن الله الديان براءة الخاطئ الذي يؤمن، وينظر إليه كأنه لم يخطئ قط لأن المسيح قد مات بدلاً عنه واحتمل كل العقاب الذي كان ينبغي أن يحتمله المؤمن. ولذلك يقف المؤمن غير مذنب مبرراً أمام الله ولا دينونة عليه (رومية 1:8).

    4. يصير جسد المؤمن هيكلاً للروح القدس (1كورنثوس19:6). يعلّم الكتاب المقدس بوضوح أن الله "الروح القدس" يسكن بالفعل في كل مؤمن (أفسس13:1). فجسد المؤمن هو هيكل للروح القدس، وبناء على هذا الإمتياز المقدس ينبغي على المؤمن أن ينتبه لما يقوله وما يعمله وإلى أي مكان يذهب.

    5. يصير المؤمن عضواً في الكنيسة الحقيقية (1كورنثوس13:12). توصف الكنيسة بأنها "جسد المسيح" (كولوسي24،18:1) وهي مؤلفة من جميع المؤمنين الحقيقيين بالرب يسوع (أعمال47:2)، فلا إكرام على الأرض أعظم من أن تكون عضواً في الكنيسة الحقيقية أي "جسد المسيح".

    6. يصيرالمؤمن وارثاً لله (رومية17:8). فالله خالق الكون ومالك كل الأشياء وعد أولاده أنهم سيملكون ذات يوم مع المسيح على كل الأرض, وحينئذ يملكون كل الأشياء.

    7. يصير المؤمن قدّيساً (رومية7:1). يخبرنا الكتاب المقدس أن المخلَّصين يُدعون قديسين. والقدّيس هو الذي أُفرز (خُصّص) لله بالروح القدس (مزمور4: 3)، وفي نظر الله كل مؤمن هو قديس لأن الله يراه في المسيح، والمسيح قدوس بكل معنى الكلمة (1كورنثوس2:1).

    8. يصير المؤمن مملوءاً أي كاملاً في المسيح (كولوسي10:2؛ وعبرانيين14:10). فالمؤمن يقف كاملاً أمام الله ويصبح قريب إلى الله ومحبوباً لديه كالمسيح نفسه، فعندما يَقبل أي شخص المسيح فإنه يكون قد نال كل ما يحتاج اليه للتمتع بالسعادة في الحياة الحاضرة والأبدية.

    9. يحصل المؤمن على الطبيعة الإلهية (2بطرس4:1). ويرى المؤمن في الحال أن له رغبات جديدة وطموحات جديدة وكراهية جديدة للخطية ومحبة جديدة لإخوته المؤمنين، والناس الآخرين. وعندما يتقوى المؤمن بالطبيعة الالهية يزداد يوما فيوماً في مشابهته للرب يسوع (كولوسي10:3؛ 2كورنثوس18:3) وهذا هو قصد الله لكل أولاده (رومية29:8).

    10. يتمتع المؤمن بحماية الله الدائمة (رومية28:8). فلا يحدث شيء للمؤمن دون سماح من الله. وبكلمات أخرى لا تقع الحوادث مصادفة في حياة المؤمن لأن كل ما يحدث له يكون لخيره الخاص، حتى التجارب والضيقات والتأديب تعمل كلها لفائدته الروحية (رومية3:5-5) وهكذا فإن المؤمن يحيا حياة مدهشة.

    وبالنظر إلى هذه الإمتيازات العجيبة التي أعدها الله ينبغي لكل مؤمن إظهار تقديره لها بطريقتين على الأقل:

    1- ينبغي أن لا يكف عن شكر الله وحمده لأجل الخلاص الذي بالرب يسوع المسيح.

    2- ينبغي أن يقدم حياته عن طيب خاطر لخدمة ذلك الذي قدم نفسه بدلاً عنه على صليب الجلجثة (رومية1:12).

    فهل هذا يكفي ليكون دافعا لك لتقبل المسيح مخلصك الشخصي وبديلا عنك لتتميم جميع مطالب الله.

    اصلي الى الله أن تقبل المسيح اليوم لتصبح اخا واختا لنا بالرب.

    .




  • " طلبة البار تقتدر كثيراً في فعلها. كان إيليا إنساناً تحت الآلام مثلنا، وصلى صلاة أن لا تمطر، فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر. ثم صلّى أيضاً فأعطت السماء مطراً وأخرجت الأرض ثمرها " (يعقوب 16:5-15)

    صلاة أوقفت المطر، وصلاة أعطت المطر.

    كانت صلاة إيليا النبي مقتدرة في اتجاهين: أوقفت نزول المطر ثلاث سنين وستة أشهر، ثم أنزلت المطر لتخرج الأرض ثمرها. (1ملوك 16 – 17 )

    "طلبة البار تقتدر كثيراً في فعلها".

    فما هي شروط الصلاة المقتدرة؟

    1- أن تكون الصلاة مرفوعة من إنسان بار
    "طلبة البار تقتدر كثيراً في فعلها"، " الرب بعيدٌ عن الأشرار ويسمع صلاة الصديقين" (أمثال 29:15).
    لكن أين هو الإنسان البار؟ والكتاب المقدس يقول: "أنه ليس بار ولا واحد… إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله" (رومية 10:3 و23). طريق التبرير هو نعمة الله المؤسسة على الفداء الذي أكمله المسيح بموته على الصليب، ”متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح“ (رومية 24:3).

    فالإنسان الذي يؤمن بفداء المسيح، يصير باراً، وتصير صلاته مقتدرة في فعلها.

    2- أن تكون الصلاة باسم المسيح
    وهذا وعد المسيح: "ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجّد الآب بالابن. إن سألتم شيئاً باسمي فإني أفعله" (يوحنا 13:14-14). فما معنى الصلاة باسم المسيح؟ هل تعني أن ننهي طلباتنا بالعبارة المألوفة "باسم المسيح، آمين"
    الصلاة باسم المسيح تعني أن تتفق صلاتنا مع قداسة المسيح، فهو القدوس الذي "انفصل عن الخطاة" (عبرانيين 26:7)، وتتفق مع محبة المسيح. فهو "قد أحبّ خاصته الذين في العالم، أحبّهم إلى المنتهى" (يوحنا 1:13). وتتفق مع روح المسيح، وكل صلاة تقدَّم بهذا الاسم الكريم وبهذا المفهوم صلاة مقتدرة في فعلها.

    3- أن تكون الصلاة بالإيمان
    قال الرب يسوع لتلاميذه: "لذلك أقول لكم: كل ما تطلبونه حينما تصلون، فآمنوا أن تنالوه، فيكون لكم" (مرقس 24:11).

    "ولكن بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه، لأنه يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود، وأنه يجازي الذين يطلبونه" (عبرانيين 6:11).

    فالإيمان شرط أساسي لاقتدار الصلاة.

    بهذا الإيمان صلى إيليا صلاته في اتجاهين… بهذا الإيمان شُفيت ابنة المرأة الكنعانية إذ قال لها الرب: "يا امرأة، عظيم إيمانك! ليكن لك كما تريدين. فشُفيت ابنتها في تلك الساعة" (متى 28:15)… بهذا الإيمان نال غلام قائد المئة الشفاء إذ قال عنه الرب: "الحق أقول لكم، لم أجد ولا في إسرائيل إيماناً بمقدار هذا" (متى 10:8).

    يحتفظ لنا التاريخ بقصة فتاة صغيرة اسمها أبيجايل دخلت إلى جورج مولر رجل الصلاة وقالت له: أريد أن أصلي إلى الرب ويستجيب صلاتي كما يستجيب صلاتك. وعلّمها مولر الآية " كل ما تطلبونه حينما تصلون فآمنوا أن تنالوه فيكون لكم". وقالت الفتاة الصغيرة: أريد أن أطلب من الرب صوفاً لأصنع شالاً وركع معها مولر وصلى… وخرجت الصغيرة لتلعب وعادت بعد نصف ساعة تهتف بصوت عالٍ: مستر مولر إننا لم نقل للرب عن لون الصوف الذي سيرسله وأنا أريد صوفاً ملوّناً.. وركع رجل الصلاة معها ثانية وطلب من الرب أن يرسل لها صوفاً ملوّناً كما أرادت.. وبعد يومين وصل طرد من الصوف الملوّن لأبيجايل.. كانت مدرّستها في المدرسة تنظّف بقايا الصوف الذي علّمت به الفتيات.. وأرشدها روح الله أن ترسل الكمية الموجودة لأبيجايل… وتعلمت أبيجايل أن الرب يستجيب صلاة الإيمان… فعندما تصلي اطلب بإيمان.

    4- أن تكون الصلاة حسب مشيئة الله
    "وهذه هي الثقة التي لنا عنده: أنه إن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا" (1يوحنا 14:5).
    وهذا الشرط يحتّم علينا أن ندرس الكتاب المقدس ونحفظ آياته لنعرف مشيئة الله فيه لأنه " إن أراد أحد أن يعمل مشيئته يعرف التعليم، هل هو من الله، أم أتكلم أنا من نفسي" (يوحنا 17:7). ومشيئة الله أن تحيا حياة القداسة، " لأن هذه هي إرادة الله: قداستكم" (1تسالونيكي 3:4). وهذا يعني أن تكون حياتك مخصصة للرب تماماً. ومشيئة الله وضعها الروح القدس في الكلمات: "انظروا أن لا يجازي أحد أحداً عن شرٍ بشرّ، بل كل حين اتَّبعوا الخير بعضكم لبعض وللجميع. افرحوا كل حين. صلوا بلا انقطاع. اشكروا في كل شيء، لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم" (1تسالونيكي 15:5-18).

    فإن أردت أن يستجيب الله صلاتك، فيجب أن تتّفق مع القداسة، والفرح كل حين، والشكر في كل شيء. وكل صلاة حسب مشيئة الله يستجيبها الله.

    5- أن تكون الصلاة مصحوبة بطاعة وصايا الرب وعمل الأعمال المرضية أمامه
    "ومهما سألنا ننال منه، لأننا نحفظ وصاياه، ونعمل الأعمال المرضية أمامه" (1يوحنا 22:3).
    طاعة وصايا الرب أمر هام لاستجابة الصلاة.. ظن شاول الملك أن الله يكتفي بمجرد تقديم الذبائح، ولكن صموئيل النبي قال له: "هل مسرّة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع [طاعة] صوت الرب؟ هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة والإصغاء أفضل من شحم الكباش. لأن التمرّد كخطية العرافة، والعناد كالوثن والترافيم. لأنك رفضت كلام الرب، رفضك من المُلك" (1صموئيل 22:15-23). الله يُسرّ بالطاعة!

    مع الطاعة لا بد أن نعمل الأعمال المرضية أمامه. والأعمال المرضية أمام الرب هي التي سبق فأعدّها لنا لكي نسلك فيها، "لأننا نحن عمله، مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة، قد سبق الله فأعدّها لنسلك فيها" (أفسس 10:2).

    عندما جاء إشعياء النبي للملك حزقيا قائلاً: "هكذا يقول الرب: أوصِ بيتك لأنك تموت ولا تعيش. فوجّه حزقيا وجهه إلى الحائط وصلى إلى الرب وقال: آه يا رب، اذكر كيف سرت أمامك بالأمانة وبقلب سليم وفعلت الحسن في عينيك. وبكى حزقيا بكاء عظيماً " (إشعياء 1:38-3). كانت صلاة حزقيا مؤسسة على الحياة الأمينة، وعمل ما هو مرضي عند الرب، واستجاب الرب صلاة حزقيا، فأرسل إليه إشعياء ثانية قائلاً: " اذهب وقل لحزقيا: هكذا يقول الرب… قد سمعت صلاتك. قد رأيت دموعك. هأنذا أضيف إلى أيامك خمس عشرة سنة " (إشعياء 4:38-5).

    6- أن تكون الصلاة من قلب لا يحتفظ بالإثم
    " إن راعيت إثماً في قلبي لا يستمع لي الرب" (مزمور 18:66). فلكي يستجيب الله صلاتك، لا تحتفظ بإثم في قلبك.. أخرج الآلهة الغريبة منه.. واطرح بعيداً كل علاقة غير شريفة، وكل خطية محيطة بك بسهولة وقل مع داود الملك: " اختبرني يا الله واعرف قلبي. امتحني واعرف أفكاري. وانظر إن كان فيّ طريق باطل واهدني طريقاً أبدياً " (مزمور 23:139-24)، فيستجيب الرب صلاتك.

    ابدأ يومك بالصلاة.. وامتحن نفسك في محضر الله.. وتدرّب على الشعور بوجود الرب معك قائلاً مع داود: "جعلت الرب أمامي في كل حين. لأنه عن يميني فلا أتزعزع " (مزمور 8:16).
    إبدأ صلاتك بتعظيم الرب، وادرس صلوات القديسين في الكتاب المقدس: صلاة دانيآل (دانيآل 3:9-4)، وصلاة يهوشافاط (2أخبار 5:20-12)، وصلاة اللاويين في سفر نحميا (نحميا 5:9-38)، والصلوات الأخرى… فليست الصلاة أن تطلب النجاح لأولادك وأفراد أسرتك فقط… بل هي أن تعظم إلهك الذي فداك وأحبّك.

    .




  • يقدم الكتاب المقدس طريقاً واضحاً للحياة الأبدية. أولاً، يجب أن ندرك أننا أَخطأنا ضد الله: "إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله" (رومية 23:3). كلنا عَملنَا أشياءَ لا ترضي الله، وهي تجعلنا نستحق العقاب. وحيث أن كل خطايانا هي بجملتها ضد الله الأزلي، فهي تستوجب عقاباً أبدياً. "لأن أجرة الخطية هي موت وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا" (رومية 23:6).

    ومع ذلك، يسوع المسيح، الذي هو بلا خطية، (1 بطرس 22:2)، إبن الله الأزلي صار إنساناً (1 يوحنا 1:1،14) ومات ليدفع عقابنا. "ولكن الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا" (رومية 8:5). مات يسوع المسيح على الصليب (يوحنا 31:19-42)، حاملاً العقاب الذي نستحقه نحن (كورنثوس الثانية 21:5). وبعد ثلاثة أيام قام من الموت ( كورنثوس الأولي 1:15-4)، مثبتاً نصرته على الخطية والموت. "...الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات (بطرس الأولي 3:1).

    بالإيمان، يجب أن نبتعد عن خطايانا ونتجه للمسيح لننال الخلاص (أَعمال 19:3). وإذا وضعنا إيماننا فيه، واثقين في موته على الصليب ليدفع ثمن خطايانا، سننال الغفران ونحصل على الحياة الأبدية في السماء. "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا16:3). "لأنك إن إعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت" (رومية 10:9). الإيمان فقط في عمل المسيح الكامل على الصليب هو السبيل الوحيد للحياة الأبدية! "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد" (أفسس 8:2-9).

    إن كنت تريد أن تقبل يسوع المسيح كمخلصك الشخصي، هناك نموذج لصلاة يمكنك أن تصليها. إعلم، أنك لن تحصل على الخلاص لمجرد قولك هذه الصلاة أو أي صلاة أخرى. الثقة في المسيح هي التي تخلصك من خطاياك. هذه الصلاة هي ببساطة وسيلة تعبر بها لله عن ثقتك فيه وتشكره لأجل تدبيره خلاصك. "يا رب، أنا أعرف أنني أخطأت ضدك وأستحق العقاب. ولكن يسوع المسيح حمل اللعنة التي أستحقها حتى بالإيمان به يمكنني أن أنال الغفران. إنني أتوب عن خطاياي وأضع ثقتي فيك لكي تخلصني. أشكرك لأجل نعمتك العظيمة وغفرانك وعطية الحياة الأبدية! آمين!"

    هل اتخذت قراراً بأن تتبع يسوع بسبب ما قرأته هنا؟ 
    إن كان كذلك، من فضلك اقرأ " لقد آمنت بالمسيح.. ماذا الآن ؟ " لكي تتعرف على الخطوة التالية.

    .




  • نهنأك! لقد أخذت قراراً مغيراً للحياة!

    ربما تسأل نفسك، "ماذا الآن؟ كيف أبدأ رحلتي مع الله؟"

    الخمس خطوات التالية تعطيك توجيهاًً من خلال الكتاب المقدس.  

    أولاً: تأكد أنك تفهم معنى الخلاص

    يوحنا الأولي13:5 يقول لنا، "أكتب إليكم أنتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية ولكي تؤمنوا باسم ابن الله". الله يريدنا أن نفهم معني الخلاص. يريدنا أن نكون متأكدين تماماً من أننا مخلصون. دعنا نركزعلى النقاط الأساسية في الخلاص كما يلي:

    أ∙ كلنا أخطأنا. كلنا ارتكبنا أفعالاً لا ترضي الله (رومية 23:3).

    ب∙ نحن نستحق العقاب والانفصال الأبدي عن الله بسبب خطايانا (رومية 23:6).

    ج∙ مات يسوع على الصليب ليدفع ثمن خطايانا (رومية 8:5، 2 كور 21:5). مات يسوع بديلاً عنا، آخذاً العقاب الذي نستحقه نحن. وقيامته برهنت أن موته كان كافياً ليدفع ثمن خطايانا.

    د∙ يمنح الله الغفران والخلاص لكل من يضع ثقته في يسوع، واثقاً في موته الذي دفع به ثمن خطايانا (يوحنا 16:3، رومية 1:5، رومية 1:8).

    هذه هي رسالة الخلاص! إذا وضعت ثقتك في يسوع المسيح كمخلصك، خَلُصت! تُغفر جميع خطاياك ويعدك الله أنه لن يتركك ولن يهملك (رومية 38:8-39، متى 20:28). تذكر أن خلاصك مضموناًً في يسوع المسيح (يوحنا 28:10-29).


    إن كنت تثق في يسوع وحده كمخلصك، يمكنك أن تتأكد أنك ستقضي الحياة الأبدية مع الله في السماء!

     

    ثانياً: إبحث عن كنيسة تتعلم فيها الكتاب المقدس

    لا تفكر في الكنيسة كمبنى. الكنيسة هي الشعب. من المهم جداً أن تكون للمؤمنين بيسوع المسيح شركة معاً. هذه إحدى الأهداف الرئيسية للكنيسة. وإذ وضعت ثقتك في يسوع المسيح، نشجعك أن تجد كنيسة تؤمن بالكتاب المقدس في منطقتك. تقابل مع راعي الكنيسة وتحدث معه. دعه يعرف عن إيمانك بيسوع المسيح.

    الهدف الثاني من الكنيسة هو تعليم الكتاب المقدس. يمكنك أن تتعلم كيف تطبق توجيهات الله على حياتك. فهم الكتاب المقدس هو مفتاح الحياة المسيحية القوية والناجحة. تيموثاوس الثانية 16:3-17 يقول، "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهبا لكل عمل صالح."

    هدف ثالث من الكنيسة هو العبادة. العبادة هي شكر الله لأجل كل ما عمله. الله خلصنا، وأحبنا، ودبر لنا. هو يرشدنا ويقودنا. كيف يمكننا أن لا نشكره؟ الله قدوس، بار، ومحب، ورحيم، ومملوء بالنعمة. رؤيا يوحنا اللاهوتي 11:4 يقول "أنت تستحق، أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة والقدرة لأنك أنت خلقت كل الأشياء وهي بإرادتك كائنة وخلقت."

    ثالثاً: خصص وقتاً يوميا تركز فيه علي الله

    من المهم جداً أن نقضي يومياً وقتاً نركز فيه على الله. بعض الأحيان يُطلق علي هذا الوقت "الخلوة". وأحيانا أخرى "فرصة تعبد فردية"، لأنه وقت نخصص فيه أنفسنا لله. البعض يفضل أن يخصص وقتاً في الصباح، والبعض الآخر يفضله في المساء. ليس من المهم الإسم الذي تطلقه على هذا الوقت أو متى تقضيه. المهم هو أنك تقضي بانتظام وقتاً مع الله. كيف تقضي هذا الوقت مع الله؟

    أ∙ الصلاة. الصلاة ببساطة هي التحدث مع الله. تحدث مع الله بخصوص ما يهمك ومشاكلك. أطلب من الله أن يعطيك الحكمة والارشاد. أطلب من الله أن يسدد احتياجاتك. عبر له عن مقدار محبتك وتقديرك له. هذا هو ما نعنيه بالصلاة.

    ب∙ قراءة الكتاب. بجانب تعلم كلمة الله في الكنيسة، ومدارس الأحد، أو دراسة الكتاب المقدس، تحتاج أن تقرأ الكتاب المقدس بنفسك. يحتوي الكتاب المقدس على كل ما تحتاج أن تعرفه لكي تحصل على حياة مسيحية ناجحة. يحتوي أيضا على توجيه الله لكيفية اتخاذ قرارات حكيمة، وكيفية معرفة إرادة الله، وأسس خدمة الآخرين، والنمو الروحي. الكتاب المقدس هو كلمة الله لنا و هو منهاج عملي لحياتنا نتعلم من خلاله كيف نعيش حياة مرضية لله ومشبعة لنا.

    رابعاً: استثمرفي علاقات مع أشخاص أخرين بامكانهم أن يساعدوك أن تنمو روحياً

    كورنثوس الأولي 33:15 "لا تضلوا. فان المعاشرات الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة". الكتاب المقدس مليء بالتحذيرات ضد التأثير "الرديء" علينا من الآخرين. قضاء وقت مع الذين يمارسون الشر يقودنا لأن نجرب بأفعالهم الشريرة. ومن الطبيعي أن نتأثر بشخصيات من هم حولنا. لذلك من المهم جداً أن نحيط أنفسنا بأشخاص يحبون الرب ومكرسين له.

    حاول أن تجد صديقاً أو اثنين، لربما من كنيستك، يمكنهم أن يساعدوك ويشجعوك (عبرانيين 13:3، 24:10). أطلب من أصدقائك أن تخصصوا وقت للمشاركة عن وقت خلوتكم، ونشاطاتكم اليومية، وحديثكم مع الله. هذا لا يعني أنك تترك كل أصدقاءك الآخرين الذين لا يتبعوا يسوع المسيح . استمر في صداقتهم ومحبتهم. ببساطه دعهم يعرفون أن يسوع غير حياتك وأنك لا تستطيع ممارسة نفس الأشياء التي اعتدتها من قبل. أطلب من الله أن يعطيك فرص تتحدث فيها معهم عن يسوع.

    خامساً: إعتمد

    كثير من الناس يسيئون فهم معني المعمودية. كلمة "يعمد" تعني أن يغطس في الماء. المعمودية هي الوسيلة الكتابية للإخبار جهاراً بإيمانك الجديد في المسيح وبتصميمك على اتباعه. التغطيس في الماء يعبر عن الدفن مع المسيح. والخروج من الماء يمثل قيامتة من بين الأموات. وممارسة المعمودية تعني توحدك مع يسوع في موته، ودفنه، وقيامته (رومية 3:6-4).

    المعمودية لا تخلصك، ولا تغسل خطاياك. المعمودية هي خطوة إيمان، وإعلان علني عن إيمانك بالمسيح وحده والخلاص من خلاله. المعمودية مهمة لأنها هي خطوة طاعة، والإعلان جهارة عن إيمانك بالمسيح. إن كنت مستعداً أن تتعمد، يجب أن تخبر راعي الكنيسة.

    .




  • ما أكثر الذين دُمرت حياتهم وفقدوا صحتهم نتيجة لتناول سموم المرارة، والغيظ، وعدم الغفران. فى (مت 18 : 23ـ 35 ) يذكر الكتاب انه إن لم نغفر للآخرين، سلمنا أنفسنا إلي المعذبين. فإن كنت تعانى من مثل هذه الأمور أو من إحداها، فستتفق معي فيما أقول. فما أتعس الإنسان الذي تكتنفه مشاعر الكراهية تجاه شخص آخر.

    تُرى، من تساعد عندما تغفر؟
    مَن هو الشخص المستفيد عندما تغفر للشخص الذي قام بإيذائك؟ في الحقيقة، أنت تساعد نفسك اكثر من مساعدتك للشخص الآخر. في الماضي كنت أظن أن غفران الإساءة التي ارتكبها شخص في حقي أمر صعب للغاية وكنت أعتقد أنه ليس من العدل أن اغفر وأنا مجروحة ومتألمة، فكيف لي أن أطلق الآخر حرا مجانا دون أن يدفع ثمن الألم الذي سببه لي. ولكن الآن أدركت أنه عندما اختار أن اغفر أساعد نفسي. كما أنى أساعد الآخر أيضا بإطلاقه حرا، وبذلك يستطيع الله أن يساعدني. وأما إذا سرت في طريق الانتقام واخترت أن أتعامل مع الأمر بنفسي بدلا من الثقة فى الله وطاعته، فالله لن يتعامل مع ذلك الشخص. إن الله يتعامل مع الأشخاص الذين جرحونا عندما نضعهم بين يدي الله وذلك من خلال غفراننا لهم. إنها بذرة الطاعة لكلمته، التي إن بذرناها اليوم حصدنا بركة بطريقه أو بأخرى.
    يطلق الغفران يد الله لكي تعمل في حياتي وبذلك أساعد نفسي وأتمتع بالراحة والسعادة فقط عندما تخلو حياتي من سموم عدم الغفران وأشعر بتحسن من الناحية الجسدية أيضاً. تصيب عديد من الأمراض الخطيرة الإنسان نتيجة للضغوط التي تسببها المرارة، والغيظ، وعدم الغفران. في (مر11 : 22 ـ 26 ) تعلمنا كلمة الله بكل صراحة ووضوح أن عدم الغفران يعيق عمل الأيمان داخلنا . فالله الأب لا يستطيع أن يغفر لنا إذا لم نغفر نحن أولا للآخرين (نحن نحصد ما نزرع). إذا بذرنا بذور الرحمة، سنحصد رحمة، وإذا بذرنا بذور الإدانة سنحصد إدانة. أسدى معروفا لنفسك واغفر.
    هناك أيضا ثمار أخرى للغفران، فعندما تختار طريق الغفران، تنهمر على حياتك انهار الشركة مع الله اكثر. أما عدم الغفران فيوقف هذا التدفق. يقول بولس الرسول أن الغفران يحمينا من استغلال إبليس لنا (1كو 2:10 – 11). وفى (أف 4 : 26 – 27) يذكرنا أن لا ندع الشمس تغرب على غيظنا. وان لا نعطى لإبليس مكاناً في حياتنا. تذكر أن العدو يبدأ بأخذ مكان لقدمه أولا قبل أن يأخذ حصن له في حياتك. لذا كن سريعاً في الصفح عن الآخرين. ولا تمكن العدو منك فيعذبك. ما أصعب أن نبغض شخصا ونحب آخر. فعندما تمتلئ قلوبنا بالفساد والخطية يكون من الصعب علينا أن نعامل أي شخص بطريقة سليمة. حتى الأشخاص الذين ترغب في حبهم سيعانون من مشاعر المرارة والغيظ وعدم الغفران التي بداخلك.

    كيف أغفر :
    كأي شئ آخر، هناك خطوات عمليه يجب اتخاذها إذا أردنا أن نتمم الأمر بنجاح. ذات يوم، سألت الرب لماذا يفشل كثيرون في أن يتمموا غفرانهم بالرغم من رغبتهم في ذلك؟ فأجابني " لأنهم لم يطيعوا ما أوصيتهم به في كلمتي". وعندما بحثت في الكلمة وجدت الخطوات الآتية:

    صمم: تأكد انك لن تغفر ابدآ إذا انتظرت حتى تشعر برغبة في أن تغفر. أختر أن تطيع الله واصمد في مقاومة محاولات العدو المستمرة بوضع أفكار المرارة السامة داخلك، أسرع في قرارك بالغفران، والله سيضمد جراحك ويشفي مشاعرك.
    اتكل علي الرب: تأكد أن الغفران مستحيل بدون قوة الروح القدوس لذلك لا تعتمد أبداً على قوتك الشخصية. إذا كنت حقا تريد أن تغفر، تأكد أن الله سيعطيك القوة لتفعل ذلك ولكنك ستحتاج أن تتواضع أمام الرب وتصرخ له طالبا معونته. في (يو 20 : 22 ـ 23) نفخ يسوع في التلاميذ وقال " اقبلوا الروح القدس " وبعدها أوصاهم أن يغفروا للآخرين. وبكل تأكيد يمكننا نحن أيضا أن نفعل كذلك ونسأله أن ينفخ فينا حتى نغفر للذين يسيئون إلينا.
    كن طائعاً: هناك العديد من الآيات الكتابية التي توصينا أن نغفر للأعداء.

    صلي لأجل أعداءك وكل من يسيء إليك ويستغلك. صلي من أجل سعادتهم ورخائهم (لو6: 27ـ28) عندما تصلي يستطيع الله أن يعلن لهم السبيل للتخلص من الخداع الذي وقعوا في شباكه. فربما يكونون غير مدركين أنهم قد جرحوك، أو قد يكونوا مدركين ولكنهم متمركزين حول أنفسهم ولا يهتمون بما فعلوا بك، وفي الحالتين، هم في حاجة لإعلان من الله.
    باركهم ولا تلعنهم (رو 12: 14). إن الفعل يبارك في اللغة اليونانية يعني "أن تتكلم حسنا عن" والفعل يلعن يعني "التكلم بالشر عن". فهل يستطيع إنسان أن يغفر في حين أنه يغتاب الناس وينشر الشائعات عنهم؟ كف عن ترديد الإساءة، فلن تتغلب عليها وأنت مستمر في التحدث عنها. فى ( أم 17 : 9 ) من يستر الإساءة يطلب المحبة.

    لمن أغفر؟ 
    أغفر لشخص الذي جرحك في الماضي، بل واغفر للعامل في محال البقالة الذي داس قدمك دون أن يقصد. خذ هذين الطرفين واغفر لأي شخص آخر قد يقع فى منتصف المسافة بينهما. كن مسرعا في الغفران. كلما أسرعت في الغفران، كان الأمر أسهل. اغفر مجانا في (مت 10 : 8 ) مجانا أخذتم. مجانا أعطوا. الغفران يعني التماس العذر، والإعفاء من دفع الثمن، الإطلاق، ترك الدين، إسداء الجميل وعمل الخير بدون شروط.
    عندما تغفر يجب أن تلغى الدين. لا تقضى حياتك تحاول أن تدفع أو تحصل الديون. فى (عب 10: 30 ) يقول الكتاب أن الانتقام لله وحده، وهو الذى سيجازى وهو الذى سيحسم الأمور لخاصته. دع الله يعوضك عن الظلم الذى تعرضت له فى الماضى ولا تحاول أن تجمع ما لك من الذين تسببوا فى جرحك، لان الذين جرحوك لا يستطيعون أن يردوا لك شيئا، فى (مت 18 : 25) يقول أنه " لم يكن له ما يوفى ".
    اغفر أيضا لنفسك الخطايا التى ارتكبتها فى الماضى والجروح التى جرحت بها الآخرين. طالما انك لن يمكنك أن تعوضهم بشئ، فاطلب من الله أن يعوضهم.
    اغفر لله إذا كنت غاضبا منه لان الأمور لم تسر كما كنت تخطط لها. تذكر أن الله عادل فى طل طرقه. ربما هناك أشياء لا تفهمها الآن. ولكن الله يحبك. يقترف الكثيرين خطأ خطير عندما لا يطلبون المعونة من الشخص الوحيد القادر على معونتهم.
    ربما تحتاج أن تغفر لشئ معين مكتب البريد مثلا، أو البنك، أو محل معين قمت بشراء شئ منه وقام بغشك، أو السيارة التى سببت لك متاعب كثيرة..... الخ. تخلص من كل السموم الناتجة عن المرارة والغيظ وعدم الغفران وتذكر "فوق كل تحفظ احفظ قلبك لان منه مخارج الحياة" (أم 4: 23) .
    أن عدم الغفران هو بمثابة قذارة روحية، لذا اغتسل فى مياه الكلمة واستمتع بالنقاوة والطهارة. والرب يباركك.

    .




  • ماذا لو أخبرتك أن مصدر معظم المشاكل التي تعاني منها موجود داخلك – وبأكثر تحديداً في منطقة ما فوق الرقبة؟ فمصدر هذه المشاكل يأتي من الأفكار التي تدور في أذهاننا ومن الكلمات التي نتفوه بها بألسنتنا.
    يجب أن نعي وندرك مقدار القوة التي تكمن في أفكارنا وكلماتنا، ومدى تأثيرها حتى أنها قادرة أن تجلب على صاحبها إما اللعنة أو البركة وفقاً لطبيعتها. تشبه أفكارنا وكلماتنا الدفة في السفينة التي برغم صغر حجمها، تتحكم في وجهة حياتنا بأكملها.
    منذ عدة سنوات، كانت حياتي في حالة من الفوضى العارمة بسبب سنوات طويلة قضيتها أفكر وأتكلم بطريقة خاطئة نتيجة للاحباط المتكرر الذي صادفني في حياتي والأذى الذي تعرضت له. كنت أخشى تصديق أن شيئاً طيباً يمكن أن يحدث لي وكانت فلسفتي في الحياة هي "إن نجحت في خفض مستوى توقعاتي، فلن أصاب بخيبة الأمل."
    وعبر السنوات تحولت إلى شخصية متشائمة وسلبية حتى أني كنت أقول لنفسي أن مجرد التفكير في فكرتين إيجابيتين الواحدة تلو الأخرى كان يصيب ذهني بتقلص عضلي. كانت أفكاري سلبية مما جعل كلماتي سلبية، الأمر الذي أثر بدوره بالسلب على حياتي.
    وأخيراً قررت أن أغير أسلوب حياتي، فتوقفت عن الحديث السلبي وبعد فترة لاحظت أني في حاجة إلى أكثر من مجرد التوقف عن السلبية في الحديث. لم يكن الامتناع عن الحديث السلبي كافياً، بل كان علي أن أبدأ في التفكير والتحدث بإيجابية.
    فمثلاً، قد يعطس شخص فيقول "آه، لابد وأني سأصاب بالأنفلوانزا." أو قد يسمع شخص أن الشركة التي يعمل فيها سوف تقلل العمالة فيها فيعتقد أن هذا هو الحال معه دائماً، فبمجرد أن تتحسن الأحوال في العمل، يحدث شيئاً، فيقول "لابد وأني سوف أفقد وظيفتي." مثل هذه الأنماط من العبارات السلبية ترد إلى أذهاننا بسهولة وبطريقة تلقائية، لذلك نحتاج أن ندرب أنفسنا حتى نكون أكثر إيجابية، فالأمر ليس سهلاً!
    وعندما نسمح لأنفسنا أن نكون سلبيين في ردود أفعالنا، فأننا نسمح للخوف أن يتسلط على طريقة تفكيرنا، فنفكر في أمور لم تحدث بعد وقد لا تحدث أبداً. إن الأفكار السلبية تجعلنا نتفوه بكلمات سلبية قادرة على تشكيل مستقبلنا.
    وما أكثر الأوقات التي نحوم فيها الأفكار السلبية حول رؤوسنا ولكننا لسنا مضطرين لقبولها، لأننا أصحاب الاختيار. نعم علينا أن نختار عن عمد الأفكار والكلمات الصحيحة.
    تقول كلمة الله في أمثال 18: 21 "الموت والحياة في يد اللسان.." لذلك علينا أن نختار الأفكار المؤدية إلى الحياة لأننا إن فعلنا ستخرج من أفواهنا كلمات إيجابية مملوءة بالقوة والحياة. كثيرون يحاولون السيطرة على أفواههم دون أن يفعلوا شيئاً حيال أفكارهم وكأنهم بذلك يقطعون قمة الحشائش الضارة دون جذورها. وتذكر أن أحداً لا يستطيع أن يتسلط على لسانه ما لم يتعلم أولاً كيف يتسلط على أفكاره.
    ويعتبر الإيمان هو الخطوة الأولى نحو تغيير الأفكار من السلبية إلى الإيجابية وتذكر أن أفواهنا تنطق بما في قلوبنا وأذهاننا؛ فإن كانت نفسك (ذهنك وإرادتك ومشاعرك) تفيض بالأمور السلبية فستعترض كل هذه الأشياء طريقك والعكس صحيح، فعندما نسمع ونقرأ ونفكر ونتحدث عن الله وعن الحق وعن كل ما هو إيجابي، سنجد أننا نتفوه بكل هذه الأمور.

     أنت إذاً صاحب الاختيار!

    .




  • كثيرون يسألون: لماذا يسمح الله بالكوارث و الألم في حياة الناس؟
    ظلم - استبداد - قتل - عنف ، و ضحايا كثيرين بسبب شر البشر ... لماذا يسمح الرب بهذا!

    هذا السؤال واقعي و منطقي جداً، لكن أرجوكم أن تفكروا معي في كل سؤال نسأله..
    عندما نقول بأن الله أعطى البشر حرية الإرادة ، فذلك يعني أنه أعطاهم الحرية بمعنى أنهم إن أرادوا ان يظلموا، فليظلموا..  و إن أرادوا أن يستبدوا، فليستبدوا ... و إلا فما معنى أنه " أعطاهم الحرية " !
    لقد اعطى الله البشر الحرية بمعنى أنه لو أراد أحد أن يقتل، فليقتل.. و إلا ما معنى أنه " أعطاهم الحرية؟!
    البعض يتخيل ان الرب عمل تمثيلية و أعطى البشر حرية الإرادة .. و عند كل موقف لا يُعجبه أو لا يريده.. يسحب حرية الإرادة من البشر ويجعلهم مسلوبي الإرادة غير قادرين على فعل ما أرادوا فعله!
    حاشا لله ان يكون قد عمل مسرحية إعطاء حرية الإرادة ..
    لقد أعطى الله البشر حرية الإرادة و قد أعطاها لهم فعلاً .. و ليس هناك معنى اطلاقاً بان يُعطي البشر حرية الإرادة و عند اي موقف لا يعجبه أو يعرف أنهم لن يفعلوا ما يريده.. يسحب منهم حرية الإرادة!
    ومن هنا اقول..
    لماذا الظلم ... لماذا القسوة ، لماذا الشر في الأرض.. لماذا الألم ؟
    السبب بسيط جداً .. و هو أن البشر أحرار!
    إما الحرية أو الألم..
    و الله لا يمكن أبداً أن يسلب من البشر حريتهم.

    فهل هذا يعني أنه علينا أن نواجه الألم؟

    نعم علينا أن نواجه الألم لأنه ثمن حرية الإرادة !

    لكن الخبر المفرّح و المطمئن هو في أمرين :
    الأمر الأول انه لا يمكن أن تكون حرية المخلوق على حساب حرية الخالق ، فالخالق لا يزال حراً و يستطيع أن يتدخل و يعطينا عطايا معينة ، و يُعطينا حماية خاصة .. و يُعطينا بركات كثيرة من الألم  و من وراء الألم .. دون أن يسلب البشر حريتهم في أن يؤلمونا..
    فهو لم يمنع البشر من ان يُلقوا دانيال في جب الأسود و لكن استخدم حريته في أن يسد أفواه الأسود.
    ولم يمنع البشر في أن يلقوا رجالاً ثلاثة في أتون النار و لكنهم لم يمنعوا الخالق في أن يستخدم حريته في أن يحفظهم داخل النار.
    نعم.. لا بد أن نواجه الألم لأن الألم هو ثمن حرية البشر..
    لكن الله يظل محتفظاً بحريته و يستطيع أن يصنع أشياءً عظيمة دون ان يسلب البشر حريتهم!

    الأمر الثاني هو انه حتى لو سمح الله بأن نعاني من الألم ولم يستخدم حريته في أن يصنع شيئاً أو يمنع شيئاً فهو يجتاز معنا في هذا الألم مُسخراً إياه ليفعل فينا مشيئته و ليس ليفعل فينا ما أراده الذين آلمونا ( سببوا لنا الألم ) وهذا هو معنى الآية :
    ونحن نعلم ان الله يجعل كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله.

    هل يستطيع الله أن يخلق من الفوضى نظام؟ و أن يخلق من أردأ الأشياء ، أجملها و أعظمها.. ؟! 

    نعم ، هذا ما فعله في حياة الكثيرين ..!

    لذلك أحبائي
    لا تدينوا الله أو تلوموه بسبب الألم في الأرض ولكن الجأؤوا إليه لكي تستمتعوا بعطاياه و بركاته .. و تستمتعوا بسلطانه أنه يخرج من الألم أعظم النفع!

    -----------------------
    - د. ماهر صموئيل

    .




  • على الرّغم من كلّ البركات الّتي أعدّها الله للبشر، فإنّنا، ومع إطلالة كلّ يوم، نسمع بمآسٍ جديدة، كفيلة بإيصالنا إلى حافّة اليأس.  فهذا هو طفل تتوقّف كليَتاه، ويخضع لعمليّة مستعجلة، ويضطّر بعدها لغَسل الكليَتَين ثلاث مرّات في الأسبوع.  وهذه فتاة تتعرّض لحادث خطف واعتداء فتخسر أهمّ ما عندها، وتُصاب بأحزان وأزمات نفسيّة.  وتلك منطقة بكاملها تتهجّر وتتعرّض لمجزرة رهيبة كلّ ضحاياها من الأبرياء.  وهنا شابّ طيّب يتزوّج فتاة أحلامه، فإذا به يتفاجأ بأنّها تخونه مع آخر.  وهناك والدة شابّة تتعذّب من سرطان العظم لتموت تاركة أولادها الثّلاثة.  وهنالك صحافيّ يُشغّل سيّارته ليذهب إلى عمله فتنفجر به وتصرعه.    وهذه المشكلة ليست محصورة في بلد معيَّن، بل هي مُنتشِرة في العالم كلّه، فحيثما ذهبنا في الأرض وجَدنا شروراً يُعاني منها النّسل البشريّ. 

    وهذا الواقع يقودنا إلى التّساؤل وإلى طرح الأسئلة: لمَ هذه الشّرور؟ لماذا يسمح الله الخالق والمتسلِّط في مملكة النّاس بالشرّ؟  هل هو عاجز عن ردع الشرّ وإزالته؟  إن كان عاجزاً، فهو إذاً ليس كلّي القدرة، وإن كان قادراً ولم يردَع الشرّ فهو سيّئ النيّة، كما قال "دايفيد هيوم".  وإن لم يكن سيّئ النيّة، فهل هذا يعني أنّه عاجز عن إيقاف الشرّ، أو هو يُريده، أو عنده خطّة مُعيّنة من خلال الشرّ؟  ما نعرفه من الكتاب المقدّس حول الله ومصدر الشرّ هو التّالي:
     

    -  قلب الإنسان هو مصدر الشرّ الأخلاقيّ وليس الله. يقول يعقوب: "لا يَقُل أحَدٌ إذا جُرِّبَ: "إنّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ الله"، لأنَّ الله غيرَ مُجَرَّبٍ بالشُّرور، وهوَ لا يُجرِّبُ أحَداً" (يعقوب 1: 13).  ويقول الرّبّ يسوع:"لأنّهُ مِنَ الدّاخِل، مِن قُلوبِ النّاس، تَخرُجُ الأَفكارُ الشرّيرَة: زِنىً، فِسقٌ، قَتْلٌ، سِرقَةٌ، طَمَعٌ، خُبثٌ، مَكرٌ، عَهارَةٌ، عَينٌ شِرّيرَةٌ، تَجديفٌ، كِبرِياءُ، جَهلٌ.  جَميعُ هَذِه الشّرورِ تَخرُجُ مِن الدّاخِلِ وتُنَجِّسُ الإِنسان" (مرقس 7: 21-23).
     

    - الله مصدر كلّ خير.  يؤكّد بولس الرّسول أنّ الله يقضي بالبِرّ (رومية 9: 28)، وهو الّذي خلق العالم وكلّ ما فيه "يُعطي الجميعَ حياةً ونَفْساً وكلّ شيءٍ"، وهو ليس ببعيدٍ عن كلّ واحد من النّاس (أعمال 17: 24 و 26 و27).

    - الله يحزن بسبب الشرّ.  يوضّح الكتاب المقدّس منذ البداية أنّ الشرّ الّذي يرتكبه الإنسان أو الّذي يُصيبه يُحزِن قلبَ الله (تكوين 6: 6).  والله، عندما رأى ما حصل للإنسان عند السّقوط، وعده بخلاص كلّفه دم ابنه والألم الشديد (تكوين 3: 15).

    لكن يبقى السّؤال: لماذا يُوجد الشرّ ولماذا يسمح الله به؟  نُريد جواباً يشفي الغليل، يُقنع ويُعزّي.  من يدرس الكتاب المقدّس يجد أنّ الله يسمح بالشرّ للأسباب التّالية:

    الله يسمح بالشرّ لأنّه يحترم خيار الإنسان
    صحيح أنّ الشّرور ليست كلّها من خيار الإنسان؛ فهو لا يختار ألم ابنه أو موت أمّه، لكنْ هناك شرور تنتج من خياراته.  فلو لم يكن للإنسان حريّة الخيار بين الجيّد والسيّئ، بين الخير والشرّ، كيف يكون لخياره الخير والرّبّ قيمة ما؟ 

    لقد خلق الله الإنسان على صورته ومثاله (تكوين 1: 26)، وضِمن هذه الصّورة تكمُن إرادة الإنسان الحرّة.  ولكي يُمارس الإنسان حريّته، أعطاه الله إمكانيّة الخيار بين شجرتَين (تكوين 1: 17).  فاختار العِصيان عندما أكل من الشجرة المُحرَّمة، وأخطأ الخيار والهدف.  هذه هي الخطيّة الّتي سَقَط فيها الإنسان. 

    والخطيّة جلَبت العار والخجل والموت على الإنسان، وكان لها مضاعفات عديدة على كافّة الأصعدة الشّخصيّة والعائليّة والصّحيّة والمِهنيّة والمجتمعيّة.  من هذه المضاعفات: سِيادة الرّجل على المرأة (تكوين 3: 16)، وأوجاع حوّاء عند الولادة (تكوين 3: 16)، والشّوك أو المصائب الطّبيعيّة (تكوين 3: 18)، والتّعب في العمل (تكوين 3: 17). 

    هذا كلّه شرّ، لكنّ الله لمْ يخلق الشرّ ولا الخطيّة، بلْ سمَح للإنسان بأن يُمارِس حرّيته.  غير أنّ اختيار الإنسان للخطيّة، وعواقب هذا الاختيار، لم يكونا لِيُغيّرا خطّة الله في خلق إنسانٍ حرّ.  فالله لا يقدر أن يخلق إنساناً على صورته ومثاله من دون أن يُعطيه حريّة كاملة. 
     

    الله يسمح بالخطيّة ليُبيِّن للإنسان استحالة تفادي نتائجها
    يظنّ الإنسان أنّ الشرّ يمرّ بلا عِقاب.  لكنّ الله يسمح بالشّرور ليُبيِّن للإنسان أنّ للخطيّة أجرة، وأجرتها موت.  وهذا ما سبق وأنذر الله به الإنسان في الجنّة (تكوين 2: 17).

    يؤكّد بولس الرّسول أنّ ترك الرّبّ هو أساس كلّ الشّرور إذ يقول: "لأنَّ غَضَبَ الله مُعلَنٌ مِنَ السّماءِ على جَميعِ فُجورِ النّاسِ وإِثمِهِم، الّذينَ يَحجِزونَ الحَقَّ بِالإِثمِ ... لأنَّهم لمّا عَرَفوا الله لم يُمجِّدوهُ أو يَشكُروهُ كإِلهٍ، بلْ حَمِقوا في أفكارِهِم، وأظْلَمَ قَلبُهُم الغَبيُّ.  وبَينَما هُمْ يَزعُمُونَ أنَّهُم حُكَماءُ صَاروا جُهَلاءَ، وأَبدَلوا مَجدَ الله الّذي لا يَفنَى بِشِبهِ صورَةِ الإِنسانِ الّذي يَفنَى ... لِذَلِك أَسلَمَهُم الله أيضاً في شَهَواتِ قُلوبِهِم إلى النَّجاسَةِ، لإِهانَةِ أجسادِهِم بَينَ ذَواتِهِم.  الّذينَ استَبدَلوا حقَّ الله بِالكَذِب، واتَّقوا وعَبَدوا المَخلوقَ دونَ الخالِقِ، الّذي هوَ مُبارَكٌ إلى الأَبَد. آمين ... وكَما لمْ يَستَحسِنوا أنْ يُبقوا الله في مَعرِفَتهِم، أَسلَمَهُم الله إلى ذِهنٍ مَرفوضٍ لِيَفعَلوا ما لا يَليقُ" (رومية 1: 18 و 21-22 و 24-25 و 28). 

    إنّ رَفْضَ معرفة الله والعمل بموجب إعلانه يقود إلى كلّ الشّرور.  ويتحمّل الإنسان تبعة قراره بالابتعاد عن الرّبّ.  وهكذا يصير الإنسان بعقله، وفكره، وقوله، وعمله وسلوكه شرّيراً.  وهذا يقوده إلى تصرّفات وأفعال شرّيرة في حياته، منها الزّنى والعهارة والنّجاسة والدّعارة وعبادة الأوثان والسّحر والعداوة والخصام والغيرة والسّخط والتّحزّب والشّقاق والبدعة والحسد والقتل والسّكر والبطر، الّتي يُسمّيها الكتاب المقدّس أعمال الجسد (غلاطية 5: 19-20).  
     

    الله يسمح بالشرّ ليُنذر الخطاة

    ويسمح الخالق بأن تُصاب المجموعات البريئة وغير البريئة بالمصائب والنّكبات، وذلك كإنذار مدوٍّ لكي يعود النّاس إليه.  كما أنّه يسمح بالشرّ الطّبيعيّ كالأوبئة، أو الشرّ الأخلاقيّ كالحروب، لتأديب الشّعوب ولإنذار أولاده.  يقول النبيّ عاموس "أمْ يُضرَبُ بِالبوقِ في مَدينَةٍ والشَّعبُ لا يَرتَعِد؟  هَلْ تَحدُثُ بَلِيّةٌ في مَدينَةٍ والرّبُّ لمْ يَصْنَعْها؟" (3: 6).

    جاء بعض النّاس إلى المسيح يناقشه في سبب حصول الشرّ، ويُقدّم حادثتَين حصلتا يومها، الأولى عن مجزرة ارتكبها الحاكم الرّومانيّ بيلاطس بحقّ الجليليّين، والثّانية عن برج سقط في سلوام وقتل بعض النّاس.  فسأله عمّا إنْ كان ما حصل هو بسبب خطاياهم، فما كان من الربّ يسوع إلاّ أنْ أوضح أنّ ما حصل كان لكي يَعتَبِرَ كلّ من يسمع بهاتين الفاجعتين، ويتوب قبل أن يأتي دوره ويموت فجأة (لوقا 13: 1-5).  إذاً مهما كان سبب وفاة الآخرين، يجب أن يؤخذ على أنّه إنذار إلهيّ لنا يقودنا إلى ترك الخطيّة والشرّ رجوعاً إلى الرّبّ.
     

    الله يسمح بالشرّ ليُعاقبنا

    الخطايا الّتي يقوم بها الإنسان لا تمرّ بلا عقاب، وهي تجلب عليه الشرّ كتحصيل حاصل.  فالخطيّة والشرّ مترابطان، كما أن البرّ و الخير مترابطان.  هكذا صمّمهما الإله العادل منذ البدء (أشعياء 45: 7).  ويبقى غضب الله مُعلَن من السّماء على جميع فجور النّاس وإِثمهم (رومية 1: 18)، إذ إنّ حُكمَه الدّائم على الخطيّة هو الموت (رومية 6: 23). 

    ماذا نقول عن داود عندما أخطأ وزنى مع بتشبع، ومن ثمّ مات الولد؟  أليس شرّاً أن يموت طفل؟  بلى.  لكنّه قصاص على داود وبتشبع معاً.  ألمْ يكن زنى داود وقتله مُشجّعاً لأولاده على أن يرتكبوا الحماقات فيما بعد.  ألمْ يزني ابنه أمنون مع أخته تامار؟  ألمْ يتقاتل الأخوة فيما بينهم بعدها؟ 

    عندما يقول الرب: "لا تَزنِ" (خروج 20: 14)، فهو يُريد أن يحمي حياة الإنسان من أمور عديدة.  لأنّ هذا الأخير بازدرائه هذه الوصيّة يُزيل الحماية عن نفسه.  والله يُريد أن يحمي قداسة الحياة، ويُحافظ على رفعة الأخلاق، ويُحصّن حرمة البيت، وسلامة العلاقة الزّوجيّة، وحياة الأولاد المولودين والّذين سيولدون، ويُريد أن يحمي صحّة الإنسان الرّوحيّة والنّفسيّة والأخلاقيّة والجسديّة.  ولأنّ الزّاني بامرأة عديم العقل، كما يقول الحكيم سليمان (أمثال 6: 32)، يعمل ما يعمل من دون أن يحسب تبعات عمله، فيأتي بالنّار إلى حضنه لا محالة (أمثال 7: 7 و 23). 

    يُحذّرنا الكتاب المقدّس: "لا تَضِلّوا!‍  الله لا يُشمَخُ علَيهِ.  فإِنَّ الّذي يَزرَعُهُ الإِنسانُ إِيّاهُ يَحصُدُ أيضاً.  لأنَّ مَنْ يَزرَعُ لِجَسَدهِ فمِنَ الجسَدِ يَحصُدُ فَساداً، ومَنْ يَزرَعُ للرّوحِ فمِنَ الرّوحِ يَحصُدُ حَياةً أبَديّةً." (غلاطية 6: 7-8).  إنّ هذه الوصيّة صالحة لسلامة الإنسان كما حزام الأمان في السيّارة.  فالّذي لا يضع حزام الأمان يُعرّض نفسه للأذى.  عندها لا يُلام الله على هذا القصاص الطّبيعيّ والتّلقائيّ. 
     

    الله يسمح بالشر ليؤدِّب الناس

    التّأديب غير القصاص؛ فالقصاص هو أجرة قاسية لعمل شرّير، والتّأديب هو درس قاسٍ لتأسيس عمل أفضل.  إذاً التّأديب يهدف إلى تعليم الإنسان.  فالله لا يرضى بالشرّ ويُؤدِّب الإنسان بهدف تصحيح حياته وتقويم سبيله.  لقد سبق للرّبّ وضرب الأرض في الطّوفان وفي حريق سدوم وعمورة "واضِعاً عِبرَةًللعَتيدينَ أنْ يَفجُروا" كما يقول الرّسول بطرس في رسالته الثّانية (2: 6). 

    وبالفعل، غالباً ما يدفع الألم والشرّ بالإنسان إلى الإقلاع عن الخطيّة على طريقة "العلاج بالكَيّ".  أحياناً يكون الدّمار الكبير سبَباً ليقظة الضّمير النّائم والمخدَّر.  كما أنّ التّأمّل بآلام المسيح وموته والشرّ الّذي تحمّلَه من الخطاة يجعل الخاطئ يتوب عن خطاياه، والشّرّير طريقه ورجل الإثم أفكاره (أشعياء 53: 5).

    لنتذكّر أنّ الأهمّ في المستقبل هو نفوسنا، وليس الشرّ.  نفسونا ستبقى، أمّا الشرّ فسيزول، وحتّى الموت سيموت.  يجب أن نسأل نفوسنا: أيّة قيمة لهذا الشرّ في المستقبل؟  بعد سنة؟  بعد خمس سنوات؟  بعد مليونَي سنة؟  إنّ القيمة هي في الدّرس الّذي تعلّمناه. 

    إذاً، التّأديب يهدف إلى تغيير أمور عديدة فينا.  والشرّ كان ضروريّاً في عالمنا ليجعلنا نكره الخطيّة، وليقوّي إراداتنا ضدّها، وقد يكون وسيلة تربويّة فعّالة وسليمة.  فالتأديب يُنشئ فينا توبة وتَوق لمعرفة الحقّ، فنَستفيق من فخّ إبليس الّذي اقتَنصَنا لإرادته لنعمل رضى الرّبّ (2 تيموثاوس 2: 25-26).  يستخدم الرّبّ الشرّ كعصا التّأديب الّتي يستخدمها الأب المُحِبّ عندما يُخطئ أولاده، وذلك لتدريبهم في البِرّ ولسلامتهم في الحياة، حتّى لو لم يفهموا قصده من ذلك (عبرانيّين 12: 6-11).  ليتنا نتذكّر دائماً قول الكتاب:"هوَذا طُوبَى لِرَجُلٍ يُؤَدِّبه اللهُ.  فَلا تَرفُضْ تَأديبَ القَدير" (أيوب 5: 17).
     

    الله يسمح بالشرّ ليؤسِّس لخيرٍ ما

    لا بدّ من الإشارة إلى كون الصّلاح ليس دائماً ما نظنّه صلاحاً.  يُنذرنا الكتاب المقدّس:"لا تَحكُموا  حَسَبَ الظّاهِر بَلِ احْكُموا حُكماً عادِلاً" (يوحنا 7: 24).  وغالباً ما يطلب الإنسان مسرّته على طريقته، وإنْ لم يحقّقها يَظنّ أنّ شرّاً ما قد حصل (يعقوب 4: 3).  والله غالباً ما يأمر بالشرّ ليؤسِّس لخيرٍ حقيقيّ على أساس سليم.  فالخير يجب أن يؤسَّس على إرادة الله وصلاحه وليس على ما نظنّه خيراً وصلاحاً. 

    وهكذا يُحوِّل الله الأمور الشرّيرة إلى خير مُفيد للإنسان، كما يقول الرّسول بولس: "كلّ الأَشياء تَعمَلُ مَعاً لِلخَير للّذينَ يُحبّونَ الله ... ليَكونوا مُشابِهينَ صورَةَ ابنِه" (رومية 8: 28 – 29)، هذا هو الخير الّذي يقصده الله، وليس الغِنى والشّهوة والملذّات الّتي يطلبها الإنسان.  ليس الخير الوقتيّ بل الخير الطّويل الأمد.  فالإنسان ليس الحَكَم الأفضل لخيره ومستقبله، إنّما الله هو الحَكَم وهو يُريد أن يُحسِّن صورة الإنسان  ويجعله أكثر شَبَهاً بيسوع.

    فالألم والشرّ هما كالإزميل في يد النّحّات أو كالأدوات الحادّة في يد طبيب التّجميل الّذي يَكسِر ويَجبِر ويَعصِب ويَشفي، ليظهر الإنسان أكثر جمالاً.  قال أيّوب عن الله: "لأنَّه هوَ يَجرَحُ ويَعْصِب.  يَسحَقُ ويَداهُ تَشفِيان" (أيوب 5: 18).  وفي الواقع يدفعنا الشرّ (أيُّ مُصاب) لنُحِبّ أفراد عائلتنا وأصدقاءنا ونتقرّب منهم ونتعاطف معهم ونُضحّي من أجلهم أكثر.  فالشرّ الحاصل يقودنا لخدمة الغير.  من أجمل مشاهد الإنجيل مشهد الرّجال الأربعة الّذين تعاونوا ونَقَبوا السّطح ليُوصلوا المفلوج إلى المسيح كي يَشفيه (مرقس 2: 3-4).

    كما أنّ الألم وتأثيره قد يطولان.  والحقّ يُقال إنّ بعضهم لا يقدر أن يحتمل إلى النّهاية.  لكنْ مَنْ يَحتمل إلى النّهاية يتمتّع بالآثار الإيجابيّة المبارَكة.  لقد تألّم يوسف الصّدّيق كثيراً من إخوته الّذين حَسَدوه وكَرِهوه وباعوه ليموت في الغربة، إلاّ أنّ الله قصد بهذا الألم الشّديد خيراً له ولهم كما برهنت الأيّام فيما بعد (تكوين 50: 20).
     

    الله يسمح بالشرّ ليتمجَّد هو

    نحن ميّالون إلى الظّنّ بأنّ كلّ شرّ يحصل هو بسبب خطيّة ارتكبها الإنسان.  لكنّ الأمر ليس كذلك.  فهناك شرور يسمح الله بها ليتمجَّد من خلالها، كما أجاب يسوع عندما سأله تلاميذه عن إنسان أعمى منذ ولادته: "يا مُعَلِّم، مَنْ أَخطَأَ: هَذا أمْ أبَواهُ حَتَّى وُلِدَ أعمَى؟  أجابَ يَسوعُ: لا هَذا أخْطَأَ ولا أبَواهُ، لكِنْ لِتَظهَرَ أعمَالُ الله فيهِ" (يوحنا 9: 2- 3). 

    في أحوال كهذه يسأل الإنسان: "لماذا يا ربّ سمحتَ بذلك؟  لماذا يا ربّ سمحتَ بولدٍ مانغوليّ؟  لماذا يا ربّ سمحتَ بولد مريض أو أعمى؟"  ما هو سبب وجود نفسيّة تبحث عن الخطيّة أو الذّنب، وذَنْب مَنْ هذا؟  إنّ السّبب لا يَقَع على أحد.  فالأهل لا يُلامون ولا المريض ولا حتّى المجتمع.  ففي هذه الحالة لا وجود لخطيّة عملها أبواه.  وهنا يُطرَح السّؤال: هل يُلام الله إذاً؟  عندما يُمطِر الله بركاته على الأبرار والأشرار معاً، هل يتذمّر أحد ما؟  إذاً لماذا نتفاجأ عندما تقع آثار الخطيّة الأولى على الأبرار والأشرار؟  هذه الأمور ستحصل ليتمجّد الله من خلالها، وبالتّالي ليستفيد الإنسان.  لذا، دعونا ننظر إلى ما هو أبعد من المصيبة أو الشرّ الحاصل لنرى مجد الله.  يقول بولس الرّسول: "لأنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنا الوَقتِيَّة تُنشِئُ لَنا أكثَرَ فَأكثَرَ ثِقَلَ مَجدٍ أَبَديّاً.  ونَحنُ غَيرُ ناظِرينَ إلى الأَشياءِ الّتي تُرى، بَلْ إلى الّتي لا تُرى.  لأنَّ الّتي تُرى وَقتِيَّةٌ، وأمّا الّتي لا تُرى فَأبَديّةٌ." (2 كورنثوس 4: 17-18).

    ليَكن عندنا يقين الإيمان بأنّ الله يُظهِر، بعد عبور الشرّ، رحمته على النّاس، كما تَظهَر أشعّة الشّمس بعد الغيوم المُلبّدة والعواصف الشديدة، فتَظهَر المروج الخضراء وبركات الطّبيعة.  نعم يَحقّ لله، كخزّافٍ له سلطانٌ على الطّين، أن يصنع من كتلةٍ واحدةٍ إناءً للكرامة وآخر للهوان، وأن يُعيد تشكيل الطّين كما يشاء لكي "يُبيّن غِنى مَجدِهِ على آنِيَة رَحمَةٍ قد سَبقَ وأعَدَّها لِلمَجد" (رومية 9: 22-23).  لقد عانى بولس الرّسول كثيراً من الأمراض الجسديّة ومن عَداء الأعداء وخِيانة الأصدقاء وكافّة صعوبات الحياة، إلاّ أنّه آمن دائِماً: "أنَّ آلامَ الزَّمانِ الحاضِرِ لا تُقاسُ بِالمجْدِ العَتيدِ أنْ يُستَعلَنَ فينا" (رومية 8: 18).

    الله يسمح بالشر ليُعلِن لنا أنّ زماننا على الأرض وقتيّ

    لو كانت كلّ الحياة خيراً لما كان أحد يتمنّى تركها.  الشرّ الكائن في العالم يقول لنا إنّ عمرنا ينتهي.  فعندما نتألّم نعرف أنّنا لا ننتمي بشكل أبديّ إلى هذه الأرض الفانِية.  وكلّما اشتدّ الألم تمنّينا الانعتاق منه (رومية 8: 23).  كذلك كلّما تقدّمنا في الحياة عرفنا أنّ وقت خلع مسكننا الأرضيّ قد اقترب (2 بطرس 1: 14). 

    يسمح الله لدورة الحياة بأن تعبر فينا من وقت إلى آخر في أيّام مُظلِمَة، كأن يُواجِه البيت مشاكل زوجيّة وعائليّة وماليّة حادّة، أو أن تحلّ بنا أمراض وكوارث متلاحقة لا مفرّ منها، أو أن يمرّ ملاك الموت على عائلة فيحصد منها عدداً من النّفوس في فترة زمنيّة قصيرة.  عندها يُفكّر الإنسان بواقعيّة لم يعرفها طوال أيّام الرّخاء والسّعادة.  فيتيقّن أنّ عمره لن يطول على الأرض، ويعترف بأنّه دخل العالم عُرياناً ويخرج منه عُرياناً لا يأخذ بيده شيئاً من كلّ تعبه في الحياة (أيوب 1: 21).  فوَقفَة تأمّل في الوجود تقود الإنسان ليعرف أنّ الشرّ قد خدمه وأنّه ليس سوى غريب في هذه الأرض، فيبدأ في التّفكير بحياته الأبديّة. 

    إنّ معرفتنا لقصر أيّامنا على الأرض النّاجم من اختبارنا للشرّ، تقودنا أيضاً لنعرف أنّ الشرّ هو أيضاً وقتيّ، فلا يعود يُزعجنا أمره وكأنّه يجثم على رؤوسنا إلى الأبد.  فنتسلّح بالإيمان والرّجاء مُحتَمِلين الشرّ إلى أن يعبر بدون تذمّر من الله.  وهكذا نفهم ما قاله أيّوب لزوجته المتذمّرة، الّتي طالَبَته بأن يَلعَنَ الرّبّ ليُميته ويُريحه من آلامه: "أَالخَيرَ نَقبَلُ مِن عِندِ اللهِ، والشرَّ لا نَقبَلُ؟" (أيوب 2: 10). 

    وإذ نُدرك أنّ عمرنا لا بُدّ أن ينتهي وأنّ الشرّ بدوره محدود، نتشجّع، ونحن نعبر في دنيا الشّرور، على أن نُصلّي صلاة "يعبيص" الّذي طلب من الرّبّ: "لَيتَكَ تُبارِكُني، وتُوَسِّع تُخومي، وتَكونُ يَدُكَ مَعي، وتَحفَظُني من الشرِّ حتَّى لا يُتعِبُني.  فأَتاهُ الله بِما سَأَلَ" (1 أخبار 4: 10).  من الضروريّ أن يتذكّر المؤمن أنّه غير مدعوّ إلى أن يحيا حياة الآلام المُستَمرَّة، فالمسيح يسوع جاء ليكون له حياة، وحياة أفضل.
     

    الله يسمح بالشر ليُعيدنا إليه

    غالباً ما يستخدم الله الشرّ ليقرّبنا إليه.  فبسبب تقسّينا وانشغالاتنا في الحياة، لا بدّ من مُحرِّض لنا يدفعنا إلى أن نعود إلى الرّبّ.  وكثيراً ما يكون هذا المُحرّض هو الشّرّ.  الشّرّور الّتي تقسو علينا تعلّمنا أنّنا لا نقدر على الاستمرار في الخطيّة بعيدين عن الرّبّ.  ومَنْ يَقرأ الكتاب المقدّس يعرف أنّ الله يقسو علينا أحياناً ليُعيدنا إليه.  يوجِّه الرّبّ دعوته إلى النّاس قائلاً لهم: "اِغتَسِلوا.  تَنَقَّوا.  اعزِلوا شَرَّ أعمالِكُم مِن أَمامِ عَيْنَيَّ. كُفّوا عَن فِعلِ الشَرِّ.  تَعلَّموا فَعلَ الخَيرِ" (إشعياء 1: 16-17).  

    فالله يُريد أن يَترك النّاس الشرّ وهو على استعداد ليُساعدهم على التّخلّص منه ومن آثاره.  يقول بولس الرّسول: "فَتُوبوا وارجِعوا لتُمحَى خَطاياكُم، لِكَي تَأتي أوقاتُ الفَرَجِ مِن وَجهِ الرَّبّ ... فالله يُبارِكَكُم بِرَدِّ كلِّ واحِدٍ مِنكُم عَن شُرورِهِ" (أعمال 3: 19 و 26).

    وعَظَ بطرس الرّسول بأنّ الله لا يُريد أن يَهلِكَ النّاس، بلْ أن يُقبِلَ الجميع إلى التّوبة (2بطرس 3: 9).  المؤسف أنّ معظم النّاس يغرقون في شرّ أعمالهم ويتألّمون بسببها، وغيرهم كثيرون يتعذّبون بشرور الدّنيا، ومع هذا لا يتمسّكون بالمسيح "كمِرساةٍ للنّفسِ مؤتَمَنةٍ وثابِتةٍ" (عبرانيّين 6: 19).  وللأسف، إنّ بعضهم الآخر مِمَّن يتألّمون "من أوجاعهم ومن قُروحِهم"، كما يقول سفر الرّؤيا، يزدادون رفضاً وكُفراً وتجديفاً من دون "أن يتوبوا ليُعطوه مجداً" (رؤيا 16: 9، 11).

    ليت القارئ العزيز، وكلّ مَنْ يتألّم من أيّ شرّ، يتعرّف بالرّبِّ ويَسْلَم، فيأتيه به خيراً (أيوب 22: 21).  نجد أنّ وقت الشرّ هناك فرصة حقيقيّة وصحيحة لاختبار نعمة الرّبّ المُخلِّصة والحافظة لنفوسنا، لئلاّ يقرب الشرّ منها (مزمور 91: 7).  من الضّروريّ أن تُفكّر بمصيرك الأبديّ أكثر من الشرّ الوقتيّ.  لا يجوز أن تُضحّيَ بالأبديّ على مذبح حلّ أرضيّ وقتيّ وزائل.  إنّ صلاة توبة صادقة، فيها يطلب الإنسان من الرّبّ أن يُخلِّصه، تقوده إلى رحاب حياة أبديّة لا حزن ولا موت ولا دموع فيها.  تسليم كامل وجدّي للرّبّ يسوع المسيح يُحوّل الحزن إلى ابتهاج وفرح مجيد، كما يقول الرّسول بطرس: "الّذي بهِ تَبتَهِجونَ، مَع أنَّكُم الآنَ – إنْ كانَ يَجِب – تُحزَنونَ يَسيراً بِتَجارِبَ مُتَنوِّعَةٍ، لِكَي تَكونَ تَزكِيَةُ إيمانِكُم، وهيَ أَثمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الفاني، معَ أنَّهُ يُمتَحَنُ بالنّارِ، تُوجَدُ لِلمَدحِ والكَرامةِ والمَجْدِ عِندَ استِعلانِ يَسوعَ المسيحِ" (1بطرس1: 6، 7).

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الكاتب:  القس د  إدكار طرابلسي

    .




  • وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ . فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا : ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا. متى 11:2

    منذ أكثر من 50 عاما اعتادت أسرتى الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، وعندما كنت فى الثلاثة من عمرى سألت أمى يوماً: "ما هو عيد الميلاد؟" فأجابتنى بانه يوم عيد ميلاد الرب يسوع. فى ذلك الحين وبمنطق طفل صغير قلت لنفسى حسنا انه عيد ميلاد اذا لنأتى بتورتة عيد الميلاد والشموع والزينة ونغنى أغانى عيد الميلاد وغير ذلك من لوازم الاحتفال.

    لقد احتفظنا بهذا التقليد فى عيد الميلاد لأربعة أجيال حتى الآن، ففى كل عيد ميلاد ليسوع نقرأ قصة الميلاد من الكتاب المقدس ونشارك بعضنا مشاعر الشكر والتقديرلما فعله يسوع من أجلنا، ثم نسأل أنفسنا "ماذا سنقدم ليسوع فى عيد ميلاده لهذه السنة؟" وهذا الجزء هو أهم جزء من الاحتفال بيسوع.

    فى الأغلب نحن نمنع يسوع من الحضور معنا عيد ميلاده. تخيل معى أنك فى يوم عيد ميلادك قمت بدعوة الكثير من الناس للاحتفال معك فتركوك، واشتروا هدايا لأنفسهم واحتفلوا وأما أنت فلم تأخذ شىء.

    هذا ما نفعله كثيراً فى عيد الميلاد المجيد، نشترى لأنفسنا الهدايا وننسى يسوع. لكن دعونا نكون صادقين ماذا يمكن أن نقدمه ليسوع ملك الكون الذى يملك كل شىء؟

    فى الواقع، هناك أربع أشياء ربما لا يمتلكها الله بعد، وينتظر منك أن تمنحه اياها فى هذا العيد:

    امنحه ثقتك: الايمان و الثقة بيسوع أمر اختيارى، هو لا يجبرك على الثقة فيه غير عندما تريد أنت أن تمنحه اياها.

    امنحه المكانة الاولى فى حياتك: اذا اتخذ أى شخص او أى شىء مكانة يسوع الأولى أصبح ذلك صنم تعبده. فى هذا العيد اختر أن يكون يسوع بالحق هو الأول فى حياتك، الأول فى مالك، الأول فى اهتمامتك، الأول فى علاقاتك، الأول فى جدولك اليومى، و الأول حتى فى وقت التجربة.

    امنحه قلبك: قلبك هو ماذا تحب وما تعطيه الاهتمام. يقول يسوع: (لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكُمْ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكُمْ أَيْضًا). لوقا 34:12. فالطريقة الوحيدة التى بها تمنح قلبك للمسيح هى أن تعطيه مواردك الخاصة ليعمل بها. يسوع لا يحتاج أموالك، لكنه يريد أن يكون السيد على ما يملك قلبك.

    احضر آخرين إلى يسوع: فى عيد ميلاده يريدنا يسوع أن ناتى اليه كعائلة وجماعة أكثر من اي شيء اخر. فهو يريد أن يرى أولاده يحبونه ويثقوا فيه. ولهذا نحن نحتفل بعيد ميلاد يسوع . اختار أن تدعو شخصا ليسوع فى هذا العيد. وأخبره كم صنع الرب معك وغيّر حياتك.

    يخبرنا الكتاب أن المجوس لم يقدموا ليسوع من بقايا ما عندهم ولكنهم قدموا اليه أفضل و أثمن ثلاث هدايا هم: (فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا : ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا). متى 11:2.

    عندما تمنح الله فى عيد ميلاده ثقتك، قلبك، مكانة اولى فى حياتك، وتجلب له أشخاص آخرين هذا عنده أثمن بكثير من هدايا المجوس.

    لذا فى عيد ميلاد رب المجد يسوع امنحه أفضل ما عندك قائلا له "عيد ميلاد سعيد يايسوع".

    اسال نفسك
    فى رايك لماذا أصبح من النادر أن نعطى هدية للمسيح فى عيد ميلاده؟
    ماذا يعنى أن أضع الله فى المكانة الأولى وقت التجربة؟
    أى شىء من الهدايا الأربعة اخترت أن تقدمه ليسوع هذا العام؟

     




  • لمخدرات توجد بأنواع مختلفة نباتية أو كيميائية  و يأخذها الإنسان على شكل حبوب أو على شكل مسحوق يشمه ، أو أبر يأخذها بالحقن ، وهذه المخدرات تعطيه شعوراً يختلف عن الواقع الذي يعيش ، فعندما يأخذ الإنسان الجرعة الأولى فإنه ينتعش وربما يبدأ بالضحك ويجد نفسه في عالم آخر وهذه التأثيرات تختلف حسب كمية الجرعة ونوع المخدر .

    بعد الجرعة الأولى تحدث المشكلة ، فيبدأ الصداع بعد فترة ولا يرتاح الشخص إلا بأخذ جرعة أخرى ، بعدها يصبح الشخص مدمناً ومستعبداً لهذه المواد وغالباً ما تنتهي حياة ذلك الإنسان نهاية مؤلمة .

    وفي الحياة الروحية يقوم الشيطان يومياً بحق آلاف من الناس بمخدراته ،وأغلب هذه المخدرات يضعها الشيطان في مسامع الناس فتذهب من الأذن إلى الذهن فيصبح ذهن الإنسان فاسد وشرير وبالنهاية يتخدر الضمير ويصبح الذهن أعمى ليس فيه أي بصيرة روحية ، ونهاية ذلك الإنسان تكون مع الشيطان في جهنم . إليك أيها الصديق قائمة بأنواع الخشخاش والكوكايين والهروين التي يبيعها الشيطان للأغبياء .

     

      1.   أفيون الإلحاد :
    الكثير من الناس المثقفين في العالم لا يؤمنون بوجود الله ، لأنهم يقولون نحن علماء أذكياء ونحن جئنا نتيجة لتطور الكائنات الحية !! هذه جرعة قوية روجها الشيطان مستخدماً ( دارون ) ثم قدمها الشيطان للشيوعيين وباعوا أفيون الإلحاد تحت شعار آخر لا يكتشفه الناس وهو ( الدين أفيون الشعوب ) وكم من أشخاص ذهبوا للجحيم ضحية لمخدر الإلحاد ، وكم أشخاص أعجبهم ذلك النوع من المخدر لكي ينغمسوا في فعل الرذيلة والشر الأخلاقي . وبعد أن يموت الملحد يلاقيه الشيطان في جهنم ويقول له : يا غبي ، ألم تقرأ في الكتاب المقدس : قال الجاهل في قلبه ليس إله .. "  ( مزمور 1:14 ) ألم تقرأ نحن الشياطين نقر بوجود الله  ( رسالة يعقوب 19:2 ).

     

       2.   هروين مانع التفكير :
    هذا المخدر يمنع الإنسان من التفكير في مصيره الأبدي ، ومن الظواهر التي ترافق هذا المخدر عدم الاستجابة للأسئلة التي توجه له حول المصير الأبدي ويحرم أيضاً من عدم معرفة مقره الأبدي ، ويكون السؤال مصدر إزعاج وخوف ( إذا انتهت حياتك الآن ، هل ستكون في حضرة الله في النعيم ؟ أم ستطرح حيث الشيطان والجحيم الأبدي ؟ ) وهذا الهروين يوزعه الشيطان همساً ( حالك من حال ملاين البشر ) أو يأتي الشيطان بمقولة مقبولة ( يوم الله بعين الله ) . الإنسان المسكين الذي لا يعرف يمينه من شماله يقع في هذا الفخ ولا يعرف معنى يوم الله ، يوم الله يا مسكين هو يوم الدينونة ، ولا مفر لأي بشر ولا رجاء لأي خاطئ ، الجميع صغارا وكباراً واقفين أمام عرش الله ليتم فيهم تنفيذ الحكم وطرحهم في بحيرة النار والكبريت .( رؤيا يوحنا 11:20 –15 ).

     

      3.   كوكايين ( هذا محرف ):
    أول جرعة أعطاها الشيطان كانت لحواء في جنة عدن ، فقد جاء إليها الشيطان وقال لها " أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر   الجنة ؟ ( تكوين 1:3 ) وعندما أخذت الكذبة المخدرة من الشيطان ، فإنها صدقت أكبر كذبة وسقطت في الخطية . والشيطان حاله ، حال التجار الأغنياء الذين يغيرون أسماء السلع لكي تلقي رواجاً أكثر ، فقد استبدل ( أحقاً قال الله ) باسم جديد معروف بالأسواق المحلية تحت اسم ( من يقول إن الكتاب المقدس هو كلمة الله ؟؟ ) ومن أخطر العلامات للذي يأخذ هذا المخدر هو ( الهذيان) هذا محرف ، هذا محرف ، الكتاب المقدس محرف.

     

          وبعد أن يموت الخاطئ ويذهب لملاقاة الشيطان في جهنم يقول له الشيطان : يا …. أما قرأت في كتاب الله :
    " الشيطان كذاب وأبو الكذاب " ( إنجيل يوحنا 44:8 )

     

    4.  خلطة الخشخاش والكوكايين لتخدير الضمير :
    هذا هو أخطر أنواع المخدرات التي يبيعها الشيطان بنجاح متفوقاً على بورصة طوكيو ونيويورك. وهذا المخدر اسمه ( ساعة لك وساعة لربك ) وطريقة الاستعمال سهلة جداً اعمل النجاسة واعمل الصلاح ، عيش بالخطية وافعل الحسنات اقتل وازني ووزع على الفقراء .

         والذي يعيش بهذا المخدر يتصور إن الله يمكن أن يخدع ، فيقوم ذلك الإنسان بممارسة طقوسه الدينية ثم مباشرة يرجع لممارسة أعماله الشريرة ، وهنا اذكر لك مثالين وتستطيع أنت أن تقيس على ذلك .
    1.  فبائع السيارات المستعملة يقول للمشتري ( الضحية) والله .. وبالأنبياء هذه السيارة لا مقلوبة ولا مضروبة ولا مصبوغة …
    2.  إذا كان بائع خضراوات فيكون على استعداد للحلفان باسم الله مع بعض الكذب والدجل لأجل كيلو بصل أو فجل .. آه يا أصدقائي كم هو قاسي أن نرى اسم الله رخيص !!

       وبعد أن يموت الخاطئ يلاقيه الشيطان في جهنم ويقول له يا ….. ألم تقرأ في الكتاب المقدس الله لا يستهزأ به God cannot be mocked  فكل ما يزرعه الإنسان فإياه يحصد أيضاً . (رسالة غلاطية 7:6 ).

      يا أخوتي ، يقول المسيح يسوع :

      السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك . وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل . (  إنجيل يوحنا 10:10 ).



  • من المظاهر الشائعة للعبادة في أيامنا هذه، الصيام لمدّة من الزمان تُحدّدها الكنيسة، فيقوم الناس بالامتناع عن الطعام و/أو الشراب، أو عن بعض الأطعمة دون غيرها، بغية الحصول على رضا الله وعفوه عن خطاياهم.
    لكن هناك الكثير من الأصوام التي لا علاقة لها بالله. كما أنّ كثيرًا من الأصوام تجري وفق عادات وتقاليد غريبة عن المفهوم الكتابي الحق بخصوص الصوم.

    الصوم، بحسب الكتاب المقدس، ليس فريضة يأمرنا الله أن نؤدّيها. ولكن في نفس الوقت، يعرض الكتاب المقدس الصوم كشيء جيد، نافع، ومتوقّع. ففي سفر أعمال الرسل نقرأ أنّ المؤمنين كانوا يصومون  قُبيل الإقدام على قرارات مهمة (أعمال 13: 3).

     ولكن، أليس الصوم فريضة يؤدّيها الإنسان لأجل خالقه؟

    في كل ما يطلبه الله من الإنسان، يريد به  خيره الدنيوي والأبدي. فكل الوصايا المذكورة في الكتاب المقدّس غايتها خير الإنسان وصالحه وسعادته. وهو في تعاملاته مع بنى آدم يرشدهم للطرق التي من خلالها يحاربون التجارب و الشرّ و ينعموا بالسلام  في حياتهم. ومن هذا المنطلق، لا يمكن اعتبار الصوم فريضة نؤدّيها لكي يشملنا الله بعفوه.

    ما علاقة الصوم بأن يسمع إلهنا الصلاة ويجيبها؟

    العلاقة هي في الاتّضاع...الاتضاع الذي نتّسم به خلال صيامنا، لأنّ الصيام هو إذلال للنفس وليس مجرّد الامتناع عن الأكل والشرب. فالصيام الحقيقى هو إخضاع النفس بميولها الشريرة إلى إرادة الله فيملك على قلوبنا بالمحبّة الأبديّة التي أحبّنا بها، ولا نقوم بذلك بدافع عقاب النفس. وهكذا، ليست كل الأصوام تصطبغ بالصبغة التعبّديّة لله. فالصوم الذي لله  هو أن يقول الإنسان بقلبه ونفسه أنّه تائب ونادم من دون تعالٍ ولا تكبّر بل يطلب من الله  الرحمة و يكون في صومه تعبير عن التواضع.
    الصوم، في حدّ ذاته لا يجعلنا أبرارًا ومخلّصين، لكنّه الوسيلة التي تعبّر بها عن توبة القلب الحقيقيّة.

    هل من أمثلة تظهر فيها علاقة الصوم بطلب الرحمة من الخالق؟

    هناك قصص كثيرة في الكتاب المقدس تخبرنا كيف كان للصوم دور في أن يرفع الله جزاء الدينونة عن العصاة والمتعدّين على وصاياه، وفي أن يغفر للتائبين في أحيان أخرى متى ما اقترن صومهم بالتوبة القلبية الصادقة. فمن هذه القصص قصة صوم أهل نينوى، وهذا ما جنّبهم حكم الدينونة الإلهية على أمّتهم (يونان 3: 5).

    ومن الأمثلة الأخرى صوم آخاب الملك: كان هناك شخص اسمه نابوت من منطقة اسمها يزراعيل في السامرة وكان عنده كرمة للعنب، وأراد ملك السامرة آخاب أن يأخذ من نابوت هذه الكرمة لكي يوسّع قصره. لكنّ نابوت رفض لأنّ الكرمة كانت ميراثًا له من عائلته. حزن آخاب لهذا الرفض، ولمّا رأته امرأته إيزابل حزينًا وعرفت سبب حزنه، قالت له أنّها هي ستجعله يأخذ هذه الكرمة. فأتت بشهود زور على أنّ نابوت كفر وجدّف على الله وعلى الملك. وعندما شهد الناس عليه بالكذب حكموا عليه بالموت ورجموه !  لكنّ الله أرسل إيليّا النبي إلى آخاب ليقول له أنّه في نفس المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت ستلحس دمه أيضًا. فلمّا سمع آخاب هذا الكلام لبس خيشًا وصام وبدأ يتواضع أمام الله. نقرأ هذا في (1 ملوك 21: 27- 29): " وَلَمَّا سَمِعَ أَخْآبُ هَذَا ٱلْكَلَامَ، شَقَّ ثِيَابَهُ وَجَعَلَ مِسْحًا عَلَى جَسَدِهِ، وَصَامَ وَٱضْطَجَعَ بِٱلْمِسْحِ وَمَشَى بِسُكُوتٍ. فَكَانَ كَلَامُ ٱلرَّبِّ إِلَى إِيلِيَّا ٱلتِّشْبِيِّ قَائِلًا: هَلْ رَأَيْتَ كَيْفَ ٱتَّضَعَ أَخْآبُ أَمَامِي؟ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدِ ٱتَّضَعَ أَمَامِي لَا أَجْلِبُ ٱلشَّرَّ فِي أَيَّامِهِ، بَلْ فِي أَيَّامِ ٱبْنِهِ أَجْلِبُ ٱلشَّرَّ عَلَى بَيْتِه ".

    هل يمكن أن يكون هناك أصوام لا ترتبط بالعبادة؟

    نعم، مثل حالات الإضراب عن الطعام، بهدف تحسين شروط المساومة للحصول على غرض ما، أو نتيجة التوتّر والغيرة أو الحيرة...فمثلا، نقرأ في (أعمال  23: 20، 21) أنّ جماعة من اليهود قد تعاهدوا أن لا يأكلوا ولا يشربوا حتّى يقتلوا بولس الرسول. فهذا الصوم لم يكن ذا صبغة تعبّديّة روحية بل نتيجة رغبة جامحة في الانتقام والقتل.

    فما هو الصوم الذي يرتبط بعبادة الله؟

    هناك قصص كثيرة من الكتاب المقدس تخبرنا كيف كان للصوم دور في أن يرفع الله غضبه عن شعبه وأن يغفر لهم في أحيان أخرى. فمن هذه القصص أنّ النبيّ داود أخطأ مرّة وارتكب فعل زنى مع امرأة أسمها بتشبع، وكانت نتيجة ذلك أنّها أنجبت ولدًا، ولكنّ الله بعث لداود برسول اسمه ناثان قائلا له أنّ عمله كان خطأ وأنّ الولد الذي أنجبه سيموت. لذلك بدأ داود النبي يصوم، وبات ينام على الأرض ولا يتكلّم مع أحد. لكن كانت النتيجة أنّ الولد مات. وبعدما مات قام الملك داود وأكل، ونقرأ هذه القصة من الكتاب المقدس في سفر صموئيل النبي والآيات من 13- 18:

    " فَقَالَ دَاوُدُ لِنَاثَانَ: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى ٱلرَّبِّ». فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: «ٱلرَّبُّ أَيْضًا قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ. لَا تَمُوتُ. غَيْرَ أَنَّهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ بِهَذَا ٱلْأَمْرِ أَعْدَاءَ ٱلرَّبِّ يَشْمَتُونَ، فَٱلِٱبْنُ ٱلْمَوْلُودُ لَكَ يَمُوتُ». وَذَهَبَ نَاثَانُ إِلَى بَيْتِهِ. وَضَرَبَ ٱلرَّبُّ ٱلْوَلَدَ ٱلَّذِي وَلَدَتْهُ ٱمْرَأَةُ أُورِيَّا لِدَاوُدَ فَثَقِلَ. فَسَأَلَ دَاوُدُ ٱللهَ مِنْ أَجْلِ ٱلصَّبِيِّ، وَصَامَ دَاوُدُ صَوْمًا، وَدَخَلَ وَبَاتَ مُضْطَجِعًا عَلَى ٱلْأَرْضِ.  فَقَامَ شُيُوخُ بَيْتِهِ عَلَيْهِ لِيُقِيمُوهُ عَنِ ٱلْأَرْضِ فَلَمْ يَشَأْ، وَلَمْ يَأْكُلْ مَعَهُمْ خُبْزًا. وَكَانَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ أَنَّ ٱلْوَلَدَ مَاتَ ."

    نلاحظ أنّ داود النبي اعترف بخطيّته فقال له ناثان النبي: ٱلرَّبُّ أَيْضًا قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ. لَا تَمُوتُ "، ولكن داود النبي أراد أن يتواضع قدام إلهه لكي يستجيب له الله ولا يموت الولد. لكن الولد مات؟! وذلك لأنّ الأمر ليس وفق مشيئة الله الصالحة، ولأنّ الولد سيكون مصدر عار لداود، لذلك لم يُجب الله سؤل داود لأنّ صلاته أصلاً لم تكن حسب المقصد الإلهي.

    هل هناك أوقات معيّنة للصوم: شهر معين أو أيام معينة من الأسبوع؟

    المثال الوحيد في الكتاب المقدس الذي يعتقد البعض بأنّه طلب للصوم في وقت محدّد هو الصوم المرتبط بيوم الكفارة: "أَمَّا الْعَاشِرُ مِنْ هذَا الشَّهْرِ السَّابعِ، فَهُوَ يَوْمُ الْكَفَّارَةِ. مَحْفَلاً مُقَدَّسًا يَكُونُ لَكُمْ. تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ" (لاويين 27:23). بالرغم من أنّ مصطلح الصوم لم يُذكر بعينه، إلا أنّ البعض يعتقد بأنّ التذلّل يُفهم على أنّه صوم، وهذا يناسب الأحداث المهيبة المرتبطة بيوم الكفارة. فهذا "الصوم" يرتبط بإذلال النفس وإضعاف سيطرة الخطيئة عليها. فالصوم من دون التوبة الخالصة عن الخطيئة لا معنى له ولا فائدة روحيّة تُرتجى منه.

    متى كان المؤمنون يصومون، في أيّام الكتاب المقدّس؟

    نقرأ في الكتاب المقدس أنّ الناس صاموا في ظروف مختلفة:

    فدانيال النبي صام لمدة 21 يومًا عندما احتاج إلى حكمة من الله وطلب روح الفهم والمشورة، لكي ينال تفسيرًا للنبوءة: (راجع دانيال 10: 2- 3، 7).

    كان الصوم يتم أيضا لتجنّب الدينونة التي ستحل بالأمّة، كما هي الحال مع نينوى، حيث صام أهل المدينة كلّهم وهو صوم التوبة فامتنعت الدينونة عنهم (يونان 3: 5). وكانت الكثير من الكوارث التي ستحل يتمّ تحويلها أو إلغاؤها بفعل صلاة  التوبة والصوم الجماعي (راجع 1 صموئيل 7: 6، 2 أخبار 20: 3).

    والملكة أستير صامت عندما كان خطر الموت محدقًا بها وبشعبها في بلاد فارس: (أستير 4: 3).

    وكان الشعب يصوم أيضًا في الأوقات العصيبة الأخرى مثل أيام الحرب أو التهديد بالحرب ونقرأ عن ذلك في سفر القضاة: "فَصَعِدَ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكُلُّ ٱلشَّعْبِ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ إِيلَ وَبَكَوْا وَجَلَسُوا هُنَاكَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَصَامُوا ذَلِكَ ٱلْيَوْمَ إِلَى ٱلْمَسَاءِ، وَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ سَلَامَةٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ."(قضاة 20: 26).

    وكانوا يصومون كتعبير عن الندم على الخطية وطلبا للانتعاش الروحي (يوئيل 1: 14، 15، ونحميا 9: 1). وهذا الصوم هامّ جدًّا، سؤاء أكان على مستوى الفرد أم على مستوى جماعة المؤمنين. وعن طريق الصوم كان الله ينجّي شعبه وكل المؤمنين به من كل المحن والضيقات ويغفر لهم خطاياهم عندما يتواضعون ويعترفون نادمين على كل خطية ارتكبوها.

    ومن الأمثلة الواضحة عن الصوم في العهد الجديد صوم " المسيح" عند بداية خدمته العلنيّة، وقد أكسبه هذا الصوم قوة هائلة احتاج إليها للصمود أمام تجارب الشيطان، كما ضرب في ذلك أروع مثال في إخضاع قوة الشهية للإرادة المتعطّشة إلى عمل مشيئة الآب السماوي (متى 4: 2).

    ما هي المدّة التي يجب أن يصومها المؤمن؟

    لا توجد مدّة محدّدة، بل يصوم المؤمن بحسب إلهام الروح القدس. ففي الأصوام المذكورة في الكتاب المقدّس، كانت المدة تختلف بين حالة وأخرى. فكل مؤمن كان يصوم بحسب إيحاء الروح القدس، إذ لم تكن هناك فروض تحدّد مدّة الصوم، بل تُرك الأمر مفتوحًا للظروف الخاصّة بكل حالة. فأحيانًا كان الصوم يومًا واحدًا، وأحيانًا كانت ليلة واحدة، وأحيانًا كان الصوم يستمر ثلاثة أيّام كما فعلت أستير، كذلك صام شعب بلد جلعاد سبعة أيّام عندما مات شاول الملك، وصام داود سبعة أيّام لمّا مرض ابنه من بتشبع. وصام دانيال ثلاثة أسابيع أيّام وليال، وصام موسى قبل أن يستلم الشريعة من الله على الجبل أربعين يومًا.

    كيف ينبغي أن يصوم الإنسان؟ هل ينبغي الامتناع نهائيّا عن الأكل والشرب؟ وهل هنالك أنواع خاصّة من الطعام يمكن أكلها أثناء فترة الصيام؟

    بالنسبة لرجال الدّين، الصوم هو الامتناع عن الطعام لمدّة من الزمن، لكنّ الكتاب المقدس لم يحدّد هذا الأمر بشكل جازم، إنّما نكرّر أن الصوم لا يتوقّف على الامتناع عن الأكل والشرب ولكن للصوم معنى أعمق من ذلك بكثير. فكما ذكرنا أنّ الإنسان في صيامه يذلّ نفسه أمام الله كتعبير عن توبته عن خطأ عمله أو لطلب الرحمة وغيرها لكن المعنى المهم هو أنّنا نصوم عن العالم أي نكسر نفوسنا وأجسادنا معًا في نفس الوقت أمام إلهنا لكي نقترب بنفوسنا من خالقنا وإلا سيكون الصيام غير مقبول وبلا فائدة روحية. هناك بعض الناس الذين لا يقدرون أن يمتنعوا نهائيا عن الطعام والشراب إذ قد يؤدي هذا الامتناع إلى شعور بدوران في الرأس وغثيان...فيمكنهم تناول وجبة خفيفة جدا (بعض الثمار مثلا) في أثناء الصوم، ثم يكملون تأمّلهم الروحي ويُعتبرون صائمين. فالصوم الحقيقي يتعلق أكثر بحالة القلب من حالة المعدة.

    هل يعنى ذلك أنّ الصوم الذي يقتصر فقط على الامتناع عن الأكل والشرب ليس صوما حقيقيا؟

    نعم، وفي الكتاب المقدس أمثلة كثيرة على ذلك: فمثلا نقرأ في سفر أشعياء الأصحاح 58 والأيات 3-7: "يَقُولُونَ: لِمَاذَا صُمْنَا وَلَمْ تَنْظُرْ، ذَلَّلْنَا أَنْفُسَنَا وَلَمْ تُلَاحِظْ؟ هَا إِنَّكُمْ فِي يَوْمِ صَوْمِكُمْ تُوجِدُونَ مَسَرَّةً، وَبِكُلِّ أَشْغَالِكُمْ تُسَخِّرُونَ. هَا إِنَّكُمْ لِلْخُصُومَةِ وَٱلنِّزَاعِ تَصُومُونَ، وَلِتَضْرِبُوا بِلَكْمَةِ ٱلشَّرِّ. لَسْتُمْ تَصُومُونَ كَمَا ٱلْيَوْمَ لِتَسْمِيعِ صَوْتِكُمْ فِي ٱلْعَلَاءِ. أَمِثْلُ هَذَا يَكُونُ صَوْمٌ أَخْتَارُهُ؟ يَوْمًا يُذَلِّلُ ٱلْإِنْسَانُ فِيهِ نَفْسَهُ، يُحْنِي كَٱلْأَسَلَةِ رَأْسَهُ، وَيْفْرُشُ تَحْتَهُ مِسْحًا وَرَمَادًا. هَلْ تُسَمِّي هَذَا صَوْمًا وَيَوْمًا مَقْبُولًا لِلرَّبِّ؟ أَلَيْسَ هَذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ ٱلشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ ٱلنِّيرِ، وَإِطْلَاقَ ٱلْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ. أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ ٱلْمَسَاكِينَ ٱلتَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ، وَأَنْ لَا تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ."

    نفهم من هذه الآيات أنّ هناك أناسًا صاموا ظانّين أنّهم فعلًا أذلّوا أنفسهم وتابوا توبة صادقة أمام إلههم، لكنّ الحقيقة هي أنّهم لم يتوبوا بل كانوا مشغولين بأعمالهم. بالإضافة الى ذلك، فقد كان نفوسهم مدنّسة بالخصام والعناد وكانوا يتبادلون الكلام السيّئ ويهينون بعضهم، ورغم كل ذلك، كانوا يعتقدون أنّهم في صوم حقيقي وأنّ الله يسمع صلاتهم في هذا الصيام. لكن الحقيقة هي أنّهم صائمون بجسدهم، أي يحرمون أنفسهم من الأكل ويسمحون لأنفسهم أن تقترف الذنوب أو أن تفتكر أذهانهم بالشر ويقول الواحد منهم: "إنّي صائم"، ولكنّ فكرهم ما زال مشغولا بالأفكار البطّالة التي ينمّيها إبليس في داخلهم.

    كما أنّ السيد المسيح قد حذّرنا من الصوم على طريقة الفريسيّين، إذ قال: "وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ" (متى 6: 16). وهذا أيضا من الشروط الواجب مراعاتها عند الصيام حتى يكون صياماً حقيقيّا يرضى عنه الله. 

    لكن ما هو الحل لأولئك الناس؟

    الحل مذكور في نفس الآيات في الجزء الذي يقول: "أَلَيْسَ هَذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ ٱلشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ ٱلنِّيرِ، وَإِطْلَاقَ ٱلْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ. أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ ٱلْمَسَاكِينَ ٱلتَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ، وَأَنْ لَا تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ". فالصيام الذي يخلو من توبة صادقة عن الخطية أمام الله لا فائدة منه [الخطية هي التعدي على الناموس (راجع 1 يوحنا 3: 4]. لنتخيّل أنّ هناك أيّاما معيّنة يصوم فيها كلّ الناس- المستعدّ للتوبة وغير المستعدّ لها- فبالطبع سيكون هناك أناس صائمين وغير تائبين.

    ولكن، هل يمكن أن يكون هناك أناس صائمون وغير تائبين؟

    بالطبع، فهناك كثيرون يصومون عن الأكل فقط، وقد يصومون عن خجل واضطرار، أو لأنّ الصوم يكفّر عن ذنوبهم ويغفر لهم خطاياهم. ومن هؤلاء من يملك الكثير من المال لكنّه يُهمل قريبه أو أيّ شخص من معارفه جائعًا أو محتاجًا أو عريانًا. وكما قرأنا في الآيات السابقة أنّ الصيام الحقيقي هو أن نُرجع الناس عن طرقها ونسعى للخير فلا يكون هناك من شرّ بيننا وبين أحد ولا نترك غريبًا أو تائهًا من دون أن نهتمّ به أو نستضيفه في بيوتنا.

    إذًا فالصيام هو أنّنا نحسّ بغيرنا؟

    الإحساس بغيرنا هو نتيجة للصوم الحقيقي، الذي هو أن يمتنع الإنسان عن كل شروره مع كل الناس من حوله وأن يكون أمينا مع رسالة الحق فتكون علاقته مع الله صحيحة أثناء صيامه وبعد صيامه. وبعد ذلك، إذ يكون الإنسان نادمًا على ذنوبه ومعترفًا بخطيّته فتكون النتيجة أنّه يحسّ بغيره.

      

    هل من شروط لكي يكون الصوم مقبولا؟

    ذكر السيد المسيح أهمّ شرط لقبول الصوم ونقرأه في إنجيل متى الأصحاح 6 والآيات من 16-18:"وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ. وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً". نتعلّم من هذه الآيات أهمّ شرط من شروط الصوم وهو أن يكون الصوم صومًا لله فقط وليس صومًا للتباهي بالتقوى والتديّن. فالصيام الحقيقي يكون بيني وبين الآب السماوي، لذلك حذّرنا السيد المسيح له المجد، وهو العارف بطبيعتنا وما سيحصل،  حذّرنا من أن نظهر للناس صائمين. وهكذا، يجب أن تنوخّى السريّة في الصوم، فالله الذي يرى في الخفاء هو الذي سيجازينا وليس الناس الذين نبدو لهم صائمين.

    وماذا عن الذين لا يقدرون أن يصوموا، كالمرضى...؟ فهل من الضرورة بعد فوات مدّة المرض مثلا أو غيرها أن يرجع الصائم ويعوّض عن الأيّام الفائتة من صيامه؟

    إنّ الصوم وسيلة وليس فريضة، لذا لسنا نلتزم بأيّام أو شهور لكن بأوقات معينة لا يعرفها إلا الصائم والله. ففي الصيام هناك انكسار للنفس أمام الله من دون أن يعرف أحد. ويمكن أن يكون هذا يومًا واحدًا من الصباح لغاية الليل ويمكن أن يكون لمدة أطول حسب القدرة.

    هل من الضروري أن نصلّي أيضًا أثناء الصوم؟

    عند ذكر لوقا مثل قاضي الظلم الذي ذكره السيد المسيح، كتب لوقا التالي: "وَقَالَ لَهُمْ [أي المسيح] أَيْضًا مَثَلاً فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ" (لوقا 18: 1). فالصلاة والتضرّع كلّ حين ينبغي أن يكون أسلوب حياة عند المؤمن، وخصوصًا أثناء الصوم، فالهدف من الصوم هو الاقتراب من الله، لذا تُرافق الصلاة الصومَ حتمًا، فنتكلًم مع إلهنا المحبّ بصلاتنا ونسأله ويسمع لنا. فإن لم نصلِّ لا فائدة لصومنا بل يكون صومنا مجرّد حرمان للجسم من الأكل فقط وليس له أيّة فائدة روحية، ويكون تذلّلا للنفس ومجرّد إثبات أنّني قادر أن أمنع نفسي عن الأكل مدّة من الوقت وأفرح وأفتخر بنفسي أنّي صمت هذه المدّة أو أحسّ أنّي أتممْتُ ما هو مفروض عليّ.

    كما نقرأ في إنجيل لوقا أنّ حنّة النبيّة كانت دائمًا تتعبّد في الهيكل بأصوام وطلبات ليلًا ونهارًا (لوقا 2: 37).

    هل هناك نصائح أخرى بخصوص الصوم؟

    غالباً ما يكون التركيز في الصوم على عدم تناول الطعام. ولكن الغرض الأساسي هو تقوية الحياة الروحية وزيادة القدرة على سماع صوت الروح القدس في ضمائرنا وقلوبنا. قد تكون فترات الإمتناع الطويلة عن الطعام ضارّة للجسد. فليس المقصود بالصيام معاقبة الجسد، بل التركيز على الله. ويجب ألا يكون الصيام "نظام غذائي للتخسيس". فلا ينبغي أن نصوم لنفقد بعض الوزن، ولكن لنكسب علاقة أوثق وشركة أعمق مع أبينا السماوي.
    نعم، يمكن لأي شخص الصوم. وربما لا يتمكّن البعض من الامتناع عن تناول الطعام (مرضي السكر مثلاً)، ولكن كلّ شخص يمكنه التنازل عن شيء ما يساعده على التركيز على الله المحبّ.

    هل من أهداف أخرى للصوم؟

    الصيام كما قلنا هو وسيلة قويّة جدًّا تجعل المؤمن قادرًا على معرفة مشيئة الله في كلّ المراحل المهمّة من حياته. فعلى سبيل المثال، كان النبي موسى، قبل أن يعطيه الله الوصايا العشر، كان صائمًا لمدّة أربعين يومًا وليلة! كذلك نحن كمؤمنين بعمل المسيح وقبل كل خطوة مهمّة مثل عمل جديد أو زواج أو معرفة مشيئة الله في حياتنا من ناحية أيّ أمر، بمجرّد أنّنا نصوم بقلوبنا ونفرّغ أنفسنا من أفكار العالم وشهواته نتقرّب من خالقنا ونحسّ بوجوده في حياتنا ونكون مستمعين جيّدين لصوت الإله الحقيقي، من خلال روحه القدّوس، الذي يتكلم في نفوسنا وضمائرنا ويعلن في داخلنا عن مشيئة إلهنا الصالحة في حياتنا. وبتحويل نظرنا عن الأشياء العالميّة، يمكننا التركيز أكثر على المسيح.

    لذلك إن كنت بحاجة لأن تسمع صوت السيّد داخل ضميرك ونفسك صلِّ معنا والتزم بصوم من كلّ قلبك:
    "ياسيّدي الإله المحبّ، أنا نادم يا رب أنّي دائمًا غير مطيع لك، وأنّي كاسر لوصاياك، ودائمًا في صيامي انشغل بمشاغل الدنيا واهتماماتها. لذا يا إلهي اسألك أن تعطيني القوة لكي أصوم لك أنت وحدك من كل قلبي... اجعلني  في صيامي أركّز نظري عليك أنت وحدك وأكون حسّاسًا لسماع صوت روحك القدوس... كلّمني يا أبتي السماوي فعبدك سامع... اقبل توبتي... قوّيني حتّى أكون دائمًا في خطّتك التي رسمتها لي واجعلني مطيعًا لك ولمشيئتك... أسألك اليوم باسم الفادي يسوع المسيح...آمين".

    خلاصة:

    الصوم الحقيقي أكبر بكثير من أن يُعرّف بمجرد الامتناع عن الطعام لأوقات مفروضة من الكنائس. ينبغي أن يكون الصوم أسلوب حياة للمؤمن، فنحن مدعوون للصوم عن الخطيئة طيلة حياتنا وهذا هو المعنى الأعمق للصوم.

    في الكتاب المقدس نقرأ أنّ الناس كانوا يصومون في أوقات مختلفة كما تقتضي الظروف والحاجات، فكان يتم الصوم من  دون أمر واضح من الله. وكانوا يقرنون صلواتهم بالأصوام التي كان القصد منها تنشيط القدرة الروحية في حياتهم والاتضاع وإسكات صوت الحاجة الجسدية بقصد التركيز على الروحيات، أو التعبير عن أولويّة الحاجات الروحيّة على حاجات الجسد المتنوّعة، وفي هذا إظهار لحرارة طلبتهم وصلاتهم.

     الصيام هو طريقة من خلالها يمكنك التعبير لله ولنفسك أنّك جادّ في علاقتك معه. والصيام يساعد في إعطائك وجهة نظر جديدة واتّكال مجدّد على الله. وليس الغرض من الصيام هو إقناع الله بفعل ما نريده. فالصيام يغيّرنا نحن، ولكن لا يغيّر الله. والصيام ليس طريقة لإظهار أنّنا أكثر روحانية عن الآخرين. فلا بد أن يصاحب الصيام روح التواضع والفرح والصلاة الحارّة.




  • كنت استمع في صباح احد الايام الى واحدة من الاذاعات على الراديو، والى واحد من البرامج الصباحية حيث كان الموضوع في هذا اليوم عن " السعادة"، شدني كثيرا عنوان الحلقة في هذا اليوم، واردت ان اعرف ما هي اراء الناس بالبحث عن السعادة الحقيقية، البعض قال ان سعادته بأن يكون لديه المال الكثير والبعض قال ربما ان كان لدي زوجه جميلة، واخر قال ان يكون لي الكثير من الاصدقاء أو الاولاد، لاحظت والدتي اني استمع الى هذا الموضوع بشوق كبير، وسألتني ما رأيك انت في الموضوع ؟؟ كيف يمكنك ان تحصل على سعادتك، صراحة عندما سألتني هذا السؤال تذكرت الايه الكتابيه في مرقس 8 : 36 "لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه" .
    بالنسبة لنا كبشر، فان موضوع السعادة من اهم المواضيع التي نبحث عنها في حياتنا، نريد ان نعيش في سلام واطمئنان وراحة بال، فلذلك دعونا الان نسأل انفسنا ماذا يعني ان اكون سعيدا؟ او دعونا نسأل السؤال بطريقة اخرى، ما هي السعادة؟
    السعادة هي الشعور بالبهجة والاستمتاع منصهرين سوياً، والشعور بالشئ أو الإحساس به هو شيء يتعدى بل ويسمو على مجرد الخوض في تجربة تعكس ذلك الشعور على الشخص، وإنما هي حالة تجعل الشخص يحكم على حياته بأنها حياة جميلة ومستقرة خالية من الآلام والضغوط على الأقل من وجهة نظره.
    اعتقد ان هذا شيء رائع ان نعيش في سعادة مثل هذه، لا يوجد خطأ في ان نعيش حياة مستقرة وخالية من الالام والضغوط. ولكن السؤال الاهم من سؤالنا الأول هو سؤالنا الثاني وهو حتى متى تدوم هذه السعادة؟ 

    "كان رجل في ارض عوص اسمه ايوب. وكان هذا الرجل كاملا ومستقيما يتقي الله ويحيد عن الشر . وولد له سبعة بنين وثلاث بنات . وكانت مواشيه سبعة الاف من الغنم وثلاثة الاف جمل وخمس مئة فدان بقر وخمس مئة اتان وخدمه كثيرين جدا. فكان هذا الرجل اعظم كل بني المشرق" ( ايوب 1 : 1 – 3 )
    لقد كان أيوب يملك الكثير من المال، غير ان كان له الابناء، كل هذه الاشياء التي كان يملكها ايوب كانت كفيلة بأن تمنحه سعادة، وكلها ايضا اشياء تجعلنا نحن سعداء ايضا، ولكن ماذا حل بأيوب بعد ان فقد كل هذا؟ ماذا قال ايوب؟ في أيوب 30 : 15 يقول "انقلبت علي اهوال. طردت كالريح نعمتي فعبرت كالسحاب سعادتي." 
    لقد رثى أيوب نفسه في هذه الكلمات، حيث وصف حياته بعد فقدان كل ما يملك بالارض عندما تهب عليها الريح القوية فهي تقتلع كل ما تجده في طريقها، وقال ايضا عن سعادته انها عبرت كالسحاب فالسحاب الذي يكون مستقرا في العلاء و عندما تأتي عليه الريح فهي تسحبه بسرعه الى حيث لا يريد. 
    كما قرأنا في السابق ان كل سعادة ان كانت بمال او بنون او علاقات في الحياة كلها زائله فهذا بمعنى انها سعادة مزيفة، فدعونا الان نبحث بين صفحات الكتاب المقدس ان كان يعطينا طريقة لنمتلك السعادة الحقيقية. في يوحنا 4 : 13-14 يقول "اجاب يسوع وقال لها. كل من يشرب من هذا الماء يعطش ايضا.ولكن من يشرب من الماء الذي اعطيه انا فلن يعطش الى الابد. بل الماء الذي اعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة ابدية"، وكأن الرب يسوع يقول للمرأه السامرية هنا انا السعادة التي لا تنتهي السعادة التي تفيض بسعادة اخرى لكل في الابدية. لقد ادركت المرأه السامرية بعد حديثها مع الرب يسوع انه هو المسيح المخلص معطي السعادة الحقيقية فذهبت فرحة تصرخ الى اهل قريتها بالسعادة الابدية التي منحها اياها الرب يسوع.
    وهذا نفسه ما ادركته مريم عندما اختارت النصيب الصالح ليكون هو سبب سعادتها والشغل الشغال في حياتها، على عكس مريم التي اختارت ان تبحث في أمور الحياة " فاجاب يسوع وقال لها مرثا مرثا انت تهتمين وتضطربين لاجل امور كثيرة.  ولكن الحاجة الى واحد.فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها" ( لوقا 10: 41 – 42 ).
    في الحقيقية لم يعدنا الرب يسوع في حياة مليئه بالسعاده على الارض ولا وعدنا بنعيم سوف يملأ حياتنا على الارض ويجعلها حياة بغير حزن وضيق، على العكس لقد قال الرب يسوع "قد كلمتكم بهذا ليكون لكم فيّ سلام .في العالم سيكون لكم ضيق.ولكن ثقوا.انا قد غلبت العالم"، لقد كان واضحا تماما الرب يسوع في هذه الايات، فهو يقول لنا بكل شفافية ان في عالمنا هذا سوف يكون لنا ضيق، ولكن يا احبائي رجائنا بيسوع وحده الذي غلب العالم بسلطان كلمته، فليكن سعادتنا ورجائنا في هذه الحياة السلام الذي وضعه الرب في قلوبنا، ليكن رجائنا الوحيد في الفرح والسعادة الابدية التي منحت لنا من الرب يسوع كنعمة مجانيه مستمرة للابد وغير زائلة كغيرها من امور السعادة.

    .




  • سأل أحدهم :
    يحدثنا الكتاب المقدس كثيراً عن عدل الله ومعاقبته للأشرار، ألا تعتقدون أن ذلك يميل إلى تخويف الناس من الله وابتعادهم عنه؟
    الجواب:
     إذا كان الكتاب المقدس لا يُحدثنا إلا عن عدل الله ومعاقبته للأشرار، فربما نوافق بأن ذلك قد يميل إلى تخويفنا من الله وابتعادناعنه، وهذا أمر بديهي، لأن كل الناس خطاة حسب قول الكتاب المقدس. وعلى كل إنسان خاطئ تعدى وصايا الله أن يخاف من عدل الله وعقابه.
    فأين نجد إنساناً خاطئاً يذهب طوعاً إلى القاضي الذي يطلب منه أن يقدم حساباً عن أعماله السيئة لينال قصاصاً على مثل هذه الأعمال؟
    لا شك أنه علينا أن نخاف الله وعقابه، لأننا كسرنا وصاياه، وتعدينا شريعته. ويقول الكتاب المقدس بهذا الصدد: "الجميع أخطئوا وأعوزهم مجد الله" (رومية 3: 23).

    ولكن علينا ألا ننظر إلى الله كإله عادل يعاقب الأشرار فحسب، لأن الكتاب المقدس يُحدثنا عن محبته لنا أيضاً ،   لذلك علينا أن ننظر إليه بأنه إله محب أيضاً.

    فالله قادر على كل شيء، مبدع الكون بما فيه، والعالم بكل شيء، هو إله عادل، ولكنه في الوقت نفسه رحوم. ويصفه الكتاب المقدس بأنه إله محب وأنه هو نفسه المحبة، فيقول: : "الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه" (1يوحنا 4: 16). فالله هو المحبة الكاملة والمتجسدة.
    ويبلغ الكتاب المقدس أوجَهُ عندما يخبرنا بأن الله الإله العادل الذي يعاقب الخطاة، هو نفسه الإله المحب الذي يريد أن يخلص الخطاة من العقاب الصارم. نتيجة خطاياهم.
    فالإله العادل أظهر محبته للخطاة غير المستحقين، فأرسل المسيح ابنه الوحيد ليكون وسيطاً بين الله القدوس والإنسان الخاطئ. فجاء المسيح ونال القصاص نيابة عنه بموته على خشبة الصليب. فبدلاً من أن يعاقب الخطاة نتيجة خطاياهم، فقد جاء السيد المسيح ليكون وسيطاً وشفيعاً كما يقول الإنجيل المقدس: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذلك ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 3: 16).

    وهكذا بدلاً من أن يقع غضب الله علينا نحن البشر الخطاة، فإنه وقع على المسيح. فالمسيح مات لأجل خلاصنا، وقام من الموت لأجل تبريرنا، وكل من يؤمن به يحيا معه إلى الأبد. وعندما نؤمن بالمسيح شفيعنا ووسيطنا، فعندئذٍ نتمتع بمحبة الله، ونشعر بأن الله إله محب، فلا نعود نهرب من عدله وإنما نقترب منه لأجل محبته. ولا تعود تساورنا أخبار مخيفة عن عدل الله وقصاصه، بل نتأمل في محبته ورحمته وفدائه.
    ويقول الكتاب المقدس بهذا الصدد: "وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا" (رومية 6: 23). ويقول أيضاً: "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (1يوحنا 1: 9).




  • يعترض البعض على صلب المسيح ويرفضون أنه صُلب، بينما يؤكد المسيحيون صلبه. فهل من ادلة تؤيد أو تعارض الفكرتين؟

    الرواية المسيحية فلها من الأدلة الكثير، و هنا البعض منها:

    1-    شهادة التواتر:
    منذ البداية رفع المسيحيون الصليب على كنائسهم و صدورهم و على تيجان ملوكهم و أعلام الدول... أيضاً نجد أن الذين جذبهم المسيح إليه بعد موته، أكثر كثيراً ممن جذبهم أثناء حياته.. بعكس كل القادة و الأبطال الذين نعرفهم. فكان صلب المسيح هو القوة التي جذبت إليه الكثيرين.
    كما تؤكد قوانين الإيمان منذ بدئها على صلب المسيح و قيامته.. والممارسات المسيحية منذ البداية كالعشاء الرباني و المعمودية فهم رمز و ذكرى لموت المسيح و قيامته.

    2-    شهادة اليهود:
    جاء في التلمود وهو اهم الكتب الدينية لليهود بعد التوراة، ( فصل السنهدريم  ص 42 ):
    " صُلب يسوع قبل الفصح بيوم واحد ".
    كما كتب يوسيفوس وهو من اعظم المؤرخين اليهود في زمن المسيح وكان قائداً للقوات اليهودية في الجليل ( سنة 66 م ) قائلاً :
    كان يسوع الرجل الحكيم، إن كان يحق لي ان ادعوه رجلاً، لانه عمل اعمالاً عجيبة و علم تعاليم قبلها أتباعه بسرور، فجذب لنفسه كثيرين من اليهود و الوثنيين، و حُكم عليه بالصلب بناء على إلحاح قادة شعبنا، ولم يتركه أتاعه لانه ظهر لهم حياً في اليوم الثالث.

    3-    شهادة الرومان:
    عثر عالم ألماني على الرسالة التي رفعها بيلاطس البنطي الذي حكم بصلب المسيح و اودعت بالفاتيكان. كما اكتشف الجيش الفرنسي في البندقية سنة 1280م صورة الحكم الذي اصدره بيلاطس و حيثيات الحكم على المسيح بالصلب.

    4-    شهادة الفلاسفة الوثنيين و مؤرخيهم: 
    كتب ياسيتوس المؤرخ الشهير الذي ولد سنة 25م:
    لُقب الذين كان نيرون يضطهدهم بالمسيحيين نسبة لشخص اسمه المسيح حكم عليه بيلاطس البنطي بالقتل في عهد طيباريوس قيصر.

    5-    شهادة التوراة:
    لقد تنبأت التوراة بصلب المسيح في الكثير من النبوات، و إحدى هذه النبوات هي نبوة زكريا النبي عن تسليم يهوذا للمسيح( سفر زكريا 11 : 12 ) مقابل 30 من الفضة، و يروي الإنجيل عن حادثة انتحار يهوذا نتيجة شعوره بالذنب بعد تسليم المسيح للرومان.
    وبحسب الرواية الاسلامية فإن بعض المفسرين يقولون أن يهوذا هو من صُلب بدلاً عن المسيح.. ونحن نقول لو كان يهوذا هو من صُلب لشاع الخبر عند اليهود و غيرهم، لكن شهود العيان شاهدوا جثة يهوذا الذي شنق نفسه وانشقت أحشاؤه بعد وقوع جثته على بعض الأحجار.. لم يُراود هؤلاء الشهود أي شك و لم يتصوروا أبداً أن يهوذا هو الذي صُلب.

    6-    شهادة الرسل:
    لقد عاش الرسل حياتهم شاهدين و مُنادين بصلب المسيح من اجل خطايا العالم ولم ينكروها ولو لمرة واحدة. تعرض الجميع للضرب، للتعذيب، الرجم، ووضعوا في السجن. لما كانوا احتملوا كل هذا إذا لم يكن صحيحا.  
    وأيضاً لو أن الصلب لم يحدث ، لدافع كهنة اليهود و حكام الرومان عن أنفسهم أمام ادعاءات الرسل.. و لكن على العكس نراهم كتبوا عن هذه الحادثة في وثائقهم.

    7-    شهادة سيكولوجية:
    ليس الصليب إلا اداة موت وعار فكيف افتخر الرسل بموت قائدهم؟
    الإجابة:
    لأن هذا الموت حدث فعلاً و لأن نتيجة الصليب كانت بركة عظمى.

    فكيف لنا ان ننكر كل هذه الأدلة عن حقيقة صلب المسيح و نتمسك بفكرة غامضة مكتوبة في القرآن بلا اي دليل أو مرجعية.




  • اختبر لاهوتي القرن السادس عشر الكبير " مارتن لوثر " مرةً مُدة طويلة من القلق و الإكتئاب. و إذا بزوجته يوماً ترتدي ثوب حٍداد أسود. فلما رآها لوثر سألها: " من توفي ؟"
    قالت : " الله !"
    فأجاب لوثر مرتعداً : " الله! كيف تقولين قولاً كهذا؟
    فردت: " إنما أنا قائلة ما أنت عائشه".
    وعندئذ أدرك لوثر أنه كان فعلاً يعيش كما لو ان الله لم يعد حياً يرعاه بمحبته. و إذ ذاك بدل موقفه و نظرته من الشكوى إلى الشكر.

    ونحن أحياناً نعيش كما لو أن الله مات. حاشاه ذلك! فعندما نخيب و نخور. نستطيع أن نتوجه إلى المزامير. إذ أن بعض ناظميها مرّوا بأوقات عصيبة و كئيبة. غير أنهم جميعاً كانت لهم عادة حالت دون شعورهم باليأس الكلي و المرارة. ألا وهي رفع الشكر و الحمدلله. فمثلاً، كتب داود:
    " حولت نوحي إلى رقص لي، حللت مسحي و منطقتني فرحاً... يارب إلهي، إلى الأبد أحمدك" مزمور 30: 11 و 12)

    على أن مواجهة كل وضع صعب بالشكر و الحمد ليست إنكاراً للضيق أو المعاناة، بل إنها تساعدنا على رؤية تلك الأوضاع من زاوية نظر الله، باعتبارها فُرصاً تُيسر لنا اكتشاف قوته و اختبار محبته.

    ولا تنس أنك كلما عبرت عن شكرانك و امتنانك لله في وضع صعب تُعلن عملياً أن : " الله حي! ".


    .




  • كان هـنالـك ولد عـصـبي و كان يـفـقـد صـوابه بشكـل مسـتـمـر .
    فـأحـضـر له والده كـيـساً مـمـلـوءاً بالمسامـيـر
    و قال له: يا بني أريدك أن تـدق مسمارا في سـيـاج حـديـقـتـنا كلما اجـتاحـتـك موجـة غـضـب و فـقـدت أعـصـابـك ...
    و هكذا بدأ الولد بتـنـفـيـذ نـصـيـحـة والده فدق في اليوم الأول 37 مسماراً. و لكن إدخال المسمار في السياج لم يكن سهلا.ً فـبـدأ يحاول تمالك نـفـسه عـنـد الغـضـب.. و بعـد مرور أيام كان يدق مسامير أقـل.. و بعـدها بأسابـيـع تمكن من ضـبـط نـفـسه.. و توقف عن الغضب وعن دق المسامير.

    فجاء إلى والده و أخبره بإنجازه فـفـرح الأب بهذا التحول و قال له:
    ولكن عليك يا بني باستخراج مسمار لكل يوم لا تـغـضـب به.
    و بدأ الولد من جديد بخـلـع المسامير في اليوم الذي لا يـغـضـب فيه حتى انـتـهـى من المسامير في السياج..
    فجاء إلى والده و أخبره بإنجازه مرة أخرى..

    فأخذه والده إلى السياج و قال له:
    يا بني انك صـنـعـت حـسـنا.. ولكن انـظـرالآن الى تلك الثقوب في السياج ، هذا السياج لن يكون كما كان أبدا.
    وأضاف: عـنـدما تقول أشياء في حالة غـضـب فإنها تـتـرك آثار مـثـل هذه الثـقـوب في نفوس الآخرين.
    تـسـتـطـيـع أن تـطـعـن الإنسان و تـخـرج السـكـيـن، ولكن لن يهم كم مرة تـقـول (( أنا آسـف )) لأن الجـرح سـيـظـل هـناك..!!




  • يواجه الإنسان كلّ يوم تجارب متنوّعة في هذا العالم الشّرّير، ممّا يولّد لديه الخوف والحزن والألم والإحباط. فيبتعد بعضهم عن الله ويلومه، بينما يلجأ إليه بعضهم الآخر كمخلّص ومُعين. لكنّ الله أعطانا كلمته المليئة بالوعود المُغرِية والمشَجِّعة كي نتقوّى ونتشدّد في شتّى المشاكل الّتي نواجهها:

    · في الضّعف: قد يشعر الإنسان بأنّ همومه ومشاكله تُثقل كاهله، وتُضعفه وتُحطّمه وتُتعبه، فيجد دعوة الرّبّ إليه في متّى 11: 28، والّتي تقول: "تَعالَوا إلَيَّ يا جَميعَ المُتعَبين والثَّقيلي الأحمال، وأنا أُريحُكُم".

    · في الخوف: إنّ المرء قد يمرّ في تجارب عدّة تدفعه إلى الشّعور بالخوف؛ فمَن منّا لا يواجه مخاوف عديدة في هذا العالم الشّرّير. لكنّ الرّبّ يشدّدنا في إشعياء 41: 10، قائلاً: "لا تَخَف، أنا مَعَك".

    · في عدم الأمان: يشعر الإنسان، في تجارب عديدة، بعدم الأمان، ويظنّ أنّ الرّبّ قد تركه وهو بعيد عنه، فيجد في المزمور 121 تعزية، حيث يقول المرنّم: "لا يَدَعْ رِجْلَك تَزِلّ. لا يَنْعَس حافِظُك... الرّبّ يَحفَظُك من كلّ شَرّ. يَحفَظ نَفْسَك".

    · في الضّيق: يواجه الإنسان في مجتمعنا الحاليّ ضيقات ماليّة عديدة، فيظنّ أنّ الرّبّ تركه. فيتّكل بعضهم على نفسه بدلاً من الاتّكال على الرّبّ والتّسليم الكلّيّ له، وينسى وعده في متّى 2: 26 القائل: "انْظُروا إلى طُيور السَّماء: إنَّها لا تَزْرَع ولا تَحْصُد ولا تَجْمَع إلى مَخازِن، وأبوكُم السَّماويّ يقوتُها. ألَسْتُم أنتُم بالحَرِيّ أفضَل مِنها؟"، وفي العدد 28 يقول: "تأمَّلوا زَنابِق الحَقل كيف تَنْمو! لا تَتْعَب ولا تَغْزِل. ولكن أقول لكُم: إنَّه ولا سُليمان في كلّ مَجْدِه كان يَلْبَس كواحِدَة مِنها".

    على المؤمن أن يعرف، مهما مرَّ في تجارب أو قسَت عليه الظّروف، أنّ الرّبّ معه، لن يُهمله ولن يتركه. فيتّكل عليه ويسلّمه كلّ أمور حياته، فيتذكّر الوعد الثمين في فيلبّي 4: 6-7: "لا تَهْتَمّوا بِشَيء، بل في كلّ شَيء بالصَّلاة والدُّعاء مع الشُّكر، لِتُعْلَم طِلْباتُكُم لدَى الله. وسَلام الله الَّذي يَفوق كلّ عَقل، يَحفَظ قلوبَكُم وأفْكارَكُم في المسيح يَسوع".




  • الرب يسوع المسيح، لماذا لا يؤمن به بعض الناس ويرفضون تعاليمه؟

    سؤال يخطر ببال كثيرين من المؤمنين بالرب يسوع المسيح، الذين عرفوه معرفة حقيقية واختبروا نعمه وبركاته السماوية ومحبته الطاهرة وسلامه العجيب.

    سؤال قادني إلى البحث بجدية عن جوابٍ وافٍ، فتوصلت إلى عدة أسباب تبين عدم إيمان قوم من الناس بالرب يسوع المسيح وبتعاليمه الإلهية السماوية. وقبل أن أعرض الأسباب التي توصلت إليها، أصلي كي يفتح الرب يسوع المسيح عيون من لم يؤمنوا به بعد، فتزول من عقولهم كل الموانع والحواجز التي تقف حائلاً دون إيمانهم به إيماناً حقيقياً مؤسساً على رسالة الإنجيل المقدس. أما الآن فعديدة هي الأسباب لعدم إيمان كثيرين من البشر بالرب يسوع المسيح، أذكر منها:

    عدم معرفتهم بالرب يسوع المسيح

    كثير من الناس لا يؤمنون بالرب يسوع أو تعاليمه لأنهم لا يعرفون عنه شيئاً أي أنهم لم يسمعوا به أو عنه. هؤلاء لم تتح لهم الفرصة لقراءة الكتاب المقدس وخاصة الإنجيل الذي يتكلم عن شخص المسيح وصلاحه، وبره، وقداسته، ونقائه، وطهارته، وكماله، وخلوه تماماً من أي ذنب، أو غش، أو خطية. لا يعرفون كيف ولد من عذراء بدون أب، ولا يعرفون تعاليمه الفريدة التي جعلت حتى أعداءه يقولون عنه إنجيل يوحنّا 7: 46. ولا يعرفون عن معجزاته العجيبة، كردّ البصر للعمي، شفاء المرضى على أنواع علاّتهم بكلمة من فمه، مشيه على الماء، وأمره العواصف لتهدأ فخضعت لكلمته، وهو أقام الموتى مانحاً لهم حياة جديدة. لا يعرفون عن حبّه للبشر حتى أنه جاء إلى هذه الأرض ليبذل نفسه فداءً عن كل الناس، ويموت على الصليب ليدفع عقاب آثام وذنوب البشرية كلّها. ولا يعرفون عن قيامته من الأموات وظهوره لتلاميذه بعد موته. ولا يعرفون عن صعوده إلى السموات أمام أعين تلاميذه. ولا يعرفون أنه سيأتي مرة ثانية ليدين ويحكم على كل إنسان في الآخرة، والأخطر من كل هذا لا يعرفون أنه بالإيمان به إيماناً صادقاً صحيحاً سليماً مثمراً ثماراً للتوبة صلاحاً وفضيلةً، ينال المؤمن التائب، نعمة الحياة الأبدية. لا يعرفون كل ذلك. إذن، من الصعب على فرد أن يؤمن بالرب يسوع المسيح بدون قراءة أو الاستماع للكتاب المقدس.

    الخطية تبعدهم عن الرب يسوع المسيح

    سبب آخر يمنع الإنسان من الإيمان بالرب يسوع، وهو حب الخطية والإثم، وعدم الرغبة في تغيير السلوك المعوج والسير مع الله في التقوى والبر والصلاح. ولقد نهى الرب يسوع المسيح عن الإثم والشر والخطية، ليس فقط في الأعمال والمظاهر الخارجية ولكن أيضاً في العقل والقلب. ولقد أدان الرب يسوع الرياء والغش والمكر، وأوضح في تعاليمه أن الله قدوس وأنه يرى ما في القلب وفي العقل، ويطلب طهارة الإنسان من الداخل بفكره وأحاسيسه واتجاهاته. وللأسف، يتظاهر كثير من الناس بالتقوى والورع ولكن داخلهم مليء بالشر والنجاسة. ولقد قال الله في سِفر إشعياء 29: 13. ولقد قال الرب يسوع المسيح عن رفض الناس له في إنجيل يوحنّا 3: 19 - 21. يغش ابليس الكثيرين من الناس فيقنعهم أنهم ليسوا بحاجة للمسيح لخلاصهم، كما يلهيهم بأمور دنيوية فيصورها لهم بملذاتها وأفراحها الخداعة الغشاشة الزائلة، فيقعون فريسته ويفقدون خلاصهم. يقول الانجيل المقدس في رسالة بطرس الأولى 5: 8.

    الكبرياء يحجب إيمانهم بالرب يسوع المسيح

    كبرياء الإنسان يدفعه لعدم الإيمان بالرب يسوع. فلقد أكد الكتاب المقدس أننا جميعاً خطاة ومذنبون أمام الله، إذ لا يمكن لأي فرد أن يصل إلى الكمال الذي يرغبه الله. فنقرأ في الكتاب المقدس في رسالة رومية 3: 23، وفي سِفر إشعياء 64: 6. إذن، حتى أعمالنا البارّة،أي الصالحة، هي كثوب قذر أمام الله القدوس الكامل. ومع أنّ الكتاب المقدس كلمة الله يعلن من هو الرب يسوع المسيح وماذا صنع للبشر كي يخلصوا، ووعد أنّ كل من يؤمن به ينال نعمة الخلاص مجاناً، فإنّ كثيرين أبوا الإيمان به بسبب عنادهم وكبريائهم، وأبوا التعلّم من السيد المسيح الذي يقول في إنجيل متّى 11: 29. الكبرياء خطية تمنع الإنسان عن الإيمان بالرب يسوع المسيح، الله لا ولن يرضى على المتكبرين بل سيعاقبهم ان لم يرجعوا ويتركوا كبرياءهم ويتواضعوا أمامه. ينبّهنا بطرس الرسول موصياً في رسالة بطرس الأولى 5: 6.

    رفضهم الرب يسوع المسيح كما أعلنه الإنجيل المقدس:

    يؤمن كثيرون بالسيد المسيح باعتباره نبي ومرسل من الله فقط ولا يؤمنون به باعتباره "الله الذي ظهر في الجسد" أو "ابن الله" أو "الرب"، ولا يؤمنوا "لا بموته ولا بقيامته ولا بفدائه" لأنّهم كما نقرأ في رسالة كورنثوس الثانية 4: 4. يظن أولئك الناس أنّ إيمانهم بالمسيح كما عرفوه في كتابهم كافٍ، ولكن، هذا غير صحيح البتة إذ أنّ من يؤمن بالرب يسوع عليه أن يؤمن به كما أعلنه أو أظهره الكتاب المقدس للعالم، وإيمان دون ذلك فهو إمّا باطل وإمّا ناقص وفي كلا الحالين إيمان مرفوض من الله لأنه ينكر هوية المسيح الحقيقية، والرب يسوع يقول في إنجيل متّى 10: 33.

    الإلحاد جعلهم يرفضون الرب يسوع المسيح:

    لا يؤمن كثيرون بالمسيح لأنّهم لا يؤمنون بالله ولا يعترفون بوجوده (الملحدون). فهؤلاء يعتبرون أن الكون وُجِد صدفةً نتيجة عوامل طبيعية، وهم يسخرون من الأديان برمّتها فيحسبون الدين "أفيون الشعوب". مثل هؤلاء ينطبق عليهم قول الله على فم عبده ورسوله بولس في رسالة فيلبّي 3: 18 و19.

    صديقي القارىء، إذا كنت واحداً من أولئك الذين لا يؤمنون بالرب يسوع المسيح لأحد الأسباب المذكورة أعلاه أو لأي سبب آخر، تأكد أنّك لست في الطريق الصحيح، راجع أفكارك وتأمل في رسالة الإنجيل المقدس المصدر الوحيد لتتعرّف على شخص الرب يسوع المسيح من يحبك محبة شخصيّة. تواضع أمام عظمة الله جابلك وخالق هذا الكون الرحب، آمن بالرب يسوع واترك خطاياك عنده وهو يطهرك منها ويمنحك خلاصه ويكتب اسمك في سفر الحياة. يقول الرب يسوع المسيح في إنجيل يوحنّا 8: 12، وإنجيل يوحنّا 6: 37.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    منقول عن موقع معرفة.




  • ما هو السبيل إلى الانتصار على الخطية؟ 

    يمكنك الانتصار على الخطية، بوسائط النعمة. فالله لا يترك المؤمن إلى مجهوده الشخصي، ومسعاه الذاتي، لكي يتحرر من الخطية وليتمم خلاصه. بل يبقى عاملاً فيه، وفقاً للقول الرسولي: «تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، لأَنَّ ٱللّٰهَ هُوَ ٱلْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ ٱلْمَسَرَّةِ» (فيلبي ٢: ١٢ و١٣) ووسائط النعمة متعددة ومنها:

    1.    الشركة السرّية المستمرة مع المسيح: 
    فالمسيح بالنسبة للمؤمن، ليس مجرد معلم، أو مثال. بل هو الشخص الحي، الساكن في حيائه. ولعله بوحي من هذه الحقيقة طلب الرسول بولس من أجل الأفسسيين: « 
    لِيَحِلَّ ٱلْمَسِيحُ بِٱلإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي ٱلْمَحَبَّةِ» (أفسس ٣: ١٧ و١٨). والكتاب المقدس رسم لنا أكثر من صورة لعلاقة المؤمنين بالمسيح. فقد مثله بالكرمة وهم الأغصان (يوحنا ١٥: ١-٣) وبالهيكل المقدس وهم حجارة حية فيه (١بطرس ٢: ٥) ولعل هذه العلاقة من أهم ما عنى به الرب يسوع، حين قال: «هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى ٱلْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ ٱلْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي»  (رؤيا ٣: ٢٠). «إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً» (يوحنا ١٤: ٢٣).
    ولعل أروع اختبار في هذا الموضوع هو اختبار الرسول بولس، الذي عبّر عنه بالقول: «مَعَ ٱلْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ ٱلْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ ٱلآنَ فِي ٱلْجَسَدِ 
    فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي ٱلإِيمَانِ، إِيمَانِ ٱبْنِ ٱللّٰهِ، ٱلَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي» (غلاطية ٢: ٢٠).
    فما أحوجنا إلى أن ننسى شخصيتنا ونندمج كلياً بشحص الرب يسوع، لكي نثبت فيه ويثبت فينا. وما أحوجنا إلى الثبات في كلامه، لكي يثبت كلامه فينا. وحينئذ نطلب ما 
    نريد فيكون لنا، فننتصر على الخطية.

    2.    دراسة الكتاب المقدس: قال الرب يسوع: 
    «لَيْسَ بِٱلْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا ٱلإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ ٱللّٰهِ» (متى ٤: ٤).
    ولو تتبعنا حياة رجال الله، الذين عاشوا النصرة، نجد أنهم كانوا متسلحين بـ «سَيْفَ ٱلرُّوحِ ٱلَّذِي هُوَ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ» (أفسس ٦: ١٧) وأن جميع الذين مروا في فترات فتور 
    وانهزام استرجعوا مكانهم بواسطة الكلام الإلهي. خذ داود مثلاً، فإنه بمداد الاختبار كتب أنشودة الانتصار الخالدة: «طُوبَى لِلْكَامِلِينَ طَرِيقاً، ٱلسَّالِكِينَ فِي شَرِيعَةِ ٱلرَّبِّ. طُوبَى لِحَافِظِي شَهَادَاتِهِ. مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ يَطْلُبُونَهُ. أَيْضاً لاَ يَرْتَكِبُونَ إِثْماً. فِي طُرُقِهِ يَسْلُكُونَ. أَنْتَ أَوْصَيْتَ بِوَصَايَاكَ أَنْ تُحْفَظَ تَمَاماً. لَيْتَ طُرُقِي تُثَبَّتُ فِي حِفْظِ فَرَائِضِكَ. حِينَئِذٍ لاَ أَخْزَى إِذَا نَظَرْتُ إِلَى كُلِّ وَصَايَاكَ. أَحْمَدُكَ بِٱسْتِقَامَةِ قَلْبٍ عِنْدَ تَعَلُّمِي أَحْكَامَ عَدْلِكَ. وَصَايَاكَ أَحْفَظُ. لاَ تَتْرُكْنِي إِلَى ٱلْغَايَةِ. بِمَ يُزَكِّي ٱلشَّابُّ طَرِيقَهُ؟ بِحِفْظِهِ إِيَّاهُ حَسَبَ كَلاَمِكَ. بِكُلِّ قَلْبِي طَلَبْتُكَ. لاَ تُضِلَّنِي عَنْ وَصَايَاكَ. خَبَّأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي لِكَيْلاَ أُخْطِئَ إِلَيْكَ» (مزمور ١١٩: ١-١١). وأيضاً بشعور المنتصر على خطاياه، كتب لنا بشهادته الرائعة: «نَامُوسُ ٱلرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ ٱلنَّفْسَ. شَهَادَاتُ ٱلرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ ٱلْجَاهِلَ حَكِيماً. وَصَايَا ٱلرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ ٱلْقَلْبَ. أَمْرُ ٱلرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ ٱلْعَيْنَيْنِ. خَوْفُ ٱلرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى ٱلأَبَدِ. أَحْكَامُ ٱلرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. أَشْهَى مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلإِبْرِيزِ ٱلْكَثِيرِ، وَأَحْلَى مِنَ ٱلْعَسَلِ وَقَطْرِ ٱلشِّهَادِ. أَيْضاً عَبْدُكَ يُحَذَّرُ بِهَا، وَفِي حِفْظِهَا ثَوَابٌ عَظِيمٌ» (مزمور ١٩: ٧-١١).
    وهاك مثل آخر في شهادة الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس: «وَأَنَّكَ مُنْذُ ٱلطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ ٱلْكُتُبَ ٱلْمُقَدَّسَةَ، ٱلْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِٱلإِيمَانِ ٱلَّذِي فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ. كُلُّ 
    ٱلْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ ٱللّٰهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَٱلتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَٱلتَّأْدِيبِ ٱلَّذِي فِي ٱلْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ ٱللّٰهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّباً لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ» (٢تيموثاوس ٣: ١٥-١٧). 
    وبطرس أيضاً، شهد لعمل كلمة الله في الإنسان، إذ قال: «وَعِنْدَنَا ٱلْكَلِمَةُ ٱلنَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، ٱلَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَناً إِنِ ٱنْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى 
    أَنْ يَنْفَجِرَ ٱلنَّهَارُ وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ ٱلصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ، عَالِمِينَ هٰذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ ٱلْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ، لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ ٱللّٰهِ ٱلْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» (٢بطرس ١: ١٩-٢١).

    3.    الصلاة: 
    حين بدأ الشيطان بغربلة التلاميذ، قال لهم الرب: «صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ» (لوقا ٢٢: ٤٠). لأن التجربة إذا قبلت تقود إلى الشهوة، والشهوة إذا كملت تلد خطية، 
    لذلك يجب أن نصلي لله بحرارة لكي لا يدخلنا في تجربة، لكي لا ندخل بها في الخطية ومن الخطية إلى الهلاك.

    4.    التوبة المصممة: 
    قال القديس باسيليوس: جيداً أن لا تخطئ. وإن أخطأت فجيد أن لا تؤخر التوبة. وإن تبت، فجيد أن لا تعاود الخطية. وإذا لم تعاودها، فجيد أن تعرف أن ذلك قد تم بمعونة 
    الله. وإذا عرفت ذلك فجيد أن تشكر الله على نعمته، وأن تطلب مه باستمرار أن يقدم المعونة.

    5.    صلب الإنسان العتيق: 
    كتب الرسول بولس إلى الأفسسيين: « وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا ٱلْمَسِيحَ هٰكَذَا إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمُوهُ وَعُلِّمْتُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ حَقٌّ فِي يَسُوعَ، أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ ٱلتَّصَرُّفِ ٱلسَّابِقِ 
    ٱلإِنْسَانَ ٱلْعَتِيقَ ٱلْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ ٱلْغُرُورِ، وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، وَتَلْبَسُوا ٱلإِنْسَانَ ٱلْجَدِيدَ ٱلْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ ٱللّٰهِ فِي ٱلْبِرِّ وَقَدَاسَةِ ٱلْحَقِّ» (أفسس ٤: ١٠-٢٤).

    6.    الالتجاء إلى محبة المسيح: 
    قيل أن إبليس الرجيم هاجم القديس مكاريوس وهو يصلي بالإطراء وقصده أن يحمله على الكبرياء قائلاً له: كم أنت قديس وكامل فأجابه رجل الله: لكنك نسيت ضعفاتي 
    وتقصيراتي الكثيرة. وفي مرة ثانية حاول الغاوي أن يحمله على اليأس من رحمة الله، قائلاً له: كم أنت ناقص وكثير الذنوب فقال رجل الله: صحيح أنا كثير الذنوب والعيوب ولكنك نسيت محبة المسيح لي وموته لأجلي. إنه بكماله يكمل نقائصي.

    7.    الاجتماعات الروحية: 
    من المسلم به أن الاجتماعات الروحية، من أقوى الوسائل التي اوجدها الله لنمو المؤمنين وتقدمه في الحياة المسيحية. ويخبرنا سفر أعمال الرسل أن اعضاء الكنيسة 
    الأولى، «َكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ ٱلرُّسُلِ، وَٱلشَّرِكَةِ، وَكَسْرِ ٱلْخُبْزِ، وَٱلصَّلَوَاتِ» (أعمال الرسل ٢: ٤٢). ولهذا قال الرسول بولس: «َلْنُلاَحِظْ بَعْضُنَا بَعْضاً لِلتَّحْرِيضِ عَلَى ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلأَعْمَالِ ٱلْحَسَنَةِ، غَيْرَ تَارِكِينَ ٱجْتِمَاعَنَا كَمَا لِقَوْمٍ عَادَةٌ» (عبرانيين ١٠: ٢٤ و٢٥).




  • عدم الغفران" وأثاره السلبيه

    عدم الغفران هو أن تعقد داخلك ساحة للقضاء تكون أنت المجني عليه والقاضي الحاكم على"المُذنِب" المُسئ إليك بالحكم الرادع، ثم تصنع داخلك أيضاً سجناً لتسجنه، فنظل نشعر بالألم والمرارة الشديدة بسبب ما حدث معنا ولن نرتاح حتي نري الشخص المسئ وهو يتألم ويذوق العذاب المرير أضعاف.

    ولكن في الواقع، نحن من نتألم عندما نأخذ قرار عدم الغفران وعدم إطلاق سراحهم . لأن الأشخاص الذين جرحوك هم محبوسين بسجن وهمي داخلك فتظل مربوطاً بالماضي وبجرح الأمس و حياتك لا تتقدم لأن هذه الأحداث الأليمة لم تنتهي بعد،واستمرار الألم القديم يظل يجرحك من جديد ولكل هذا تأثير سلبي مباشر علي حياتك النفسية، فبما أنك فشلت في الماضي ولم تتخلص منه سيتكرر هذا الفشل في العلاقات مرة أخرى ونتيجة هذا تعاني من إضطرابات اثناء النوم وتوتر وبعض الأمراض العضوية. 

    ومن أهم سلبياته أنه يؤثر علي علاقتك بالله (مت 32:18)"فدعاه حينئذ سيده وقال له :

    أيها العبد الشرير كل ذلك الدين تركته لك لأنك طلبت إلي أفما كان ينبغي أنك أنت أيضاً ترحم العبد رفيقك كما رحمتك أنا"

    نحن الذين كنا أموات في الذنوب والخطايا وصفح عنا المسيح له المجد ومازلنا نخطئ ويغفر لنا ذنوباً كبيرة أما يصح أن نصفح نحن عن من أساء إلينا. وفي الصلاة الربانية نقولها بأستمرار "وأغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن للمذنبين إلينا"وإن كان المذنب لا يستحق الغفران فأنت تستحق الحرية من ذلك القيد. يقول وليم شكسبير "لا توقد في صدرك فرناً لعدوك فتحترق فيه أنت"

    وهنا نسأل هل الغفران أمراً سهلاً؟

    الغفران للمسيئين إلينا ليس أمراً سهلاً ولكنه قرار نأخذه بكامل إرادتنا لنطلق سراحهم من داخلنا ومن ثم نتحرر نحن.حتي وإن كان الجرح كبير فألله وحده القادر ان يُضمِّد جروح الماضي ويشفي نفوسنا، فما دمنا في الحياه سنُجرح ونُشتم ولكننا نبارك كما يذكر لنا معلمنا بولس الرسول في رسالته الأولي لأهل كورنثوس 11:4 "إلي هذه الساعة نجوع ونعطش ونَعرَى ونُلكم وليس لنا إقامة، ونتعب عاملين بأيدينا.نُشتم فنبارك نُضطهد فنتحمل.يُفتري علينا فنعظ.

    ما نقوم به من مسامحة الآخر المخطئ في حقنا، إنما هو إستخدام للرصيد الذي نحن به مدينون به للمسيح مع الآخرين. كل من لم يغفر، هو في الأساس لم يتمتع بعد بغفران المسيح الكامل. هيا الآن إنطلق بكلمات فمك وأعلن أنك تحتاج أن تغفر لنفسك أولاً، وبعدها تقدر أن تغفر لكل من أساء إليك "لأنه بالكيل الذي به تكيلون، يُكال لكم"

     

    بقلم/ سيلفيا جورج

    .

     



  • قرّر رجل من هواة تسلّق الجبال، تحقيق حلمه في تسلّق أعلى جبال العالم وأخطرها. وبعد سنين طويلة من التّحضير، وطمعًا بأكبر قدر من الشّهرة والتّميّز، قرّر القيام بهذه المغامرة وحده، وبدأت الرّحلة كما خطّط لها ومعه كلّ ما يلزمه لتحقيق حلمه. مرّت السّاعات بسرعة ومن دون أن يشعر، حتّى فاجأه اللّيل بظلامه وكان قد وصل تقريبًا إلى منتصف الطّريق حيث لا مجال للتّراجع، وحيث قد يكون الرّجوع أكثر صعوبة وخطورة من إكمال الرّحلة. وبالفعل، لم يعد أمام الرّجل سوى مواصلة طريقه الّذي ما عاد يراه وسط هذا الظّلام الحالك و البرد القارس، وهو لا يعلم ما يخبّئه له هذا الطّريق المظلم من مفاجآت.
    وبعد ساعات أخرى من الجهد، وقبل وصوله إلى القمّة، فقد الرّجل اتّزانه وسقط من أعلى قمّة الجبل بعد أن كان على بُعد خطوات من تحقيق حلم العمر أو ربما أقلّ، وراحت أهمّ أحداث حياته تمرّ بسرعة أمام عينيه وهو يرتطم بكلّ صخرة من صخور الجبل. وفى أثناء سقوطه تمسّك الرّجل بالحبل الّذي كان قد ربطه حول وسطه منذ بداية الرّحلة، ولحسن الحظّ كان الطّرف الآخر من الحبل معلّقًا بقوّة بإحدى صخور الجبل. فوجد الرّجل نفسه يتأرجح في الهواء، لا شيء تحت قدميه سوى فضاء لا حدود له، ويداه المضرّجتان بالدّم، تمسكان بالحبل بكلّ ما تبقّى له من عزم وإصرار. وسط هذا اللّيل وقسوته، التقط الرّجل أنفاسه كمَن عادت إليه الرّوح، وأمسك بالحبل باحثًا عن أيّ أملٍ في النّجاة، ثمّ صرخ:
    "إلهي! إلهي! تعال أعنّي".
     فاخترق هذا الهدوء صوت أجابه: "ماذا تريدني أن أفعل؟"
    -       "
    أنقذني يا ربّ".
    -       "
    أتؤمن حقًّا بأنّي قادرٌ على إنقاذك؟"
    -       "
    بكلّ تأكيد، أؤمن بهذا يا إلهي، ومَن غيرك قادر على إنقاذي؟"
    -       "
    إذًا، اقطع الحبل الّذي أنت ممسكٌ به".

    وبعد لحظة من التّردّد لم تطل، تعلّق الرّجل بحبله أكثر فأكثر. وفي اليوم التّالي، عثر فريق الإنقاذ على ارتفاع مترين فقط من سطح الأرض، على جثّة رجل يمسك بيده حبلاً، وقد جمّده البرد تمامًا.

    ماذا عنك؟ هل قطعت الحبل أم مازلت تظنّ أن حبالك سوف تنقذك؟ إن كنت، وسط آلامك ومشاكلك، تتّكل على الحكمة والذّكاء والكذب لتنجو بنفسك، فاعلم أنّه ينقصك الكثير كي تعلم معنى الإيمان الحقيقيّ.

    يعلّم سفر الأمثال 3: 5-8 : "توكّل على الرّبّ بكلّ قلبك وعلى فهمك لا تعتمِد. في كلّ طرقك اعرفه وهو يقوِّم سبلك. لا تكن حكيمًا في عينَي نفسك. اتّق الرّبّ وابعد عن الشّرّ، فيكون شفاء لسرّتك وسقاء لعظامك."

    .







  • لوقا 6: 37  "ولا تَدينوا فلا تُدانوا. لا تقضوا على أحد فلا يُقضى عليكم. اغفروا يُغفر لكم".

    القضاء أو الدينونة أو الغفران، ثلاثة خيارات متاحة. الغفران ليس فقط مفتاحاً يضمن لك رحلة غالبة، بل هو مفتاح يؤمّن لك رحلة تتقدم إلى الأمام. هناك مواقف عدة قد تُبطىء من سرعتك كعدم الغفران، فحين يجرحك أحد يمكنك أن تغضب أو تشعر بالمرارة أو تفكر في الانتقام ... أو أن تغفر وتتقدم إلى الأمام.

    الغفران قد يُرى على أنه مفتاح يفيد أقل شخص يستحق معاملتك الحسنة، لكن في واقع الأمر مانح الغفران ـ وليس المتلقي ـ هو أكبر مستفيد من الغفران. إذا لم تغفر للآخرين قد تصبح أكثر شخص متضرر. ولو غفرت لغيرك مهما كانت صعوبة الأمر، فستتمتع بالسلام والرجاء والفرح.

    الغفران بالنسبة للمؤمن الحقيقي ليس اختياراً. كلمات الرب يسوع على الصليب عن "الانتقام" لمن آذوه وسخروا منه وضعت مثالاً لكل من يتبعه: "يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لوقا 23: 34). الغفران هو التخلي عن أفكار الغضب والضغينة والانتقام وتسليم جروحنا وألمنا لمخلّص متفهِّم. عدم ترك هذه المشاعر يجعلك الضحية وليس الغالب. الظلم الواقع عليك سيقلّل من سرعتك وسيظل دائماً جزءاً من حياتك، لكن الغفران يمكنه أن يخفف من قبضته عليك ويساعدك على التقدم إلى الأمام.

    الغفران لا يعني أن تنكر الألم أو حقيقة الأذى الذي وقع عليك. ولا يقلّل أو يبرّر الخطأ. يمكنك

    أن تسامح الشخص بدون تبرير الفعل. التركيز على الأذى سيعوق حركتك وعندما تتأصل فيك المرارة والانتقام والعداوة قد تتوقف تماماً عن الحركة. إذا سمحت للمشاعر السلبية أن تتزاحم مع المشاعر الإيجابية قد تجد نفسك غارقاً في مشاعر الاستياء والغضب والظلم. الغفران هو التزام بعملية تغيير، وهو لا يحدث بين عشية وضحاها ولا يأتي تلقائياً. إنه عمل متعمّد يبدأ بقرار بأن تتشبه بالمسيح. تمسك بهذا المفتاح، لمصلحتك!
    التطبيق

    التقينا بـ"تاكوش" مرتين. أول مرة كانت بعد الحادثة البشعة لقتل زوجها بإيران لرفضه التوقف عن الكرازة بإنجيل المسيح. كانت "تاكوش" تبكي وهي تقول "طعنوه بسكين عدة مرات لدرجة أننا لم نتمكن من التعرف على جثته". لم تكن تفكر في الغفران وهي تحاول التغلب على حزنها العميق على زوجها.

    المرة الثانية التي قابلنا فيها "تاكوش" كانت بعد مرور ثلاث سنوات وكانت هناك نبرة انتصار واضحة في صوتها. وصرّحت قائلة: "لقد التحقت بمدرسة الغفران يا أخي!. في السنة الأولى أمرني الرب بأن أسامح قتلة زوجي. لم أستطع تنفيذ ذلك لكن كنت أسأل الرب أن يساعدني في هذا الأمر يوماً بعد يوم. وبعد سنة تخرجت وأنا أنطق بكلمات الغفران. ثم قال لي الرب "والآن أحبيهم". وكنت أتجادل معه قائلة: "يا رب، ممكن أن أسامحهم لكن مستحيل أن أحبهم". وصارعت لمدة اثني عشر شهراً أخرى، لكن تخرجت بعد سنة وبعد أن أعطاني الرب محبة لقتلة زوجي. ثم أعطاني الرب أمراً أخيراً: "والآن صلّي طالبة بركة لهم". كان ذلك منذ ثلاث سنوات ويمكنني القول بكل أمانة إنني غفرت لقتلة زوجي وتعلمت أن أحبهم وصليت لأجلهم. لم يكن أمراً سهلاً لكنه كان يستحق المحاولة".
    قول مأثور

    "الغفران ليس عملاً عرضياً لكن سلوك ثابت ومتواصل"  مارتن لوثر كنج جونيور

    صلاة:
    غفرانك يا رب أنقذني من الموت الأبدي. من فضلك ساعدني أسامح حتى أستطيع أن أظهر الحياة الأبدية لمن يحاول إيذائي. أعطني نعمة لأتشبّه بك في الحياة وفي محبتي وغفراني للآخرين.




  • في بستان جثسيماني
    2021/04/12

    img5060_0942051.jpg

    img5060_0773959.pdf


    في بستان جثسيماني


    في بستان جثسيماني حيث اعتاد يسوع أن يختلي بتلاميذه ليصلي. كان الخميس الأخير يقضيه مع تلاميذه، هنا خاض الرّب معركته الحقيقية وهو يضع نفسه ذبيحة لله ويكون بين يدي الله الأب ليقود الآب كل هذه الأحداث إلى الصليب.

    في هذه الأوقات العصيبة، خاض الرب يسوع أصعب لحظات الصراع وهو يحسم القرار لمواجهة الموت والصليب، كان موقفاً مروعاً بشكل لا يوصف وهو القدوس البار يسير نحو مواجهة العدو الأخير الموت حاملاً بجسده خطايا البشرية. في هذا الصراع نجد أسمى المشاعر الإنسانية الصادقة يعبر عنها الوحي ب "نفسي حزينة جداً حتى الموت ".

    من المؤكد لا يمكن وصف هذا الألم العميق الذي شعر به المسيح وهو يصير ذبيحة خطية من أجلنا ويتجرع كأس غضب الله لوحده. صحيح أنه جاء من السماء من أجل هذا الهدف واتخذ ناسوتاً لكي يموت بدلاً عنا، لكن عندما اقتربت الساعة وأصبح على وشك أن يصطبغ فعلياً بصبغة الدينونة الإلهية، تذوق في جثسيماني الألم الشديد حتى صار عرقه يتصبب دماً قبل أن يسكب دمه هناك على الصليب. في بستان جثسيماني أراد الرب يسوع أن ينفرد بتلاميذه، وأخص ثلاث منهم؛ يوحنا ويعقوب وبطرس ليكونوا معه معيّةً له، وطلب من تلاميذه أن يسهروا معه ويصلوا لئلا تكون التجربة الآتية كبيرة جداً على إيمانهم، ثم انفصل عنهم على مرمى حجر ليسكب قلبه أمام أبيه قائلاً:
    "يا أبتاه إن أمكن أن تعبر عني هذه الكأس"، كان استسلامه كاملاً لمشيئة الآب، لكنه سأل الآب إن أمكن أن توجد طريقة أخرى لخلاص الخطاة، وعندما عاد إلى تلاميذه وجدهم نياماً فوبخهم: "أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة ( الروح نشيط أما الجسد فضعيف)"، لقد غلبهم حزنهم عليه، لذلك طلب منهم أن يكونوا متيقظين ومحترسين لكي لا تأخذهم التجربة فجأة، ثم عاد ليصلي للمرة الثانية قائلاً: "يا أبتاه، إن لم يمكن أن تعبر عني هذه الكأس إلا أن أشربها فلتكن مشيئتك". لقد كان استسلامه كاملاً لإرادة الآب فمهما كانت مرارة الكأس إلا أنه أخضع إرادته لليد التي تقدم هذه الكأس. ثم عاد ليجد تلاميذه نياماً، لقد أخفقوا في السهر معه في أصعب ساعة محنة له.

     

    وعاد الى أبيه ليصلي ثالثة ليكون لوحده في الصلاة بخضوع كامل قائلاً : "ذلك الكلام. ًما يا بعينه"، ويعود ليجدهم نلم يحاول الرب أن ينجو بنفسه، فهو عالم بأن الساعة قد أتت ليتمجد الآب، مدركاً السرورالموضوع أمامه وهو خلاص البشر.وفي هدوء كامل انطلق يسوع وحده إذ تركه التلاميذ ليقابل مسلمه والحشد من الغوغاء الذين جاؤوا ليقبضوا عليه.
    لقد مرت المحنة والكرب ليصبح الآن رابط الجأش وهو يمضي طواعية كشاة تساق للذبح. في مكان التمخض والألم استطاع الرب أن يتذوق ألم بشريتنا ليشاركنا ألمنا، فيكون رئيس كهنة لنا مجرب مثلنا بلا خطية ليقدر أن يعين المجربين. قال جون ستوت: هناك كان يسوع بعزلة وحده منفرداً ليواجه صراع الموت والألم لكي لا نكون أبداً بانعزال بل ليكون الرب دائماً معنا.




  • محاكمة الرب يسوع

    خضع الرب يسوع لمحاكمات دينيّة ولمحاكمات مدنيّة.

    في الليلة التي تم القبض فيها على المسيح أحضروه أمام حنانيا وقيافا ومجلس القادة الدينيين المعروف بإسم السنهدريم (يوحنا 18: 19-24؛ متى 26: 57). وبعد ذلك أخذ أمام بيلاطس الحاكم الروماني (يوحنا 18: 23)، وأرسل ليمثل أمام هيرودس (لوقا 23: 7) ثم رجع إلى بيلاطس (لوقا 23: 11-12)، والذي حكم عليه بالموت في النهاية.
    نتكلّم الآن على الحلقة الوسطى، وقوف الرب يسوع أمام هيرودس

    من هو هيرودس؟ كان حاكماً على الجليل ومنطقة بيرية وكان رئيس ربع، كشخص كان ينتمي إلى عائلة دمويّة معروف عنها القتل، الآب قتل أطفال بيت لحم من سن سنتين فما دون.. كان يريد الانتقام من ملك اليهود الذي يريد أن يملك.

    هيرودس هذا الشخص الذي وقف أمامه الرب يسوع، هو الذي قطع رأس يوحنا المعمدان بعدما سمع لكلام هيروديا.. شبح المعمدان كان حاضراً أمامه لدرجة أنه عندما صنع المسيح معجزات عظيمة كثير من الناس قالو له هذه المعجزات تتم بروح المعمدان.

    هيرودس كان يتمنى أن يشاهد الرب يسوع شخصياً ويعمل له المعجزات. احدى المرات طلب أن يقتل الرب يسوع في (لوقا 13: 32) اتوا الفريسيين وقالوا ليسوع اذهب لأن المسيح يريد أن يقتلك فقال لهم:فَقَالَ لَهُمُ: «امْضُوا وَقُولُوا لِهذَا الثَّعْلَبِ: هَا أَنَا أُخْرِجُ شَيَاطِينَ، وَأَشْفِي الْيَوْمَ وَغَدًا، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أُكَمَّلُ.

    وكأن المسيح يقول إن لدي مهمة ولا أحد يستطيع أن ينهي هذه المهمة إلا في وفتي أنا.

    هيرودس كان شخص شرير والآن هو يقف شخصياً أمام المسيح... لقد فرح جداً فكان يتمنى من زمن طويل أن يرى يسوع وكان يريد أن يرى آية وطلب منه أن يعمل له آية لكن الرب لم يجبه. لقد أراد التسلية أو أن يرى أمر مختلف وجديد من المسيح وهو معجزة لكن كل ما طلبه هيرودس لم يجده فالرب يسوع وقف صامت ولم يرد تحقيق مطلبه وما كان من رؤساء الكهنة والكتبة أنهم يشتكون على الرب يسوع باشتداد (لوقا 23: 10) فإنهم يريدون انهاء المحاكمة بسرعة.

    هيرودس لم يكن لديه الرغبة في القضاء على يسوع لكن رؤية عمل من المسيح وعندما لم يلق تجاوب من الرب يسوع تحول تحولاً جذرياً فيقول الكتاب أنه احتقره هو والعسكر واستهزء به والبسه ثياب الملوك ثم أرجعه إلى بيلاطس. كان هذا اعتراف منه أنه لم يجد فيه أي ذنب.. وبسبب جهل هيرودس جعله يخسر أعظم فرصة لخلاص نفسه، كان يريد فقط آية لتعجبه.

    أخي أختي هل تريد آية أو معجزة يصنعها يسوع في حياتك فقط لكي تتغيّر ظروفك؟ الرب يريد أولاً تغيير قلبك قبل تغيير ظروفك.. أنه قادر على صناعة المعجزات لكنه يريد أن يصنع المعجزة الحقيقية في قلبك بأن تأتي إليه بتوبة حقيقيّة أمامه وتأخذ موقف حقيقي من الرب يسوع فهل تغتنم الفرصة وتملّك الرب يسوع على حياتك؟




  •                      الصوم وما يعلِّمه الكتاب المقدس عنه

     

    تتفاوت أهمية تناول هذا الموضوع، بين شخص وآخر، لتباين ردود الفعل حوله، بسبب ما يضعه الواقع المحيط بنا بخلفياته المتعددة، من متمسك متشدد، أو مشكك بقيمته.

    لابد في البداية من تأكيد بضع حقائق عن الصوم حسب كلمة الله.

    1-ليس بالضرورة أن يكون للصوم كامتناعٍ عن الطعام معنىً روحياً، فهو قبل كل شيء رد فعل طبيعي عند تعرض إنسان ما لظرف مؤثر بعمق يشغله، نقرأ تعبيراً عن هذه الفكرة في مز102: 1-4 يَا رَبُّ اسْتَمِعْ صَلاَتِي وَلْيَدْخُلْ إِلَيْكَ صُرَاخِي.لاَ تَحْجُبْ وَجْهَكَ عَنِّي فِي يَوْمِ ضِيقِي. أَمِلْ إِلَيَّ أُذُنَكَ فِي يَوْمِ أَدْعُوكَ. اسْتَجِبْ لِي سَرِيعاً. لأَنَّ أَيَّامِي قَدْ فَنِيَتْ فِي دُخَانٍ وَعِظَامِي مِثْلُ وَقِيدٍ قَدْ يَبِسَتْ.مَلْفُوحٌ كَالْعُشْبِ وَيَابِسٌ قَلْبِي حَتَّى سَهَوْتُ عَنْ أَكْلِ خُبْزِي. نرى أن الصوم لم يكن له قصداً بقدر ما كان تفاعلاً. إذاً ليس كل صوم هو صوم بالمعنى الروحي.

    2- بمراجعة كتب الشريعة التي تمتليء بتفصيلات ممارسات حياة التقوى التي يطلبها الله، خصوصاً الفرائض الطقسية، لا نجد ذكراً حرفياً للصوم فيها، رغم تسجيل واقع صيام موسى عند صعوده لجبل سيناء بتعبير عدم تناوله أي طعام أو ماء تث9: 9 و18، كما لا يوجد أي تفصيل شرطي واضح مُلزِم عن كيفية ممارسة الصوم من جهة التوقيت، والاستمرار، ونوعية الامتناع، في كل الكتاب.

    3- لا نقرأ "صُم" أو "صوموا" كفعل أمر مباشر، عكس الصلاة، أو غيرها من من ممارسات التقوى، لكنه يرتبط مرتين فقط بفعل أمر في الكتاب، في سفر يوئيل الأصحاح 1و2، تفاعلاً مع خطر يهدد الكينونة والوجود 1: 14، قَدِّسُوا صَوْماً. نَادُوا بِاعْتِكَافٍ. اجْمَعُوا الشُّيُوخَ جَمِيعَ سُكَّانِ الأَرْضِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ إِلَهِكُمْ وَاصْرُخُوا إِلَى الرَّبِّ. و2: 15-17 اِضْرِبُوا بِالْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ. قَدِّسُوا صَوْماً. نَادُوا بِاعْتِكَافٍ. اِجْمَعُوا الشَّعْبَ. قَدِّسُوا الْجَمَاعَةَ. احْشُدُوا الشُّيُوخَ. اجْمَعُوا الأَطْفَالَ وَرَاضِعِي الثُّدِيِّ. لِيَخْرُجِ الْعَرِيسُ مِنْ مِخْدَعِهِ وَالْعَرُوسُ مِنْ حَجَلَتِهَا.لِيَبْكِ الْكَهَنَةُ خُدَّامُ الرَّبِّ بَيْنَ الرِّواقِ وَالْمَذْبَحِ وَيَقُولُوا: «اشْفِقْ يَا رَبُّ عَلَى شَعْبِكَ وَلاَ تُسَلِّمْ مِيرَاثَكَ لِلْعَارِ حَتَّى تَجْعَلَهُمُ الأُمَمُ مَثَلاً. لِمَاذَا يَقُولُونَ بَيْنَ الشُّعُوبِ: أَيْنَ إِلَهُهُمْ؟».ولنلاحظ أن المطالبة تتضمن ليس الامتناع عن الطعام كأمر مستقل، بل تمتد لاعتكاف شامل للشعب: أطفالٍ، رضَّعٍ وشيوخ، العريس والعروس (التي تعطيهما الشريعة حق الملازمة لسنة لا يذهب فيها العريس في الجند)، وتفرُّغ من كل مشغولية، بهدف الصراخ للرب، وطلب رحمته.

    4- بنفس الوقت يُمارَس الصوم كواقعٍ يرافق حياة التدين، لذلك صار البعض يحسبه عمل برٍّ يُلزِم الله أن يكافئه ياستجابة أش58: 3 يَقُولُونَ: «لِمَاذَا صُمْنَا وَلَمْ تَنْظُرْ ذَلَّلْنَا أَنْفُسَنَا وَلَمْ تُلاَحِظْ؟»، بل نرى بوقت لاحق تحديدٌ دوريٌ لأيام صوم تذكاراً لكوارث أصابت الأمة، واحد عند إحراق الهيكل أيام نبوخذنصر، والثاني لقتل جدليا الذي أقيم والياً بعد سقوط المدينة والهيكل زك7: 1-6  وَكَانَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لِدَارِيُوسَ الْمَلِكِ أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ صَارَ إِلَى زَكَرِيَّا فِي الرَّابِعِ مِنَ الشَّهْرِ التَّاسِعِ فِي كِسْلُو لَمَّا أَرْسَلَ أَهْلُ بَيْتِ إِيلَ شَرَاصَرَ وَرَجَمَ مَلِكَ وَرِجَالَهُمْ لِيُصَلُّوا قُدَّامَ الرَّبِّوَلِيَسْأَلُوا الْكَهَنَةَ الَّذِينَ فِي بَيْتِ رَبِّ الْجُنُودِ وَالأَنْبِيَاءَ: [أَأَبْكِي فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ مُنْفَصِلاً كَمَا فَعَلْتُ كَمْ مِنَ السِّنِينَ هَذِهِ؟] ثُمَّ صَارَ إِلَيَّ كَلاَمُ رَبِّ الْجُنُودِ:ِسْأَلْ جَمِيعِ شَعْبِ الأَرْضِ وَالْكَهَنَةِ: لَمَّا صُمْتُمْ وَنُحْتُمْ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالشَّهْرِ السَّابِعِ وَذَلِكَ هَذِهِ السَّبْعِينَ سَنَةً فَهَلْ صُمْتُمْ صَوْماً لِي أَنَا؟وَلَمَّا أَكَلْتُمْ وَلَمَّا شَرِبْتُمْ أَفَمَا كُنْتُمْ أَنْتُمُ الآكِلِينَ وَأَنْتُمُ الشَّارِبِينَ؟السؤال كان هل من ضرورة للاستمرار بهذ الممارسة بعد عودة المسبيين، وإعادة بناء بيت الرب، وتعيين ملك فارس والياً من الشعب نفسه عليهم، أي لانتهاء الأسباب المؤلمة التي كانوا يتذكرونها؟ لنلاحظ صيغة السؤال حيث عنوا بالصوم، أأبكي منفصلاً.

    5- ما وجدناه من الشواهد الكتابية وهو هام جداً لفهم الصوم، أنه ليس ممارسة مستقلة بذاتها كعمل تقوى، بل يتحقق بما يرافقه كالبكاء، التذلل، الاعتكاف والصراخ للرب. لذلك نعود لحقيقة معاكسة لما بدأنا به، وهي أن الشريعة تحوي أمراً بالصوم ليس باللفظ، إنما بطلب تذليل النفس لكل الشعب فريضة سنوية يوم الكفارة، صار يشتهر هذا اليوم لاحقاً بـ"الصوم" أع27: 9 وَلَمَّا مَضَى زَمَانٌ طَوِيلٌ وَصَارَ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ خَطِراً إِذْ كَانَ الصَّوْمُ أَيْضاً قَدْ مَضَى جَعَلَ بُولُسُ يُنْذِرُهُمْ .... ، هذا الأمر نقرؤه في لا16: 29-31 «وَيَكُونُ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً انَّكُمْ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ وَكُلَّ عَمَلٍ لا تَعْمَلُونَ: الْوَطَنِيُّ وَالْغَرِيبُ النَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ.لانَّهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ لِتَطْهِيرِكُمْ. مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاكُمْ امَامَ الرَّبِّ تَطْهُرُونَ.سَبْتُ عُطْلَةٍ هُوَ لَكُمْ وَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً. ولا23: 27-32 «امَّا الْعَاشِرُ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ السَّابِعِ فَهُوَ يَوْمُ الْكَفَّارَةِ. مَحْفَلا مُقَدَّسا يَكُونُ لَكُمْ. تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ وَتُقَرِّبُونَ وَقُودا لِلرَّبِّ. عَمَلا مَا لا تَعْمَلُوا فِي هَذَا الْيَوْمِ عَيْنِهِ لانَّهُ يَوْمُ كَفَّارَةٍ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ امَامَ الرَّبِّ الَهِكُمْ.انَّ كُلَّ نَفْسٍ لا تَتَذَلَّلُ فِي هَذَا الْيَوْمِ عَيْنِهِ تُقْطَعُ مِنْ شَعْبِهَا.وَكُلَّ نَفْسٍ تَعْمَلُ عَمَلا مَا فِي هَذَا الْيَوْمِ عَيْنِهِ ابِيدُ تِلْكَ النَّفْسَ مِنْ شَعْبِهَا.عَمَلا مَا لا تَعْمَلُوا. فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي اجْيَالِكُمْ فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ.انَّهُ سَبْتُ عُطْلَةٍ لَكُمْ فَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ. فِي تَاسِعِ الشَّهْرِ عِنْدَ الْمَسَاءِ. مِنَ الْمَسَاءِ الَى الْمَسَاءِ تَسْبِتُونَ سَبْتَكُمْ». وعد29: 7 وَفِي عَاشِرِ هَذَا الشَّهْرِ السَّابِعِ يَكُونُ لكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ وَتُذَلِّلُونَ أَنْفُسَكُمْ. عَمَلاً مَا لا تَعْمَلُوا.

     كل هذا يوجهنا للسؤال كيف نتعامل إذاً مع موضوع الصوم؟ البحث عن الجواب الصحيح يحيلنا لسؤال مقابل: كيف تعامل الرب يسوع مع الصوم، وماذا علّم عنه؟

     في الموعظة على الجبل عند تناوله ممارسات التدين، اعتبر أن يصوم التلميذ أمراً مفروغاً منه، لكنه ركّز كما بالنسبة للصدقة والصلاة، على حفظ هذه الممارسات في موقعها المطلوب أي لتكون أمام الله وليس للتفاخر والبر الذاتي لينظرها الناس، مت6: 16-18.

     النقطة الأهم في تعليمه عن الصوم تتبين عند سؤال تلاميذ يوحنا المعمدان له، لماذا لا يصوم تلاميذه؟ يسجل هذا الموقف الإنجيليون الثلاثة مت9: 14-17، مر2: 18-22، ولو5: 33-39وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا يَصُومُ تَلاَمِيذُ يُوحَنَّا كَثِيراً وَيُقَدِّمُونَ طِلْبَاتٍ وَكَذَلِكَ تَلاَمِيذُ الْفَرِّيسِيِّينَ أَيْضاً وَأَمَّا تَلاَمِيذُكَ فَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ؟»فَقَالَ لَهُمْ: «أَتَقْدِرُونَ أَنْ تَجْعَلُوا بَنِي الْعُرْسِ يَصُومُونَ مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ وَلَكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ».وَقَالَ لَهُمْ أَيْضاً مَثَلاً: «لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ رُقْعَةً مِنْ ثَوْبٍ جَدِيدٍ عَلَى ثَوْبٍ عَتِيقٍ وَإِلاَّ فَالْجَدِيدُ يَشُقُّهُ وَالْعَتِيقُ لاَ تُوافِقُهُ الرُّقْعَةُ الَّتِي مِنَ الْجَدِيدِ.وَلَيْسَ أَحَدٌ يَجْعَلُ خَمْراً جَدِيدَةً فِي زِقَاقٍ عَتِيقَةٍ لِئَلاَّ تَشُقَّ الْخَمْرُ الْجَدِيدَةُ الزِّقَاقَ فَهِيَ تُهْرَقُ وَالزِّقَاقُ تَتْلَفُ.بَلْ يَجْعَلُونَ خَمْراً جَدِيدَةً فِي زِقَاقٍ جَدِيدَةٍ فَتُحْفَظُ جَمِيعاً.وَلَيْسَ أَحَدٌ إِذَا شَرِبَ الْعَتِيقَ يُرِيدُ لِلْوَقْتِ الْجَدِيدَ لأَنَّهُ يَقُولُ: الْعَتِيقُ أَطْيَبُ».

    يتضمن دافِعُ مجيء تلاميذ يوحنا للسؤال استغراباً منهم، كيف لا يطلب يسوع المعلم المشهود له، تحديداً من يوحنا معلمهم، صوماً من تلاميذه! وهو يعني لهم ببساطة: لا يمكن لنظام تقوى جاد أن يخلو من أمر بالصوم، فلماذا لا يصوم تلاميذك؟.

    يبدأ الرب جوابه بسؤال، وأول ما يعني به: أنتم تعتبرون الصوم ضرورة ملازمة لحياة التقوى، هل افتكرتم مرة ماذا يعني الصوم بالنسبة لله، ولماذا تمارسونه؟ (هل يمكن أن يضع كل واحد يقرأ هذه الدراسة ماذا يعني الصوم له حسب معرفته، قبل متابعة باقي هذه الدراسة؟).

    *لذلك النقطة الأولى في تعليم الرب عن الصوم: عندما تفتكر أن تصوم هل تعرف ماذا تفعل بالنسبة لله وأمامه؟ يجب أن يكون الصوم عملاً واعياً، أمارسه بمعرفة ماذا يعني لحياتي المفتداة التي لم تعد لي، صرت أخص الله، فصومي أمامه، ليس حسب أعراف الناس، ولا ليراني الناس، أو ليشهدوا عني بسببه.

    *النقطة الثانية: للصوم وقت وظرف مناسبين، وليس حسب مواعيد ثابتة، وترتيبات، وتقليد متواتر، فهو مرتبط اعتماداً على دلالة مثل العريس: بحضوره معهم، هم أخذوا الوعد بحضوره الدائم، ماذا لو حدث ظرف حجب عنهم رؤيته، سواء كان بسبب منهم (خطية أو  سقطة، أو سهو)، أو لقصد من الله عليهم أن يدركوه (مجالات أو تحديات في الخدمة، وتتميم عمل الله)؟ هنا دور الصوم لاسترجاع حضور العريس. وهذا يتفق مع مفهوم الصوم الأساسي الذي يعاتب به الله شعبه لأنهم لم يضعوه مركزاً لصومهم أش58: 1-4  نَادِ بِصَوْتٍ عَالٍ. لاَ تُمْسِكْ. ارْفَعْ صَوْتَكَ كَبُوقٍ وَأَخْبِرْ شَعْبِي بِتَعَدِّيهِمْ وَبَيْتَ يَعْقُوبَ بِخَطَايَاهُمْ. وَإِيَّايَ يَطْلُبُونَ يَوْماً فَيَوْماً وَيُسَرُّونَ بِمَعْرِفَةِ طُرُقِي كَأُمَّةٍ عَمِلَتْ بِرّاً وَلَمْ تَتْرُكْ قَضَاءَ إِلَهِهَا. يَسْأَلُونَنِي عَنْ أَحْكَامِ الْبِرِّ. يُسَرُّونَ بِالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِيَقُولُونَ: «لِمَاذَا صُمْنَا وَلَمْ تَنْظُرْ ذَلَّلْنَا أَنْفُسَنَا وَلَمْ تُلاَحِظْ؟» هَا إِنَّكُمْ فِي يَوْمِ صَوْمِكُمْ تُوجِدُونَ مَسَرَّةً وَبِكُلِّ أَشْغَالِكُمْ تُسَخِّرُونَ. هَا إِنَّكُمْ لِلْخُصُومَةِ وَالنِّزَاعِ تَصُومُونَ وَلِتَضْرِبُوا بِلَكْمَةِ الشَّرِّ. لَسْتُمْ تَصُومُونَ كَمَا الْيَوْمَ لِتَسْمِيعِ صَوْتِكُمْ فِي الْعَلاَءِ. فهدف الصوم كما يتبين التقرب إلى الله، معرفة طرقه، وتسميع صوتهم في العلاء.

    *النقطة الثالثة من مثلي الرقعة والزقاق، نفهم أن ليس كل ممارسة لها ارتباط تقَويٌّ تنفع من ذاتها، أي ليس لأن الصوم معروف كجزء من حياة الأتقياء، نمارسه نحن أيضاً، المطلوب أن يتوافق مع الواقع الروحي المناسب قيد الاستعلان، أي ما يجتازه المؤمنون في وقتهم الراهن، وكيف يرون احتياجاتهم. ينفع الصوم ويؤدي غرضه بالنسبة للتلاميذ عندما يمارسوه في الواقع الجديد الذي سيختبروه بعدما يكون الرب قد أنهى إعدادهم الأولي بحضوره معهم، عندما يمتلئون من معرفة قصد الرب لهم أن يكونوا شهوداً له، عندما يتهيأوا ليستمدوا قوة تمميم عمله من الروح القدس الذي يسكن فيهم، الذي يقودهم لمعرفة الحق، والذي يمجد المسيح، عندها يميزون الوقت والهدف الذي لأجله يصومون. مثال عملي يصوره لنا الروح القدس في خدام كنيسة أنطاكية أع13: 1-3  وَكَانَ فِي أَنْطَاكِيَةَ فِي الْكَنِيسَةِ هُنَاكَ أَنْبِيَاءُ وَمُعَلِّمُونَ: بَرْنَابَا وَسِمْعَانُ الَّذِي يُدْعَى نِيجَرَ وَلُوكِيُوسُ الْقَيْرَوَانِيُّ وَمَنَايِنُ الَّذِي تَرَبَّى مَعَ هِيرُودُسَ رَئِيسِ الرُّبْعِ وَشَاوُلُ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَقَالَ الرُّوحُ الْقُدُسُ: «أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ».(كانوا ينتظرون من الرب إرشاداً يكلمهم بحسبه لتكميل خدمتهم الشاهدة ليسوع)فَصَامُوا حِينَئِذٍ وَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمَاالأَيَادِيَ ثُمَّ أَطْلَقُوهُمَا. (من جديد أمام الحاجة لمرافقة العريس لهذا الفريق الإرسالي، وتأييده ليتمم عمله، صاموا). بهذه الحقيقة أيضاً أمام الحاجة لتأييد وحضور المسيح الحي في ترتيب الكنائس الناشئة، عندما قام الرسولان في تلك الرحلة الإرسالية المذكورة بإقامة قسوس كان مترافقاً بممارسة أصوام أع 14: 23  وَانْتَخَبَا لَهُمْ قُسُوساً فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ ثُمَّ صَلَّيَا بِأَصْوَامٍ وَاسْتَوْدَعَاهُمْ لِلرَّبِّ الَّذِي كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِهِ.

    *النقطة الرابعة: يوجه مثلي الرقعة والزقاق بتطبيق الربط المباشر للمثل مع النقاط التي يقصدها، أن الصوم بمفهوم تعليم الرب يسوع هو الجديد الذي لا يناسبه إلا المحافظة عليه في مكانه كجديد، كثوب جديد لا نقتطع منه، أو كخمر جديدة نضعها في وعاء جديد، ويدعم هذا الفهم الجملة الأخيرة التي ينفرد لوقا بتسجيلها: وَلَيْسَ أَحَدٌ إِذَا شَرِبَ الْعَتِيقَ يُرِيدُ لِلْوَقْتِ الْجَدِيدَ لأَنَّهُ يَقُولُ: الْعَتِيقُ أَطْيَبُ. فهل الصوم هو من خصوصيات الحياة الجديدة في المسيح؟ ولو كان التعبير عن هذا السؤال يحتاج لتدقيق أكثر، الجواب الواضح البسيط: نعم. الصوم هو من خصوصيات الحياة الروحية التي أظهرت بوضوح في المسيح، المتميزة بحلول الروح، وعمله في كل مؤمن، والتي تأخذ بعدها في الإرسالية لكل الخليقة. هو ليس للقوالب القديمة التي وضعها القدماء، ولا لممارسات البر الذاتي التي يتهافت عليها الناس. هذا المفهوم قد يعرضنا لفهم مغلوط ينفي عن مؤمنين قدماء أنهم مارسوا أصواماً صحيحةً! ما يدعوه يسوع جديداً لا يعني مستحدثاً، الجديد هو الوضع الصحيح المضيء الممتليء الذي يظهر ويأخذ ملأه بتعليم الرب، هكذا المحبة هي الوصية الجديدة (لكنها قديمة)، وهكذا تعليمه عن الزواج، الجديد أن يكون كما كان من البدء، فالصوم خارجاً عن المؤمنين الذين يشتاقون لرؤية العريس وسطهم ممجَّداً، هو إفساد ثوب جديد، وإتلاف الخمر الجديدة في زقاق تتشقق! هو ممارسة تأخذ جدتها من الواقع الروحي الذي استعلن في المسيح. بالعودة للأصوام القديمة الصحيحة نكتشف أنها تتوافق مع هذا المبدأ: مثلاً صوم يوم الكفارة يهدف لاستعلان قوة الفداء والغفران، واستمرار العلاقة مع الله بالنسبة لشعب العهد. كما أن صوم دانيال كان ليرى ما يحتاجه عن أمانة الله تجاه مواعيده وما سيفعله ...... .  

    وهنا لا بد من إشارة عن ازدياد الاهتمام بالاكثار من الصوم، والتركيز عليه، خصوصاً بعد انتشار المسيحية، وتراجع المستوى الروحي العام للمعترفين بيسوع رباً، حيث بدأت حركة الخروج من العالم النسكية، من القرن الرابع وما بعد. لا نجد هذا في الكتابات التي ترجع لذلك التاريخ فقط، لكن نلمسها أيضاً بدخول التوصية بالصوم كإضافة (تفسيرية) على مخطوطات النص الكتابي. كثيرون يغيِّبون قول الرب لتلاميذه مبيناً كيف يقدرون أن يخرجوا الأرواح المستعصية حسب مر9: 29  فَقَالَ لَهُمْ: «هَذَا الْجِنْسُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ بِشَيْءٍ إلاَّ بِالصَّلاَةِ (وَالصَّوْمِ)».لنكتشف أن كلمة الصوم هي إضافة تفسيرية، لا توجد في المخطوطات الأقدم للنص الكتابي، (وهذا سبب اختلاف الترجمات الحديثة التي قد نتعرض لها، عن النص المعتادين قراءته، المترجم من النص البيزنطي المقبول  TextusReceptus))، حتى العدد المماثل لنفس الحدث في إنجيل متى 17: 21 هو إضافة كاملة! نفس الملاحظة حول إضافة كلمة الصوم في 1كو7: 5  والغريب فيه تسبيقها حتى عن الصلاة، دلالة على بدء تغير مفهوم الصوم عن دلالته الأصيلة: لاَ يَسْلِبْ أَحَدُكُمُ الآخَرَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ إِلَى حِينٍ لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا(لِلصَّوْمِ) وَالصَّلاَةِ ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضاً مَعاً لِكَيْ لاَ يُجَرِّبَكُمُ الشَّيْطَانُ لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ.

    الخلاصة:بتجميع كل ما سبق ووجدناه حسب كلمة الله. الصوم هو ممارسة روحية غايتها الامتلاء من حضور الرب وتمييز صوته لمعرفة مشيئته، في كل مرة يلمس فيها المؤمن تسرب القوة من حياته، أو غياب فرح دعوة العرس التي دعي فيها، كما يحتاجها مؤمنون كمجموعة، أو كل الكنيسة، سواء لتمييز صوت الرب وسط ضجيج العالم، ومعرفة إرادته بوضوح، أو للامتلاء من القوة لمواجهة المتغيرات، وتحديداً ما يتعلق بدعوتهم تلاميذ ليعلنوا شخص يسوع وخلاصه للعالم، وبالتأكيد يجد المؤمنون حاجتهم للصوم في الظروف الصعبة التي يرون فيها تهديداً لإمكانية استمرارهم، وشهادتهم للعالم.

     

    ممارسة الصوم: تعني الكلمة أولاً الانقطاع عن الطعام، إنما بالعودة للمقاطع التي تعلمنا الصوم، نعرف أن الانقطاع هو الوجه المادي للصوم الذي لا ينفع دون روح، التي هي في الصلاة، أع13: 3 و 14: 23، خدمة الرب أع13: 2 (كلمات هذه الأعداد موجودة في النص يمكن العودة لقراءتها)، والعبادة لو2: 37 وَهِيَ أَرْمَلَةٌ نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطِلْبَاتٍ لَيْلاً وَنَهَاراً. الحقيقة المهمة جداً في الصوم كما رأينا ونحتاج أن نتعلمها بتأكيد، أنه ليس ممارسة مستقلة بحد ذاتها، بل مرات ممكن ألا يُذكر الصوم لفظاً أمام الأمر المهم المطلوب. ما يميز الصوم من كل ما سبق وضعية داخلية للقلب، مررنا بها  ورأيناها الكلمة الوحيدة المعبرة عن أمر الصوم في يوم الكفارة، ثم وجدناها مرافقة له في المقاطع الأخرى: التذلل. تأتي في سفر اللاويين ثم العدد "تذللون نفوسكم". يطلب الله الصوم من الشعب بفعل: أن يتذلل، كحالة يكونون فيها أمامه، هو بالعبرية "עָנָה عُنه" الذي يحمل معنى مشابهاً بالعربية الذي منه المعاناة. ويأتي في النص فعلاً مزيداً بوزن فعّيل، الذي يعادل بالعربية فعَّلَ، فالتذلل المطلوب هو حسب وزن الفعل: أجعل نفسي قائماً به، بل أجبر نفسي على القيام به. نختبر التذلل والمعاناة عادة بتأثير ظروف، أو أشخاص، فهو تفاعل أو رد فعل لأمر من الخارج، لكن بالنسبة للصوم هو فعل أجبر نفسي عليه، هذا لا يشير للتصنع، لكنه كأمر نأخذ مثلاً عليه يوم الكفارة: يذلل التقي نفسه عندما يضع خطاياه، وآثامه، وتمرده مع ضعفه أمام عينيه، هذا الأمر هو ما يجبر نفسه على القيام به، وهكذا ينظر إلى الذبائح الخاصة بذلك اليوم التي يقدمها رئيس الكهنة، ليري فيها عمل الله نحوه مهتماً أن يحفظ بها استمرار العلاقة والعهد مع الله. هكذا في الصوم أضع أمامي المشغولية التي تثقلت بها بالروح، مدركاً شدة احتياجي للعريس وحضوره البهي، فأنا لاأقدر أن أعمل من نفسي شيئاً لكن هو، وهكذا مصلياً، باكياً، خادماً الرب وعابداً، بها كلها أو ببعض منها، واضعاً جانباً اهتمامتي الخاصة، ومشاغلي المعتادة، أسكب نفسي أمام الله، لاسترد بهاء الوعد الذي لي منه، باختبار جديد تنقية وغفران وحرية، أو عمق وبعد جديد في فهم المعاملات الإلهية.

    يصير معنى الصوم إذ أقوم بفعل أجبر نفسي على القيام به، أقول لجسدي الذي يطالبني من خلال إحساس الجوع أو العطش أن ألبيه، لن أتجاوب معك أنت لن تموت بسبب هذا النقص العابر، أنا مهتم بالحياة أكثر من العيش، مهتم أن أسمع صوت الله ومشورته أكثر من صوتك ومشورتك. وهكذا في كل مواجهة مكررة منه أؤكد تصميمي على نوال البركة، أقول لا للجسد، نعم للروح حتى يأتي العريس بحضوره المجيد.

    ومناسب أن نتمعن في حادثة تنير لنا ممارسة الصوم عملياً في عز8: 21-23 وَنَادَيْتُ هُنَاكَ بِصَوْمٍ عَلَى نَهْرِ أَهْوَا لِنَتَذَلَّلَ أَمَامَ إِلَهِنَا لِنَطْلُبَ مِنْهُ طَرِيقاً مُسْتَقِيمَةً لَنَا وَلأَطْفَالِنَا وَلِكُلِّ مَالِنَا. لأَنِّي خَجِلْتُ مِنْ أَنْ أَطْلُبَ مِنَ الْمَلِكِ جَيْشاً وَفُرْسَاناً لِيُنْجِدُونَا عَلَى الْعَدُوِّ فِي الطَّرِيقِ لأَنَّنَا قُلْنَا لِلْمَلِكَ: [إِنَّ يَدَ إِلَهِنَا عَلَى كُلِّ طَالِبِيهِ لِلْخَيْرِ وَصَوْلَتَهُ وَغَضَبَهُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَتْرُكُهُ]. فَصُمْنَا وَطَلَبْنَا ذَلِكَ مِنْ إِلَهِنَا فَاسْتَجَابَ لَنَا. 

    لنلاحظ هدف الصوم: لطلب طريقٍ مستقيم لرحلتهم، والمعنى الأخص الأول، طريقٌ آمنٌ، إذ  نقرأ لوجود خطر أعداء. دافع الصوم: طلب الحماية الإلهية، الذي لم يكن الرغبة المعتادة التي يطلبها أي شخص. عزرا أخذ تكليفاً من ملك فارس بالعودة مع من يتجاوب معه، لإحياء العبادة في بيت الله، والاعتناء بأمور الهيكل وانتظامها، وترتيب حياة الراجعين مع الباقين قبلاً حسب شريعة الله (عز7: 11-27). هو سبق وأخبر الملك عن عظمة إلهه وسلطانه وبره، كان بإمكانه كمكلف رسمي من الملك طلب حماية عسكرية للقافلة، لكنه وجده تناقضاً إيمانياً وجدانياً: كيف يطلب حماية بشرية لمهمة تخص إلهاً له هكذا سلطان، يؤيد بقوته من يريد الخير، ويقف ضد تاركيه؟ كان مقتنعاً بهذا الحق، لكنه كان يريد للشعب الذي رافقه أن يختبر هذا معه، وحتماً سمع مخاوف وتساؤلات كثيرين عن أخطار الطريق. الحل كان مناداة بصوم، التعبير اللفظي له: لنتذلل، أي لنضع خوفنا والخطر المُهدِّد أمامنا، الذي يجبرنا على التواضع والانكسار، وبالمقابل نضع أنفسنا أمام الله صاحب القدرة والسلطان، ليظهر ذاته لنا وللآخرين (حضور العريس) أننا نسير في طريق مستقيم، وهنا الجانب الثاني لمعنى مستقيم: أننا حسب مشيئته، ولتميم مسرته. تذللوا، طلبوا، صاموا والرب استجاب لهم.

    مما سبق يصنف الصوم ضمن تسمية: الانضباطات (الرياضات) الروحية، فهو من الممارسات التي تهدف و توصل لتنمية وتعميق الحياة الروحية، والتي تحتاج لمثابرة وتدريب، ولكن الأهم فيها، المحافظة على فهم دورها ونتائجها لتكون بشغف وفرح.

    الدخول في الأسئلة المباشرة التي نسألها عن كيفية الصوم، إذ هو امتناع كامل عن الطعام والشراب، يأتي السؤال الأول كم يستمر؟ من يوم الكفارة أو الممارسة التي سأل فيها اليهود زكريا النبي، هي يوم كامل من العشاء حتى العشاء حسب مفهوم اليوم، قد يكون لك من الفطور لفطور اليوم التالي؟

    ماذا لو كان الاحتياج استمراراً لأيام؟ هنا نجد إجابات متعددة، يمكن للإنسان أن يتابع الامتناع التام عن الطعام لفترة تتزايد بالتدريب حتى تصل لأربعين يوماً، في هذه الحالة لا بد من تزويد الجسم بالماء اللازم، هذه ممارسة البعض، التي اختبروا فيها بطول أيام الامتناع صفاء مميّزاً في الفكر يهيّء لسماع صوت الله، ورؤية الأمور بطريقة مختلفة. نستدل من ممارسة دانيال النبي أسلوباً ثانياً، عندما بقي بحالة صلاة مع تذلل (صوم) دا10: 2-3 فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَنَا دَانِيآلَ كُنْتُ نَائِحاً ثَلاَثَةَ أَسَابِيعِ أَيَّامٍ لَمْ آكُلْ طَعَاماً شَهِيّاً وَلَمْ يَدْخُلْ فِي فَمِي لَحْمٌ وَلاَ خَمْرٌ وَلَمْ أَدَّهِنْحَتَّى تَمَّتْ ثَلاَثَةُ أَسَابِيعِ أَيَّامٍ. ثم ع12 فَقَالَ لِي: لاَ تَخَفْ يَا دَانِيآلُ لأَنَّهُ مِنَ الْيَوْمِ الأَوَّلِ الَّذِي فِيهِ جَعَلْتَ قَلْبَكَ لِلْفَهْمِ وَلِإِذْلاَلِ نَفْسِكَ قُدَّامَ إِلَهِكَ سُمِعَ كَلاَمُكَ وَأَنَا أَتَيْتُ لأَجْلِ كَلاَمِكَ. لم يمتنع عن الطعام كلياً، لكنه كان يتناول طعاماً بسيطاً بوصف محدد (مميز بالخط السفلي للقراءة)، يعينه على متابعة جهاده.

    وبالعودة للمقطع الهام عن الصوم في أشعياء 58 نجد أيضاً توجيهات إلهية جوهرية للصوم المقبول 1-13 نَادِ بِصَوْتٍ عَالٍ. لاَ تُمْسِكْ. ارْفَعْ صَوْتَكَ كَبُوقٍ وَأَخْبِرْ شَعْبِي بِتَعَدِّيهِمْ وَبَيْتَ يَعْقُوبَ بِخَطَايَاهُمْ.وَإِيَّايَ يَطْلُبُونَ يَوْماً فَيَوْماً وَيُسَرُّونَ بِمَعْرِفَةِ طُرُقِي كَأُمَّةٍ عَمِلَتْ بِرّاً وَلَمْ تَتْرُكْ قَضَاءَ إِلَهِهَا. يَسْأَلُونَنِي عَنْ أَحْكَامِ الْبِرِّ. يُسَرُّونَ بِالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ. يَقُولُونَ: «لِمَاذَا صُمْنَا وَلَمْ تَنْظُرْ ذَلَّلْنَا أَنْفُسَنَا وَلَمْ تُلاَحِظْ؟» هَا إِنَّكُمْ فِي يَوْمِ صَوْمِكُمْ تُوجِدُونَ مَسَرَّةً وَبِكُلِّ أَشْغَالِكُمْ تُسَخِّرُونَ. هَا إِنَّكُمْ لِلْخُصُومَةِ وَالنِّزَاعِ تَصُومُونَ وَلِتَضْرِبُوا بِلَكْمَةِ الشَّرِّ. لَسْتُمْ تَصُومُونَ كَمَا الْيَوْمَ لِتَسْمِيعِ صَوْتِكُمْ فِي الْعَلاَءِ. أَمِثْلُ هَذَا يَكُونُ صَوْمٌ أَخْتَارُهُ؟ يَوْماً يُذَلِّلُ الإِنْسَانُ فِيهِ نَفْسَهُ يُحْنِي كَالأَسَلَةِ رَأْسَهُ وَيَفْرِشُ تَحْتَهُ مِسْحاً وَرَمَاداً. هَلْ تُسَمِّي هَذَا صَوْماً وَيَوْماً مَقْبُولاً لِلرَّبِّ؟ أَلَيْسَ هَذَا صَوْماً أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَاراً وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ. أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَاناً أَنْ تَكْسُوهُ وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ. حِينَئِذٍ يَنْفَجِرُ مِثْلَ الصُّبْحِ نُورُكَ وَتَنْبُتُ صِحَّتُكَ سَرِيعاً وَيَسِيرُ بِرُّكَ أَمَامَكَ وَمَجْدُ الرَّبِّ يَجْمَعُ سَاقَتَكَ.حِينَئِذٍ تَدْعُو فَيُجِيبُ الرَّبُّ. تَسْتَغِيثُ فَيَقُولُ: «هَئَنَذَا». إِنْ نَزَعْتَ مِنْ وَسَطِكَ النِّيرَ وَالإِيمَاءَ بِالإِصْبِعِ وَكَلاَمَ الإِثْمِ  وَأَنْفَقْتَ نَفْسَكَ لِلْجَائِعِ وَأَشْبَعْتَ النَّفْسَ الذَّلِيلَةَيُشْرِقُ فِي الظُّلْمَةِ نُورُكَ وَيَكُونُ ظَلاَمُكَ الدَّامِسُ مِثْلَ الظُّهْرِ وَيَقُودُكَ الرَّبُّ عَلَى الدَّوَامِ وَيُشْبِعُ فِي الْجَدُوبِ نَفْسَكَ وَيُنَشِّطُ عِظَامَكَ فَتَصِيرُ كَجَنَّةٍ رَيَّا وَكَنَبْعِ مِيَاهٍ لاَ تَنْقَطِعُ مِيَاهُهُ. وَمِنْكَ تُبْنَى الْخِرَبُ الْقَدِيمَةُ. تُقِيمُ أَسَاسَاتِ دَوْرٍ فَدَوْرٍ فَيُسَمُّونَكَ مُرَمِّمَ الثُّغْرَةِ مُرْجِعَ الْمَسَالِكِ لِلسُّكْنَى.

    يحتاج الصوم إذ هو انشغال بالعريس، ألا يتعطل بأي محدِّد لحرية العريس في حياتنا، قد نبدأ صلاة لنهضة، لعمل خدمة، لاندفاع إرسالي، نحتاج في صدق توجهنا أن يترافق هذا *بحساسية تجاه أية علاقات ظالمة، او تسلط نمارسه على الآخرين، فنستخدمهم باستغلال بسبب ضعف فيهم بأي شكل كان. لا يتوافق الصوم مع الإبقاء على هذه القيود، نحن وضعناها على آخرين، يقول الرب أنها تقيِّدنا نحن، تمنعنا عن حرية القدوم أمام الله! هل هذا صوت الله لنا أولاً عندما نتقدم أمامه بصوم، أن نتحرر من أثقال تقيد عمله الذي نطلبه؟ يوجهنا لما نعمله بتسلط أونستغل به آخرين؟ يتضمن الصوم إذاً أفعال ومواقف تتغير في حياتنا وعلاقاتنا، تحرير منا ينعكس لحرية فينا.

    كما يتضمن *حساسية تجاه المحتاجين، وخصوصاً الذين تربطك بهم علاقة مجاورة أو قرابة، هل صوت الله أن تسمع صوتهم؟ أن تنتبه لاحتياجهم؟ بناء عليه يعتمد البعض في ممارسة أصوامهم عطاء خاصاً: يجمعون ثمن وجبات الطعام التي لم يتناولوها، يقدمونها لخدمات رحمة وعناية معينة. قد يكون هذا الحد الأدنى. قد يكون دافع الصوم إرسالية للبعيدين، يوجه الصوم أفكارنا تجاه المحتاجين حولنا، خصوصاً القريبين منا، الذين نعرفهم وربما بسبب هذه المعرفة نغلق أحشاءنا تجاههم، الصوم يفتح عيوننا وقلوبنا نحوهم.

    هكذا نرى في تعليم الصوم عالماً واسعاً ينفتح قدامنا.

    في النهاية، قد لا نمتلك مما تذكره النصوص الكتابية إجابات عن كل تفصيل يمر بفكرنا، ماذا نفعل؟ لنتقدم أمام الله بصلاة وتضرع وبصوم، سنعرف كل شيء بالممارسة المتضعة، المدفوعة بمحبتنا لله، هذه حقيقة موعودة معلنة لكل من يحب الله.

     

                                                                                  ق. د. سامي نصري




  • مذكرات جندي

    كان يوماً عادياً كباقي الأيام وكأي يوم جمعة مر من قبل، كنت في نوبتي وعلمت أن هناك ثلاثة أحكام إعدام بالصلب يجب أن ننفذها في هذا اليوم، استلمت قراراً مختوماً بختم بيلاطس واستلمت المحكوم عليهم وكل واحد منهم حمل صليبه وابتدأ يسير في شوارع المدينة نحو مكان تنفيذ الحكم وهي تلة معروفة بتلة الجلجلثة.

              استوقفني أحد المحكومين إذ لم يكن يقوى على حمل صليبه إذ كان قد عانى من آلام مبرحة نتيجة الضرب والجلد الذي تعرض له، "كان منظره مفسداً، لا صورة له ولا جمال فننظر إليه، ولا منظر فنشتهيه" الدماء تغطيه من رأسه إلى قدميه، أمسكت رجلاً اسمه سمعان القيرواني وجعلته يحمل عنه الصليب.

              بعد وقت طويل وصلنا إلى التلة وابتدأنا نعلق المجرمين كل واحد على صليبه، ولأنني أعتدت هذا المشهد لم أكن أترأف باي أحد بل بكل قسوة ووحشية كنت أدق المسامير في اليدين والرجلين غير آبه لصراخهم ولا مبالٍ لتوسلاتهم، لكن هذا الشخص الذي استوقفني لم يبد أي مقاومة ولم يتوسل لا بل كان "كشاة تساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه"، ورفعنا الصلبان الثلاثة وكان هو في الوسط، لم أفهم ما كان جرمه لكن كان مكتوب فوقه "هذا هو ملك اليهود".

              ما حيرني في ذاك الانسان أنه عندما عُلِقَ على الخشبة تكلم مع شخص لا أراه وناداه بأبي وقال كلمات لم اسمع مثلها من قبل بقوتها وعظمتها من شخص محكوم بالصلب والموت "يا أبتاه اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون"، شخص يطلب الغفران لمن صلبوه!!! من هو هذا وكيف يتكلم بهذه القوة!!؟؟.

              في ذلك اليوم كان ازدحام غريب لم أر مثيله من قبل وكأن كل سكان أورشليم صعدوا إلى تلك التلة وأكثر ما أثار حيرتي أن رؤساء الدين اليهودي كانوا هناك، وكأن هذا المصلوب كان شخصية مهمة جداً فقد لقبوه بمختار الله مستهزئين به "خلص آخرين فليخلص نفسه إن كان هو المسيح مختار الله"، حتى أنه لم يسلم من هزء الجنود الذين قالوا له "إن كنت ملك اليهود فخلص نفسك" وقدموا له خلاً ليشرب، لكن ما أثار سخطي وغضبي أن أحد المجرمين الذين صلبا معه أيضاً استهزأ به "إن كنت أنت المسيح، فخلص نفسك وإيانا"، وهنا رد عليه المصلوب الآخر وانتهره وقال له أنه حُكِمَ عليهما بعدل نتيجة لما فعلاه، أما عن المصلوب بالوسط قال عنه أنه لم "يفعل شيئاً ليس في محله" لا بل وجه كلامه إليه وطلب منه أن يذكره في ملكوته، وما أثار دهشتي حقاً جواب الأخير له "الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس"، ماذا!!!!؟؟ فردوس!!؟؟ عن أي فردوس يتكلم وهو مزمع أن يموت قريباً ويكون مكانه الأخير القبر، لماذا يلقبونه بالمسيح ومختار الله؟؟ هل هو حقا المسيح الذي ينتظره اليهود حسب كتبهم؟؟ وإن كان هو لماذا صلبوه هكذا ويستهزئون به؟؟، ولماذا الكل يطلب منه أن يخلّص نفسه ويخلصهم فيؤمنوا به؟؟ هل حقا يستطيع أن يخلّص؟؟ وأي نوع من الخلاص هذا وهو معلق على الصليب؟؟ وأسئلة كثيرة بدأت تجول في داخلي وأفكار تعصف في ذهني، لقد جذبني هذا الشخص بقوته وكلامه على الرغم من ضعفه وقلة حيلته معلقاً هناك على الصليب.

              وفيما أنا متحير في أفكاري حدث ما لم اسمع به في حياتي من قبل، ونحن في منتصف النهار ولمدة ثلاث ساعات متواصلة أظلمت الشمس في السماء ولم تعد تعطي نورها وحدثت زلزلة عظيمة ارتجت الأرض من تحتنا وتشققت الصخور من حولنا وشعرت وكأن السماء أرادت أن تقول رأيها والطبيعة تعبر عن موقفها من جهة هذا الشخص المصلوب.

     وفجأة ...

    سمعته يصرخ بصوت عظيم ويقول: "يا أبتاه، في يديك أستودع روحي" وعندها أسلم الروح ومات.

              عندما رأيت كل ما حدث وكنت معايناً لكل ما حصل أنا قائد المئة الذي كنت هناك شاهداً على كل شيء لم أستطع أن ألجم الكلمات التي خرجت من أعماقي ولم استطع أن أقفل شفتي عن البوح بما في داخلي فمجدتُ الله وقلتُ "بالحقيقة كان هذا الإنسان باراً".

    هذا ما حصل مع قائد المئة وما قاله عن يسوع المسيح.

    ونحن اليوم كيف نرى يسوع وماذا نقول عنه؟

     

                                                                                 الأخ مزيد السيقلي




  • الضمير

    ذلك الصوت الهادئ، الذي يتكلم إلى الناس، ويوجه قراراتهم وسلوكهم ويدفعهم لتأدية الواجب. ذلك الرقيب الداخلي الذي يوبخهم عندما يحاولون اقتراف معصية تخالفه. هو ما يسمونه الضمير. إنه صوت سماوي خالد (كما سماه روسـو) تارة وهو صوت غير سماوي تارة أخرى،قابل للتغيير والانحراف، يسهل إسكاته وتجاهله بالمثابرة على عصيانه. يتأثر بالتدريب والتربية. يقول بولس الرسول «لذلك أنا أيضاً أدرب نفسي ليكونليدائماً ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس»(سفر أعمال الرسل 24: 16). والضمير لا يتسم بالكمال، وليس صوت الله دائماً، لأنه يقول «لنتقدم بقلب صادقمرشوشة قلوبنا من ضمير شرير...» (رسالة العبرانيين 10: 22). وأيضاً يقول «دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهرضمائركم من أعمال ميتة ... »(رسالة العبرانيين 9: 14).

    2-1- تعريف الضمير:

    الضميرفي اللغة العربية، جمعه ضمائر، هو «ما تضمره في نفسك ويصعب الوقوف عليه.إنه اسـتعداد نفسـي لإدراك الخبيث والطيب من الأعمال والأقوال والأفكار، والتفرقة بينهما، واستحسان الحسن واستقباح القبيح منها»(مصطفى، 1960، 564).

    ويعرّف معجم الأخلاق الضمير بأنه: «وعي الشخصية الذاتي لواجبها تجاه المجتمع، وتجاه الذات. وقد لا يتجلى الضمير في صورة إدراك عقلي لقيمة الأفعال الأخلاقية فقط، بل وفي صورة معاناة عاطفية، كما في الشعور بتأنيب الضمير، أو في راحة الضمير الإيجابية»(كون، 1983، 248).

    كما يعرّف معجم لالاند الضمير كما يلي: «الضمير الأخلاقي، هو خاصية العقل في إصدار أحكام معيارية تلقائية ومباشرة على القيمة الأخلاقية لبعض الأفعال الفردية المعينة. وإذا تعلق بالأفعال المقبلة، فإنه يتخذ شكل صوت يأمر أو ينهي وإذا تعلق بالأفعال الماضية، فإنه يترجم عن نفسه بمشاعر السرور أو الألم»      ( بدوي، 1976، 56 ).

    ويعرّف هالسبي الضمير قائلاً: إنه «تلك المعرفة أو الوعي الذي يعرف الإنسان بواسطته أنه يمتثل للشريعة الأخلاقية أو لإرادة الله»(هالسبي، 1985، 12).

    وإذا عدنا إلى الكتاب المقدس، فإن تعبير الضمير لا يرد بشكل صريح في العهد القديم، إلا أن فكرته موجودة ومُعبر عنها بكلمة، القلب. كما في قوله «وضرب داود قلبه بعدما عدّ الشعب. فقال داود للرب لقد أخطأت جداً في مافعلت والآن يا رب أزل إثم عبدك لأني انحمقت جداً»(سفر صموئيل الثاني 24: 10). أي أن داود تأمل وانتبه وعرف خطيئته ثم اعترف بها للرب. وأيضاً يقول أيوب:   «تمسكت ببري ولا أرخيه. قلبي لا يعيّر يوماً من أيامي»(سفر أيوب27: 6). أي أن أيوب يرى أن قلبه (ضميره) لا يوبخه على شيء. وقد استُخدم تعبير القلب للدلالة على الضمير في عدة مواضع من العهد الجديد كما في قوله: «إن لامتنا قلوبنا فالله أعظم من قلوبنا ويعلم كل شيء»(يوحنا الأولى 3: 20). ولامتنا قلوبنا تعني لامتنا ضمائرنا.

    أما لفظة، الضمير، فيتحدث عنها العهد الجديد في نحو ثلاثين موضعاً. فيرى أن الضمير، صوت، يشهد «ضميري شاهد لي..»(رومية 9: 1). يوبخ ويبكت عندما يُخطئ الإنسان «ضمائرهم تبكتهم..»(إنجيل يوحنا 8: 9). ويشتكي عندما صاحب الصوت لا يُطاع «شاهداًأيضاً ضميرهم وأفكارهم فيما بينها مشتكية أو محتجة»(رومية 2: 15).

    كما يرى الإنجيل أن الضمير هو عاطفة ومشاعر وأحاسيس، يُجرح ويُؤذى كما في الآية التالية: «تخطئون إلى الأخوة وتجرحون ضميرهم الضعيف»(كورنثوس الأولى 8: 12). ويحس«كل ما يُباع في الملحمة كلوه غير فاحصين عن شيء من أجل الضمير»(كورنثوس الأولى10: 25) أي لا تخافوا أن تخطئوا من نحو ضمير المؤمن الضعيف. ويكون قليل الحس متصلب أحياناً أخرى، فيقول عن الذين قد فقدوا الحس وأسلموا نفوسهم للدعارة ليعملوا كل نجاسة «في ريـاء أقوال كاذبـةموسـومة ضمائرهم»(رسالة تيموثاوس الأولى 4: 2). وموسومة ضمائرهم تعني أنه مكتوب على ضمائرهم صفة الأقوال الكاذبة، وكأنها مكوية بالحديد المحمى غليظة قليلة الحس، متصلبة. كما أن الضمير يفرح «فخرنا شهادة ضميرنا»(رسالة كورنثوس الثانية 1: 12).

    ويرى الإنجيل أن الضمير يعي ويعرف، فيأخذ دوراً في التفكير والمعرفة فيقول «وأرجو أنناقد صرنا ظاهرين في ضمائركم»(رسالة كورنثوس الثانية 5: 11). ظاهرين في ضمائركم، تعني أن ضمائركم تعرفنا على حقيقتنا. كما أن الضمير يصدر أحكاماً وقرارات. «لأنه لماذا يُحكم في حريتي من ضمير آخر»(رسالة كورنثوس الأولى 10: 29). مما سبق يمكن أن نستنتج التعريف التالي للضمير من وجهة نظر مسيحية.

    الضمير: أحد مكونات الشخصية الإنسانية الحاضن للقيم والمثل الدينية  والاجتماعية التي نتربى عليها في البيت والمدرسة والمجتمع. فهو وعي يُصدر الأحكام وفق ما يعرفه عن إرادة الله، وصوت يخبرنا بوجوب تنفيذ هذه الإرادة بمقارنة أفكارنا وأعمالنا ومشاعرنا معها، وعاطفـة تحب العدو«أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم..»(إنجيل متى 5: 44) وتحب الصديق، وتكره الشر والخطية وما لا ينسجم مع فكر الله.

    2-2- تكوين الضمير:

    إن أوامر المجتمع ونواهيه، والتفاعل بين عقل الإنسـان وروحه وعواطفـه واختباراته الحياتية المُعاشة، في المواجهة أو الحوار مع الآخر، والضغوط التي تُمارس على الإنسان، إن كانت هذه الضغوط أعرافاً أو تقاليداً، لا تكّون الضمير، بل تكيّفه وتشكّله وتنشطه. إنه موجود مع الإنسان منذ أن يوجد. ففي داخل الإنسان معرفة غريزية موروثة عما يجب أن يفعله، فعندما يقول «وأيضاً جعل الأبدية في قلبهم التي بلاها لا يدرك الإنسانالعمل الذي يعمله الله ...» (سفر الجامعة 3: 11). أي أن الله خلقهم على صورته الأدبية وجعل فيهم نفساً خالدة تشتاق إلى معرفة سر الحياة ومعناها.

    ويقول أيضاً الرسول بولس «لأنه الأمم الذين ليس عندهمالناموس متى فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس فهؤلاء إذ ليس لهم الناموس هم ناموس لأنفسهم الذين يظهرون عمل الناموس مكتوباً في قلوبهم شاهداً أيضاً ضميرهم وأفكارهم فيما بينها مشتكية أو محتجة»(رسالة رومية 2: 14 ، 15). يعني أن الذين ليس عندهم ناموس مكتوب يسترشدوا به لمعرفة الخطأ والصواب عندهم ناموس غير مكتوب في داخلهم، غرزه الله فيهم، للتمييز بين الصواب والخطأ. هذا الناموس غير المكتوب الذي أعطاه الله لكل إنسان، هو الضمير.

    ويمكن أن نشير هنا إلى أن ضمير الإنسان الساقط الوثني، لا يستطيع وحده أن يقنعه بذنبه، رغم أنه يشعر بضميره، أنه يرتكب خطيئة ضد الله والإنسان وذلك بسبب نقص معرفته الحقيقية لإرادة الله، فكان يمارس الفحشاء أثناء ممارسته لطقوسه الدينية (راجع رسالة رومية 1: 18 – 26)، معتقداً أنه يرضي الإله إذ ليس لضميره شريعة يلتصق بها سوى التي يشعر بها في قلبه. 

    إن الضمير المعطى من الله يحتاج إلى تدريب وتربية ليتم تنشيطه وتكييفه. لذلك يقول الرسول «لذلك أنا أيضاً أدرب نفسي ليكونليدائماً ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس»(سفر أعمال الرسل 24: 16). أي أنه يدرب نفسه ليزداد تكيفاً مع ظروف الحياة، بما يفرضه المجتمع من أوامر ونواهي من جهة ويزداد تكيفاً في علاقته مع الله لينمو إلى قياس قامة ملء المسيح من جهة أخرى، حتى لا يكون فيما بعد عبداً لشهواته الأنانية، بل يعمل لصالح الآخرين ومن أجل ذاته أيضاً. كما يقول في إنجيل متى «تحب قريبك كنفسك»(متى 22: 39).

    هذا الضمير الأخلاقي يتشكل وينشط نتيجة للشعور بالالتزام نحو عادات وقوانين المجتمع، والالتزام باتباع الخير الأسمى، الذي هو الله، كما أطلق عليه هذا اللقب القديس أوغسطينوس.

    خصائص الضمير: يتميز الضمير بعدة صفات أهمها:

    • القدرة على الحكم واتخاذ القرار:

    يقول في الرسالة لأهل كورنثوس «لأنه لماذا يُحكم في حريتي من ضمير آخر»  (كورنثوس الأولى 10: 29) أي لماذا أعرّض نفسي للوم أخي المؤمن كأني مذنب بتصرفي بمقتضى حريتي دون التفات إلى ما يظنه من عملي، إذ من الحقائق الواضحة في الحياة أنه بين الآخرين من يراقبنا، وهناك من يتمثلون بنا في سلوكهم.

    وعندما يقول «ليكون لي ضميربلا عثرة من نحو الله والناس»(سفر أعمال الرسل 24:16) فهو يبين أن الضمير الحي قادر على الحكم واتخاذ القرار حيث إن القدرة على الحكم تتأتى بناء على معايير للسلوك. فالضمير الأخلاقي ينشئ قراراته بناء على تمسكه بقيم أخلاقية مثالية. والضمير لا يكون أخلاقياً إلا إذا كان نزيهاً، أي يتوجه نحو القيم المطلقة للأخلاق.

    وهكذا فإن على الضمير الأدبي الحي مسؤولية الشر أو الخير الذي نفعله. به نحكم على ذواتنا وعلى الآخرين.

       2- القدرة على التمييز بين الخير والشر:

    إن الضمير ليس معصوماً من الخطأ. لذلك يقع الإنسان بعمل ما هو شر. فالضمير الحي لديـه القـدرة على التمييز بين الخير والشر والاختيـار الحـر بينهما. فيقول في الرسالة إلى العبرانيين «وأماالطعام القوي فللبالغين الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدربة على التمييز بين الخير والشر»(عبرانيين 5: 14). فالذين بلغوا درجة عالية من النمو الروحي وأدركوا التعاليم السامية واستفادوا منها، صارت حياتهم المسيحية مستقيمة ومدربة على التمييز بين الخير والشر، فالنفس التي تعودت على طاعة الضمير الحي وسماع تنبيهاته وطاعة أحكامه المستمدة مما أعلنه الله في الكتاب المقدس كفّت عن الذهاب وراء الشر واتجهت نحو الخير الأسمى. 

    ومن جهة أخرى، فإن الضمير يقوم بالتأمـل والابتـكار والاحتكاك بالضمائر الأخرى ليستنير أكثر ويتسع أفقه، ليحصل على ما يلزمه من إرادة خيّرة.

    3-الضمير حالة تتصف بالقوة والضعف:

    فالضميرعندما يكون قوياً، يكون شديد الإحساس بالشر، يلوم كيما يقودنا إلى اتباع الأفضل واختيار الصالح. وعندما يكون فاتراً ضعيفاً، تكون تأنيباته عندما نقع في الخطأ والخطيئة خفيفة باهتة، وكأني به قد أصابه التلف فهو قليل الإحساس بالشر. ويسعى الإنسان في هذه الحالة للتخلص من تأنيب الضمير وتثقله بالخطية. ويسميه هنا كاتب الرسالة للعبرانيين بالضمير الشرير «مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير»(عبرانيين 10: 22). لأن الخطية أضعفته وشوهته.

    2-3-عمل الضمير :

    يعمل الضمير شاهداً، مشتكياً ومحتجاً، موجهاً ومجادلاً. «شاهداً أيضاًضميرهم وأفكارهم في ما بينها مشتكية أو محتجة»(رسالة رومية 2: 15)

    كما يعمل جالباً للرضى والسرور وللشعور بالألم أيضاً للنفس البشرية«إن لم تلمنا قلوبنا...»(رسالةيوحنا الأولى 3: 21). إن لم تلمنا تعني إذا تحققنا من إخلاصنا للهومحبتنا له ولأخوتنا، حصلنا على السلام لضمائرنا. 

    يعمل الضمير على المقارنة بين كلماتنا وأفكارنا وبين إرادة الله (الناموسالأخلاقي الجيد) ثم يصدر أحكامه إن كنا نطيع إرادة الله أم لا. أما الوثني فليس لضميره شريعة يلتصق بها، سوى الشريعة التي يشعر بها في قلبه «لأنه الأمم الذين ليس عندهم الناموس، متى فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس فهؤلاء إذ ليس لهم الناموس هم ناموس لأنفسهم، الذين يُظهرونعمل الناموس في قلوبهم..»     (رسالة رومية 2: 14، 15). لذلك يعمل ضمير الإنسان الطبيعي بطريقة ناقصة بسبب نقص معرفته بإرادة الله وبالتالي يقوده ضميره إلى القيام بممارسات طقسية في العبادة خالية من المعنى. بينما لدى المؤمن إرادة الله المكتوبة.

    خلاصة الأمر، الضمير، ضابط لسلوك الإنسان، في غياب الرقابة الخارجية، إنه محكمة ذاتية. ومع الشعور بالواجب والكرامة والشرف، يعطي الفرصة للمرء لكي يدرك مسؤولياته الأخلاقية الجيدة أمام الله والذات والناس، إنه ناقل للأخلاق الاجتماعية والدينية. إنه مرجع أخلاقي رفيع المستوى، لكنه غير نقي على الدوام، إذ قد يُخدع أحياناً. لذلك لا يجوز اعتبار الضمير وحده مقياساَ للأعمال والأفكار ذات الصفة الأخلاقية الجيدة.

    2-3-1- تأنيب الضمير:

    يعني وخزات الضمير، أو إحساس بسيط بالخزي (إحساس بالخجل أو الحياء) وشـعوربالذنب أمام الله، أو أمام الناس، أو أمام الاثنين معـاً. إنه لوم للذات بسبب خروجهاعن قاعدة أخلاقية جيدة أو عصيانها لأمر إلهي.

    لقد سجل لنا الكتاب المقدس، بدءاً من صفحاته الأولى، حالة تأنيب للضمير ذلك عندما ارتكب آدم وحواء خطيئتهما، بعصيانهما أمر الرب، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب، حتى قبل أن يسمعا أسئلته وتأنيباته «وسمعاصوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار. فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة»(سفر التكوين 3: 8).

    كذلك صاح قايين عندما تلطخت يداه بدم أخيه: خطيئتي أثقلت كاهلي فلا أستطيع حملها «فقال قايين للرب ذنبي أعظم من أن يُحتمل»(سفر التكوين 4: 13). ثم هام على وجهه تائهاً وهارباً في الأرض، يسعى للاختباء من وجه الرب.

    تأنيب الضمير هذا، قد يقود إلى الندم الذي يظهر بقبول العقاب الناتج عن العصيان وارتكاب الخطأ، والندم لا يعني عدم العودة إلى التمرد مرة أخرى بل هناك فرصة ثانية وثالثة لارتكاب الذنوب، لذلك يقول الرب في كلمته على لسان إرميا النبي «مللت من الندامة»(سفر إرميا15: 6). إلا أن الندامة قد تطفئ الأخلاق السيئة وتقود إلى التوبة، التي تظهر بالتصميم على تجنب فعل الشر وعمل الخير في المستقبل.«من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يُقر بها ويتركها يُرحم»(سفر الأمثال 28: 13).

    إلا أن بعض الذين يعيشون حياة مريحة، ليست فيها شدائد، يرون أن التوبة ليست ضرورية وأساسية في حياتهم، والتمسك بأمور الدين هو من العصور القديمة التي عفا عنها الزمان، وبالتالي لا يعترفون بحياة الطهارة، ولا يشعرون بالذنب عندما يرتكبون الإثم، وذلك بسبب طغيان المادية على حياتهم. وهؤلاء يصيبهم ضرر روحي ونفسي، لاستخفافهم بالأمور الروحية. «يحجزون الحق بالإثم»(رسالة رومية 1: 18). «لذلك أسلمهم الله أيضاً فيشهوات قلوبهم إلى النجاسة»      (رومية 1: 24).

    2-3-2- رضا الضمير:

    ذلك الشعور الناشئ عن الاعتقاد بأن الإنسان قد عمل عملاً فاضلاً، أو قد أدى الواجب، وسلك بأسلوب حسن، أو أنه لم يفعل خطيئة، أو لم يساهم في خسارة أو عذاب لغيره.

    لكن الشعور برضا الضمير قد يكون خطراً، لأنه قد يكون مزيفاً. ويظهر هذا النوع من رضا الضمير المخادع في الحالات التالية:

     1- عندما يظن أو يتوهم الإنسان أن ما فعله كان صحيحاً. «تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله»(إنجيل يوحنا 16: 2).

    في أيام ألمانيا النازية، صار المواطن الألماني المتأثر بالدعاية النازية، يشعر بتأنيب الضمير إن هو عمل خيراً لأحد أفراد الشعوب المحتقرة.

    2- عندما يظن الإنسان أن عدم القيام بعمل ما، أفضل من القيام به، لأن القيام بالعمل قد يؤدي إلى خطأ أو ارتكاب خطيئة. كما حدث مع العبد أو الأجير عندما لم  يوظف الوزنة التي أخذها من سيده، بسبب خوفه من قسوة هذا السيد. (راجع مثل الوزنات في إنجيل متى 25: 14– 30). يقول يعقوب «فمن يعرف أن يعمل حسناً ولا يعمل فذلك خطية له»(رسالة يعقوب 4: 17).

    3- عندما يحابي الإنسان في الحكم، بالتغاضي عن المساوئ، وتذكّر الجوانب الحسنة فقط دون الرديئة، وذلك بسبب نقص في الفهم، وسوء في تحليل الموقف. يقول المسيح بشأن عدم المحاباة في الحكم «فإن كان الإنسان يقبل الختان في السبت لئلا ينقض ناموس موسى، أفتسخطون عليّ لأني شفيت إنساناً كله في السبت.لا تحكموا حسب الظاهر بل احكموا حكماً عادلاً»(إنجيل يوحنا 7: 24) والحكم العادل غير المتحيز يحتاج إلى الأدلة، لئلا يقع في خطية المحاباة. «إن كنتم تُحابون تفعلون خطية»(رسالة يعقوب 2: 9).

    4- عندما يحمّل الإنسان نفسه ما لا تطيق، تلبية لأوامر ضمير غافل يطالبه بالكمال، وهو لا يعرف مشيئة الله بشكل كامل من جهة أمر معين. لذلك يحدد الكتاب المقدس المجال لقدرة الإنسان على التحمل، فيقول مثلاً من جهة العلاقات

     

    بين الناس: «إن كان ممكناً فحسـب طاقتكم سالمواجميع الناس»(رسالة رومية 12: 18). إن كان ممكناً، تستلزم أنه لا يمكن للمسيحي أن يسالم جميع الناس دائماً، لأنه كثيراً ما تتعذر المسالمة بين أصحاب الحق وفاعلي الشر. إن هذا الضمير الغافل هو ضمير حساس للغاية. صحيح أن الضمير الحساس يساعد  المؤمن على تجنب الكثير من السقطات، لكن الضمير المفرط في الحساسية والمَرَضي، هو ضمير غافل، ونجده بين المسيحيين غير الناضجين، بسبب فهمهم الناقص لإرادة الله، كما نجده بين المسيحيين الأكثر نضوجاً، الذين فقدوا الاتصال بالنعمة الإلهية، واعتمدوا على أنفسهم في حفظ الشريعة واتباع المسيح.

    5- عندما ضمير الإنسان لا يعارضه في سيره وراء شهواته ونزواته غير المقدسة، لأنه ضمير قاسٍ «إذ هم مظلمو الفكر ومتجنبون عن حياة اللهلسبب الجهل الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم. الذين إذ هم قد فقدوا الحس أسلموا أنفسهم للدعارة .. »(رسالة أفسس 4: 18، 19).ويعني بـ فقدوا الحس، أن ضمائرهم توقفت عن أن توبخهم أو تنهاهم عن فعل الشر.

    2-3- 3- إسكات (تجاهل) الضمير:

    نشعر بالراحة والطمأنينة عندما نصغي لصوت ضميرنا، فنسمح له أن يملي مطالبه على إرادتنا، فيؤدي عمله بسلام. لكن عندما تتجه هذه الإرادة نحو التمرد ورفض الخضوع له ولإنذاراته، يضعف عمله فينا ويفقد قدرته على إصدار أحكامه، ويتم إسكاته وتجاهله على النحو التالي:

            آ- نثابر على التمرد ضد أحكامه، للتخلص من تنبيهاته قبل العصيان وتبيكته بعد العصيان، فيضعف تأثيره الإيجابي، ونصاب بظلمة داخلية. «حمقوا في أفكارهم وأظلم قلبهم الغبي»(رسالة رومية 1: 21)، أي انحطوا بتفكيرهم إلى الحماقة وصار قلبهم لغباوته مظلماً.

            ب- ندافع عن رغباتنا ونزواتنا غير المقدسة ونبررها بطريقة تبدو منطقية. «الشرير يفتخر بشهوات نفسه»(سفر المزامير 36: 4). «يتفكربالإثم على مضجعه يقف في طريق غير صالح. لا يرفض الشر»(سـفر المزامير 36: 4). ثم نتهم الظروف والناس بأنهم وراء سقوطنا في الخطية.

            ت- نعيش بجانب الخطية ونهادنها، لكوننا مظلمي البصيرة ومتغربين عن الحياة القريبة من الله، بسبب ما فينا من جهل و قسوة قلب.«إذ هم مظلموالفكر ومتجنبون عن حياة الله، لسبب الجهل الذي فيهم، بسبب غلاظة قلوبهم»      (رسالة أفسس 4: 18). والكتاب المقدس يعلّم «حِد عن الشر واصنع الخير،اطلب السلامة واسع وراءها»(سفر المزامير 34: 14).

            ث- نُحزِن الروح القدس «ولكنهم تمردوا وأحزنوا روح قدسه»(سفر أشعياء 63: 10). والروح القدس يعمل على تبكيت العالم على الخطية. «ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة»(إنجيل يوحنا 16: 8) ويقدم للعالم البرهان على الخطية، لأنهم لم يؤمنوا بالمسيح المخلص. وعندما نحزنه نضعِف عمله في تبكيت ضمائرنا على الخطية التي نقع في حبائلها.

            ج- نسقط في التجربة، وهذا السقوط يجردنا من المقاومة. والضمير الحساس وسيلة قوية للمقاومة. بينما الضمير النائم والذي تم إسكاته وتجاهله ضمير غير حساس فلا يلاحظ الخطر إلا بعد فوات الأوان. والسقوط في التجربة يسبقه البحث عن حياة المتعة الوقتية في الخطية. يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين عن موسى: «مفضلاً بالأحرى أن يُذل مع شعب الله على أن يكونله تمتع وقتي بالخطية»(عبرانيين 11: 25). 

            ح- نمتنع عن إقامة علاقة وثيقة مع الله. والعيش وفق حياة الطهارة.    «تكثر أوجاعهم الذين أسرعوا وراء آخر»(سفر المزامير 16: 4)

    ويقوم البعض بإسكات ضميرهم وتجاهله، وبالتالي لا يعترفون  بذنوبهم بسبب الكبرياء والاعتداد بالنفس، أو بسبب الخوف من تحويل حياتهم إلى أمر لا يطاق بسبب ملاحقة ضميرهم لهم.

    2-4- الضمير المسيحي:

    إن الضمير موجود لدى كل الناس. فهو عند المسيحي يؤكد على الشـريعة المعلنة في الكتاب المقدس لأنه يؤمن بها، وهو عند الوثني ينوب عن الشريعة المكتوبة، لأنه عندما يعرف القيم الأخلاقية الجيدة، ويقبلها،  يعلن أن هذه الشريعة محفورة في قلبه. «لأنه الأمم الذين ليس عندهم ناموس.... فهؤلاء إذ ليس لهم ناموس همناموس لأنفسهم  الذين يظهرون عمل الناموس مكتوباً في قلوبهم»(رسالة رومية 2: 14، 15).

    فالضمير بحد ذاته ليس ميزة مسيحية، لكنه مُعد لتقبل بذار الإنجيل، فالمسيح ينير كل إنسان. «ينير كلإنسان آتياً إلى العالم»(إنجيل يوحنا 1: 9). فكثيراً ما يتعلم المسيحي من الآخرين، إذ كثير ما  يكون«أبناء هذا الدهر أحكم من أبناءالنور في جيلهم»(إنجيل لوقا 16: 8). كما يتعلم المسيحي من الطبيعة لتهذيب ضميره «أم ليست الطبيعة نفسها تعلمكم أن الرجل إن كانيرخي شعره فهو عيب له»   (رسالة كورنثوس الأولى 11: 14). إلا أن ضمير الإنسان المسيحي يُنار بالإنجيل، وينتعش بالمحبة التي أسُسها معلنة بالكتاب المقدس. إلا أن الضمير المسيحي يتميز عن غيره من الضمائر بما يلي:

    2-4-1-يصدر أحكامه ويتخذ قراراته الأخلاقية بناء على المحبة،  التي تجعل كل المعايير والشرائع خاضعة لها، لهذا كسر المسيح ربنا وصية السبت ليقدم رحمة بدافع المحبة. (راجع إنجيل متى 9: 10–  13).لكنها لا تلغيالناموس، لكن تسمو فوقه. لأن«المحبة لا تصنع شراً للقريب. فالمحبة هيتكميل الناموس»    (رسالة رومية 13: 10).لأن غاية الناموس المحبة لله  وللناس.

    2-4-2- يتخذ الضمير معيار المحبة لقراراته لأنها نافعة للبنيان دائماً باعتبارهاجوهر الوصايا الإلهية. (راجع قصة السامري في إنجيل لوقا 10: 30 – 37).

    2-4-3- يتبنى الضمير المسيحيمحبة القريب، وأيضاً محبة العدو باعتبار أن المحبة المسيحية ليست ميلاً عاطفياً فقط، لكنها أيضاً إرادة الخير لجميع الناس. «وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكموصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم»(إنجيل متى 5: 44).

    وخاتمة الأمر، الضمير يدل على قدرة الإنسان على القيام بمراقبة الذات الأخلاقية، ومطالبتها بتأدية واجباتها، وتقييم وتقويم ما قامت به من أعمال وأقوال وأفكار.

    كما يتجلى دوره في مقاومة النقائص وتنمية الفضائل الشخصية، الذي هو مطلب أخلاقي وفق معايير، إن كانت هذه المعايير مطلقة (مثالية) أو معايير نسبية تستحسنها التربية التي يتربى عليها الشخص في بيئته، وتتفق مع تعاليم الكتاب المقدس.

    ويبقى الأمر المحير للضمير، هو اتخاذ القرار المناسب المنسجم بين الأخلاق المثالية الموجودة في تعاليم الكتاب المقدس، والتطبيق اليومي لهذه الأخلاق. والسؤال الذي يطرح نفسه، إلى أي مدى يمكن أن تكون المحبة المسيحية وحدها كافية لردم الهوة بين المثالية والتطبيق الواقعي للأخلاق؟

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    المــراجــع

     

    المراجع باللغة العربية:

    1ً- إدي، وليم، (1973)، الكنز الجليل في تفسير الإنجيل الجزء الخامس، مجمع الكنائس في الشرق الأدنى، بيروت.

    2ً- إدي، وليم، (1973)، الكنز الجليل في تفسير الإنجيل الجزء السادس، مجمع الكنائس في الشرق الأدنى، بيروت.

    3ً- إدي، وليم، (1973)، الكنز الجليل في تفسير الإنجيل الجزء السابع، مجمع الكنائس في الشرق الأدنى، بيروت.

    4ً- إدي، وليم، (1973)، الكنز الجليل في تفسير الإنجيل الجزء الثامن، مجمع الكنائس في الشرق الأدنى، بيروت.

    5ً- بدوي، عبد الرحمن، (1976)، الأخلاق النظرية، ط2 وكالة المطبوعات، الكويت.

    6ً- تيتارينكو، ألكسندر، (1990)، علم الأخـلاق، دار التقدم موسكو.

    7ً- ري، تيودول، ( 1993)، الخلقية، ترجمة مرعي، أمين منشورات معهد الليتورجيا، جامعة الروح القدس، الكسليك، لبنان.

    8ً- فارس، فايز، (1992 )، علم الأخلاق المسيحية، الجزء الثاني، دار نوبار للطباعة، القاهرة.

    - فيليبس، ج.ب،(بلا تاريخ)، ما أصغر إلهك، المنشورات

    المعمدانية، مطبعة قلفاط، بيروت.

    10ً-كون، إيغور، (1983)،معجم علم الأخلاق، ترجمة سلوم، توفيق ، دار التقدم، مكتبة الطالب،  موسكو.

    11ً- مارش، وليم، ( 1973 )، السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم، الجزء الرابع، مجمع الكنائس في الشرق الأدنى، بيروت.

    12ً-مصطفى، إبراهيم، وآخرون (1960)، المعجم الوسيط ط3، القاهرة.

    13ً- هالسبي، أ، (1985)، الضمير، تعريب جرجور، نجيب ط2، منشورات دار النفير، بيروت.

     

    المراجع باللغة الإنكليزية:

    14- Zacharias, Ravi, (1997), Cries of The Heart Library of Congress Cataloging–in Publication Data, U.S.A